ينبع الفساد في شخصية الإنسان من تعرضه للتسمم والسحق من الشيطان، ومن الضرر المذهل الذي أصاب به الشيطان تفكيره وأخلاقه وبصيرته وعقله. ولهذا بالتحديد، أي لأن هذه المكونات الأساسية في الإنسان قد أفسدها الشيطان، وأصبحت لا تشبه على الإطلاق الصورة التي خلقها الله عليها في الأصل، بات الإنسان يعارض الله ولا يفهم الحق. لهذا، ينبغي أن يبدأ تغيير شخصية الإنسان بإدخال تغييرات في تفكيره وبصيرته ومنطقه بحيث تؤدي إلى تغيير معرفته عن الله ومعرفته عن الحق. أولئك الذين ولدوا في أكثر بقاع الأرض فساداً هم أكثر جهلاً بماهية الله، أو بما يعنيه الأيمان بالله. فكلما كان الناس أكثر فسادًا تضاءلت فرصة علمهم بوجود الله، وزاد ضعف منطقهم وبصيرتهم. إن مصدر معارضة الإنسان وتمرده على الله هو الإفساد الذي ألحقه به الشيطان. ولأن ضمير الإنسان قد أفسده الشيطان، فإنه أصبح مخدرًا، وغير أخلاقي، واضمحلت أفكاره، وأصبحت لديه نظرة ذهنية متخلفة. أما قبل أن يفسد الشيطان الإنسان، فقد كان الإنسان يتبع الله بالطبيعة ويطيع كلماته. كان بطبيعته يتمتع بتفكير سديد وضمير سليم وطبيعة بشرية سليمة. أما بعدما أفسده الشيطان أُصيب منطقه وضميره وإنسانيته الأصليين بالتبلد ولحقها التلف بفعل الشيطان. وبهذه الطريقة، فقد طاعته ومحبته لله. أصبح منطق الإنسان شاذًا، وأصبحت شخصيته مشابهة لشخصية الحيوان، وأصبح تمرده على الله أكثر تكراراً وأشد إيلاماً. ومع ذلك فإن الإنسان لا يعلم ذلك ولا يلاحظه، وبكل بساطة يعارض ويتمرد. إن الكشف عن شخصية الإنسان هو تعبير عن تفكيره وبصيرته وضميره، ولأن عقله وشخصيته فاسدان، ولأن ضميره تخدّر إلى أقصى حد، فقد أصبحت شخصيته متمردة على الله. إذا كان تفكير الإنسان وبصيرته غير قابلين للتغيير، فإن التغييرات في شخصيته تصبح غير واردة؛ حيث يصبح حسب قلب الله. إذا كان تفكير الإنسان غير سليم، فإنه لا يكون قادراً على خدمة الله ويصبح غير صالح لأن يستخدمه الله. المقصود من "التفكير العادي" هو طاعة الله والإخلاص له، والشوق إليه، والتوجه إليه بطريقة لا لبس فيها، وامتلاك ضمير متجه نحو الله. والمقصود منه أيضًا هو أن يتوحّد القلب والعقل تجاه الله، لا في الاتجاه المعارض عمدًا لله. إن مَنْ يمتلكون "تفكيراً ضالاً" ليسوا على هذه الشاكلة. فمنذ أن أفسد الشيطان الإنسان أنتج هذا الأخير تصورات عن الله، ولم يعد لديه ولاء أو شوق إلى الله، فضلاً عن ضمير يتجه نحو الله. يعارض الإنسان الله عن عمد ويصدر الأحكام عليه، إضافة إلى أنه يرشقه بمفردات القدح من وراء ظهره. يعرف الإنسان بوضوح أنه الله، ومع ذلك يستمر في إدانته من وراء ظهره، وليس لديه أي نية لأن يطيعه، ولا يتوجه سوى بالمطالب والطلبات العمياء إلى الله. لا يمتلك هذا النوع من الناس، أي الناس الذين يمتلكون تفكيراً ضالاً، القدرة على ملاحظة تصرفاتهم الخسيسة أو الشعور بالندم على تمردهم. إذا كان الناس يمتلكون القدرة على معرفة أنفسهم، فبإمكانهم استعادة القليل من قدرتهم على التفكير المنطقي، وكلما ازداد تمرد الناس على الله بينما يجهلون أنفسهم، ازداد انحراف تفكيرهم.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أن تكون شخصيتك غير متغيرة يعني أنك في عداوة مع الله