من أجل استعادة صورة الشخص الطبيعي، أي لتحقيق الطبيعة البشرية، لا يمكن للناس إرضاء الله بكلماتهم فقط. إنهم يؤذون أنفسهم فقط عندما يفعلون ذلك، ولا يجلب هذا أي فائدة لدخولهم وتغييرهم. وهكذا، لبلوغ التغيير يجب على الناس أن يمارسوا شيئًا فشيئًا، وأن يدخلوا ببطء، ويسعوا ويستكشفوا خطوة بخطوة، ويدخلوا من الناحية الإيجابية، ويعيشوا حياة حقٍّ عملية؛ أي حياة قديس. بعد ذلك، تسمح الأشياء الحقيقية والأحداث الحقيقية والبيئات الحقيقية للناس بالتدريب العملي. لا يُطلب من الناس تقديم خدمة لفظية؛ بل أن يتدربوا بدلًا من ذلك في بيئات حقيقية. يدرك الناس أولًا أن طبيعتهم ضعيفة، ثم يأكلون ويشربون من كلام الله بشكل طبيعي، ويدخلون فيه ويمارسونه بشكل طبيعي أيضًا؛ بهذه الطريقة فقط يمكنهم نيل الحقيقة، وهذه هي الطريقة التي قد يحدث بها الدخول بسرعة أكبر. من أجل تغيير الناس يجب أن يكون هناك بعض التطبيق العملي؛ إذ يجب أن تكون الممارسة في أشياء حقيقية، وأحداث حقيقية، وبيئات حقيقية. هل يمكن للمرء الحصول على تدريب حقيقي بالاعتماد على حياة الكنيسة وحدها؟ هل يمكن للناس أن يدخلوا إلى الحقيقة بهذه الطريقة؟ كلا. إذا كان الناس غير قادرين على الدخول إلى الحياة الحقيقية، فهم غير قادرين إذًا على تغيير نمط حياتهم وطرقهم القديمة في القيام بالأشياء. ليس السبب في ذلك كليًا هو كسل الناس ومستوى اعتماديتهم المرتفع، بل بسبب أن الناس ببساطة لا يملكون القدرة على العيش، وعلاوةً على ذلك، ليس لديهم أي فهم لمقياس الصورة التي وضعها الله للإنسان الطبيعي. في الماضي، كان الناس دائمًا يتكلمون ويتحدثون ويتواصلون – حتى إنهم أصبحوا "خطباء" – ومع ذلك، لم يسعَ أي أحد منهم إلى تغيير في شخصيته الحياتية؛ وبدلًا من ذلك سعوا بصورة عمياء إلى نظريات عميقة. بالتالي يجب على الناس اليوم أن يغيروا هذا النمط الديني في الإيمان بالله في حيواتهم. عليهم الدخول في الممارسة من خلال التركيز على حدث واحد، وأمر واحد، وشخص واحد. يجب عليهم فعل ذلك بتركيز؛ فحينها فقط يمكنهم تحقيق نتائج. لكي يتغير الناس، يجب أن يبدأ ذلك بتغيير في جوهرهم، ويجب أن يستهدف العمل جوهر الناس، وحياتهم، وكسلهم واعتماديتهم وخنوعهم؛ بهذه الطريقة فقط يمكن أن يتغيروا.
على الرغم من أن حياة الكنيسة يمكن أن تأتي بنتائج في بعض النواحي، يظل الأمر الأساسي أن الحياة الحقيقية يمكنها تغيير الناس، ولا يمكن تغيير طبيعة المرء القديمة دون حياة حقيقية. دعونا نأخذ على سبيل المثال عمل يسوع خلال عصر النعمة. عندما أبطل يسوع النواميس السابقة وأرسى وصايا العصر الجديد، تحدث مستخدمًا أمثلة واقعية من الحياة الحقيقية. بينما كان يسوع يقود تلاميذه في حقل الحنطة ذات سبت، شعر تلاميذه بالجوع وقطفوا سنابل الحبوب ليأكلوها، رأى الفريسيون ذلك وقالوا إنهم لم يحفظوا السبت. كما قالوا إنه لم يكن مسموحًا للناس أن ينقذوا الثيران التي تسقط في حفرة أيام السبت قائلين إنه لا يمكن القيام بأي عمل خلال السبت. استشهد يسوع بهذه الأحداث ليعلن تدريجيًّا عن وصايا العصر الجديد. في ذلك الوقت، استخدم العديد من الأمور العملية لمساعدة الناس على الفهم والتغيير. هذا هو المبدأ الذي يتمم من خلاله الروح القدس عمله، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تُغيّر الناس. دون الأمور العملية، لا يستطيع الناس إلا أن يكتسبوا فهمًا نظريًا وعقليًّا – وهذه ليست طريقة فعَّالة للتغيير. إذًا كيف يمكن للمرء اقتناء الحكمة والبصيرة من خلال التدريب؟ هل يمكن أن يقتني الناس الحكمة والبصيرة ببساطة عن طريق الاستماع والقراءة وتقدُّمهم في المعرفة؟ كيف يمكن أن يكون الأمر كذلك؟ يجب أن يفهم الناس ويختبروا في الحياة الحقيقية. لذلك، يجب على المرء أن يتدرب، ولا يجب على المرء الخروج من الحياة الحقيقية. يجب على الناس الاهتمام بالجوانب المختلفة والدخول في جوانب مختلفة: منها المستوى التعليمي، والقدرة على التعبير، والقدرة على رؤية الأشياء، والفطنة، والقدرة على فهم كلام الله، والحس السليم والقواعد الإنسانية، وأمور أخرى تتعلق بالإنسانية يجب على الناس أن يتجهّزوا بها. بعد تحقيق الفهم، يجب أن يركز الناس على الدخول، وعندئذ فقط يمكن تحقيق التغيير. إذا نال أحدهم الفهم ولكنه أهمل الممارسة، فكيف يمكن أن يحدث التغيير؟ يفهم الناس الكثير حاليًّا، لكنهم لا يحيون بحسب الحقيقة، وبالتالي فهم قادرون على نوال القليل من الفهم الموضوعي لكلام الله. لقد تم تنويرك هامشيًا فقط؛ لقد تلقيْتَ إضاءة قليلة من الروح القدس، ومع ذلك لم تدخل في الحياة الحقيقية، أو ربما لم تكن مهتمًا بالدخول، وبالتالي لن تحظى سوى بالقليل من التغيير. بعد فترة طويلة من الزمن، يفهم الناس الكثير، ويقدرون على التحدث كثيرًا عن معرفتهم بالنظريات، لكن شخصيتهم الخارجية لا تزال كما هي، وما زال عيارهم الأصلي كما كان، لا يحقق أي تقدم. إذا كانت هذه هي الحال، متى ستدخل في النهاية؟
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. مناقشة حياة الكنيسة والحياة الحقيقية