إذا كنتَ ترغب حقاً في الوصول إلى طريق الحياة الأبدية، وكنتَ جادًا في بحثك عنه، أجب أولاً عن هذا السؤال: أين يوجد الله اليوم؟ ربما تجيب دون أي شك أن الله يسكن السماء، فهو لا يعيش في منزلك، أليس كذلك؟ وربما تقول إن الله موجود بكل تأكيد بين كل الأشياء، أو تقول إن الله يحيا في قلب كل إنسان، أو إنه موجود في عالم الروح. لا أنكر عليك أيًّا من تلك الإجابات، لكن دعني أوضح الأمر لك. القول بأن الله يحيا في قلب الإنسان ليس صحيحًا تمامًا، لكنه أيضًا ليس خطأ تمامًا؛ ذلك لأنه يوجد من بين المؤمنين به مَنْ كان إيمانه مستقيمًا، ومَنْ كان إيمانه غير مستقيم، ويوجد مَنْ تزكّى من الله، كما أنه يوجد مَنْ لم يتزكّ منه، ويوجد مَنْ يُسِر الله، كما يوجد مَنْ يُرذِله الله، ويوجد مَنْ يكمّله الله، كما أنه يوجد مَنْ يرفضه. لذلك أقول إن الله لا يعيش إلا في قلوب قِلَّة من الناس، وأولئك – من دون شك – هم الذين يؤمنون به إيمانًا صادقًا، أولئك الذين يزكيهم الله، صانعو مسرّته وأولئك الذين يكمِّلَهم. هم الذين يقودهم الله، ولأن الله يقودهم، فهم أولئك الذين سمعوا عن طريق الحياة الأبدية ورأوه. أما أولئك الذين لا يؤمنون بالله إيمانًا مستقيمًا، الذين لا يزكّيهم الله، إنما يزدريهم، وأولئك الذين يبيدهم الله، هؤلاء عتيدون أن يُرفَضوا من قِبَل الله، وأن يظلوا محرومين من طريق الحياة، جاهلين بمكان وجود الله. وبالمقابل، أولئك الذين يسكن الله قلوبهم يعرفون مكانه. هم الذين يهبهم الله طريق الحياة الأبدية وأولئك الذين يتبعون الله. هل عرفتَ الآن أين يوجد الله؟ إنه في قلب الإنسان وبجانبه أيضًا. ليس في عالم الروح وفوق كل الأشياء فحسب، إنما بالأكثر موجود على الأرض حيث يعيش الإنسان. لذلك فإن مجيء الأيام الأخيرة قد نقل عمل الله إلى دائرة جديدة. الرب يملك على كل شيء في الكون، وهو عمادُ قلب الإنسان، وبالأكثر موجود أيضًا بين البشر. بهذه الطريقة وحدها يستطيع الله أن يقدم طريق الحياة للبشرية، وأن يأتي بالإنسان إلى طريق الحياة. لقد أتى الله إلى الأرض وها هو يعيش بين البشر لعل الإنسان يعرف طريق الحياة وينال الوجود. وفي الوقت نفسه، يضبط الله كل ما في الكون لعله يتعاون مع تدبيره بين البشر. لذلك إذا كنتَ تقرّ فقط بمبدأ وجود الله في السماء وفي قلب الإنسان، لكنك لا تقرّ بحقيقة وجوده بين البشر، فلن تدرك الحياة ولن تصل إلى طريق الحق.
الله نفسه هو الحق والحياة، والحق والحياة متلازمان. لذلك فإن مَنْ لا يستطيع أن يصل إلى الحق لن يصل مطلقًا إلى الحياة. فبدون إرشاد الحق ودعمه وعنايته لن تصل إلا إلى مجرد حروف وعقائد لا بل إلى الموت نفسه. حياة الله موجودة دائمًا، وحقه وحياته متلازمان. إذا تعذر عليك العثور على مصدر الحق، فلن تصل إلى طعام الحياة، وإذا تعذر عليك أن تصل إلى طعام الحياة، فبالتأكيد لن تدرك الحق، حينئذٍ، وبعيدًا عن التصورات والمفاهيم النظرية، يصبح جسدك كله لحمًا فحسب، لحماً نتنًا. اعلم أنَّ كلمات الكتب لا تُعتَبَر حياةً، وأنَّ سجلات التاريخ لا تُكرَّم كالحق، وعقائد الماضي لا يمكن اعتبارها تسجيلاً للكلام الذي يتكلم به الله اليوم. إن ما يعبّر عنه الله عندما يجيء إلى الأرض ويعيش بين البشر هو الحق والحياة وإرادة الله ومنهجه الحالي في العمل. إذا طَبَّقْتَ الكلمات التي نطق بها الله في العصور السالفة على حياتنا اليوم تصبح كعالم الآثار، ويكون أفضل وصفٍ لك أنك خبيرٌ في الإرث التاريخي، ذلك لأنك تؤمن دائمًا بالآثار الباقية لعمل الله الذي أتمّه في الأزمنة الماضية، وتصدّق فقط الظلّ الذي تركه الله في عمله السابق بين البشر، كما وتؤمن فقط بالمنهج الذي سلَّمه الله لمن تبعه في الأزمنة الماضية. فأنت لا تؤمن بمسار عمل الله اليوم وسماته المجيدة، كما ولا تؤمن بالطريقة التي يستخدمها الله الآن في التعبير عن الحق. لذلك فأنت – بلا شك – حالم بعيد كل البُعد عن الواقع. إذا كنت مُتمسّكًا الآن بكلماتٍ لا تقدر أن تحيي الإنسان، فأنت غصنٌ يابس ميؤوس منه، ذلك لأنك محافظ أكثر من اللازم ومعاند جداً ومنغلق تماماً أمام المنطق!
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. وحده مسيح الأيام الأخيرة قادر أن يمنح الإنسان طريق الحياة الأبدية