Read more!
Read more!

تأملات مسيحية: لم أعد عبداً للمال

كثيرًا ما قال لي والدي في طفولتي: "يا ابني، ليست عائلتنا ثريةً، فإن أردت شيئًا، يجب أن تكسب المال. عندما تملك المال، ستملك كل شيء!" مذاك، كان حلمي أن أجني الكثير من المال في مهنتي كي تعيش عائلتي حياة جيدة.

عندما كبرت وأنهيت المدرسة، عملت كمتدرّب في مطعم وكأمين مستودع في مصنع مواد كيميائية. مع أنّ العمل أنهكني، إلاّ أنّه عند رؤية أنّ المال الذي كنت أكسبه يزداد تدريجيًا، ظننت أنّ كل هذا يستحقّ العناء مهما كان العمل متعبًا.

لاحقًا، ساعدني أحد أقاربي على إيجاد وظيفة في شركة ملابس، وقال لي الرئيس: "طالما تعمل بجد، سرعان ما ستتمكّن من شراء سيارة وبيت". عند سماعه يقول هذا، طالت معنوياتي في العمل حد السماء، وصببت كل تفكيري على عملي. لكن بعد مرور بعض الوقت، لم أتمكّن من الحصول حتى على عقد واحد. فحذّرني أحد مدرائي قائلًا: "لا يكفي أن تكون مستعدًا للعمل بجد في هذا المجتمع. يجب أن تنمّي علاقات شخصيةً!" بعد سماع هذا الكلام المفيد من المدير، غرقت في تفكير عميق: أنا انطوائي وأنا سيئ جدًا في إقامة علاقات شخصية. لكن إن لم أغيّر طريقة تفاعلي مع الناس وأمتثل لهذا التوجّه، فلن أجني المال. بهذه الطريقة، لن نتمكن أنا وعائلتي من العيش بسعادة أبدًا… تصارعت مع هذه الفكرة لبعض الوقت، ثمّ، ومن أجل جني الكثير من المال، بدأت أتعلّم من زملائي مبدأ تقديم الهدايا وتنيمة علاقات مع مدراء من شركات متنوعة. غالبًا ما كنت أدعو الزبائن إلى تناول الغداء والشراب أيضًا، وأذهب معهم إلى حانات الكاريوكي. في إحدى المرات، كنت قد خرجت من المدينة لدعوة زبون إلى العشاء، وبما أنّني أسرفت في شرب الكحول، تقيّأت كثيرًا عندما عدت إلى غرفة الفندق. شعرت بألم كبير في معدتي، إنّما الألم في قلبي كان أشدّ. فكّرت فيما قمت به لتغيير نفسي من أجل جني المال، وفي حضور كل أنواع النشاطات الاجتماعية باستمرار، وتملق الآخرين والاضطرار إلى لعب الأدوار، وحتى الاضطرار إلى احتساء الكحول كل يوم، ما أضرّ بجسمي. بعد كل نشاط اجتماعي، شعرت بإعياء جسدي وعقلي. آه! أتذكّر أنّ أحد زملائي قال ذات مرة ساخرًا: "في صبانا، نبيع حياتنا للمال، لكن عندما نشيخ، نستعمل المال لشراء الحياة!" شعرت ببعض الحزن عندما فكّرت في هذا الكلام. لكنّني شعرت بأنّ عليّ تقبّل هذه المقولة لجني المال كي تعيش عائلتي حياة جيدة!

بعد سنتين، ومع أنّني كنت قد ربحت بعض المال وتمكّنت من شراء سيارة وبيت، كان الضغط عليّ في العمل يزداد مع مرور كل يوم. شعرت بالقمع أكثر فأكثر، وعندما كان يحصل أي شيء غير مُرضٍ، كنت أعجز عن السيطرة على أعصابي مع أفراد عائلتي، فأصبّ غضبي عليهم. راحت علاقتي بعائلتي تزداد برودةً تدريجيًا، ولم نعُد نسمع أي ضحك في منزلنا، وحلّ فراغ أكبر وأكبر في قلبي. شعرت بألم وارتباك كبيرين، ولم أعرف ما كان بوسعي فعله غير جني المال. وبهذه الطريقة، تابعت اجتهادي وانهماكي من أجل المال.

ذات يوم في سبتمبر/أيلول 2009، كان المطر يتساقط، وكنت في سيارتي، ذاهبًا مع زوجتي إلى خارج المدينة لحضور مزاد علني. كنت أقود بسرعة على الطريق السريع، وإذ بالعجلات تبدأ في الانزلاق. فضغطت على المكابح بطبيعة الحال، لكن بما أنّنا كنّا مسرعين جدًا، ارتفعت مقدمة السيارة فجأةً واصطدمنا بحاجز الطريق. فتأرجحنا فورًا من حارة المرور إلى حارة الانتظار الجانبية. سُحقَت مقدمة السيارة كليًا، وسقطت السيارة جانبيًا في خندق يبلغ عمقه 10 أمتار. غمرني خوف شديد آنذاك، فلم أعرف ما عليّ فعله. استدرت وناديت زوجتي. بعد ندائها عدة مرات، ردّت أخيرًا. لحس الحظ أنّ كلانا لم نتأذّ، وتمكنّا من النجاة من حادث سيارة خطير كهذا!

بعد ثلاثة أيام، كنت أرمي بنفسي من جديد في عملي المُجْهِد والناشط، لكنّني كنت أتذكّر ذلك الحادث من حين لآخر وأتساءل: "لو متُّ، فما كانت الجدوى من المال مهما جنيت؟ أملك الآن كل ما أحتاج إليه، فيجب أن أكون سعيدًا بحقّ. إذًا، لماذا لا أشعر بأي سعادة، بل على العكس، أشعر بألم متزايد؟ من أجل كسب المال، أحطّ من قيمة نفسي عبر التزلف إلى مدراء الشركات طوال اليوم، وأعيش بلا ذرّة كرامة، وتسبّب لي هذه العلاقات الشخصية المعقّدة الكثير من القلق. أعاني من صداع نصفيّ، وغالبًا ما يغلبني الأرق ليلًا. يقول الطبيب إنّ من المحتمل جدًا أن أصاب فجأةً بارتفاع بضغط الدم، وإنّ عليّ تناول أدولة صينية كل يوم للاعتناء بنفسي… هل يعقل أن تكون هذه هي الحياة السعيدة التي لطالما حلمت بها؟ ماذا يجدر بي أن أفعل؟ من يستطيع إنقاذي من هذا الألم؟"

في أكتوبر/تشرين الأول عام 2010، قبلنا أنا وزوجتي عمل الله في الأيام الأخيرة، وقرأت كلام الله هذا: "هل العالم هو حقًا مكان راحتك؟ …هل يمكنك حقًا استخدام متعتك العابرة لتغطية فراغ قلبك الذي لا يمكن إخفاؤه؟" (ماذا يعني أن تكون إنسانًا حقيقيًا). "عندما تكون ضجرًا وعندما تبدأ في الشعور بخراب هذا العالم، فلا تتحير ولا تبك. الله القدير، الساهر عليك، سوف يحتضن وصولك في أي وقت. إنه يراقبك وهو بجوارك، في انتظار عودتك. إنه ينتظر اليوم الذي تستعيد فيه ذاكرتك فجأة: فتصبح واعيًا لحقيقة أنك جئت من الله، وبطريقة أو بأخرى، في مكان ما تهت، وسقطت فاقدًا الوعي على جانب الطريق، ومن ثم، دون أن تدري صار لك أبٌ. وتدرك كذلك أن الله القدير كان ساهراً هناك، في انتظار عودتك طوال الوقت" (تنهُد القدير). مدّني كلام الله بشعور بالدفء الشديد. كنت أشبه بقارب صغير يتخبّط بين الأمواج في وسط محيط شاسع وجد أخيرًا ملاذًا آمنًا. فكّرت في السنوات القليلة الأخيرة، مع أنّني جنيت بعض المال وعشت حياةً ماديةً رائعةً، إلاّ أننّي لم أكن سعيدًا مطلقًا. أبقيت نفسي منشغلًا كل يوم بكل أنواع النشاطات الاجتماعية، متنقلًا من مكان إلى آخر للحفاظ على علاقات اجتماعية معقّدة متنوعة إلى أن غمرني إنهاك جسدي وعقلي وشعرت بأنّ ليس لحياتي هدفًا أو اتجاهًا. الشكر لله! بينما بلغت الحضيض في حياتي، أظهر لي الله الرحمة والطيبة وقرّبني منه. بقراءة كلام الله، بدأت أفهم أنّ الله لطالما كان بجانبي، يعتني بي ويرافقني وينتظرني كي أعود إليه. اختبرت في كلام الله دفء محبته ورأيت أملًا بالحياة. بعد ذلك، كلما حظيت باستراحة، كنت أهدّئ نفسي أمام الله وأقرأ كلامه.

ذات يوم، قرأت كلام الله هذا:" وبما أن الإنسان قد وُلد في هذه الأرض القذرة، فقد تعرض لابتلاء شديد من المجتمع، وتأثر بالأخلاق الإقطاعية، وحظي بالتعليم في "معاهد التعليم العالي". نجد أن التفكير المتخلف، والأخلاقيات الفاسدة، والنظرة الدنيئة إلى الحياة، والفلسفة الخسيسة، والوجود الذي لا قيمة له على الإطلاق، وأسلوب الحياة والعادات المتسمة بالانحراف – كل هذه الأشياء دخلت عنوة إلى قلب الإنسان، وأفسدت ضميره وهاجمته بشدة. ونتيجة لذلك، أصبح الإنسان بعيداً كل البعد عن الله، وراح يعارضه أكثر من أي وقت مضى" (أن تكون شخصيتك غير متغيرة يعني أنك في عداوة مع الله). "من بين هذه الأمور التي يعبدها الناس – المعرفة، والمكانة، والشهرة والربح، والثروة، والسلطة – أيّ منها يحبه الله؟ أيّ منها أمور إيجابية؟ أيّ منها تمتثل للحق؟ لا شيء منها! لكنّ هذه الأمور موجودة في كل شخص، وكل شخص يحبّها. من العلاقات بين الأشخاص وسلوكهم تجاه الآخرين، نرى أنّ الناس يعلّقون أهميةً كبرى على المكانة والسلطة والثروة" (عناصر الكفر في الإنسان وطبيعة الإنسان التي تخون الله). فهمت من كلام الله أنّ سبب عيشي في هذا الألم هو فساد الشيطان وتسميمه إياي. منذ طفولتي، أثّرت فيّ عائلتي ونمّتني وعلّمتني بديهيات الحياة الشيطانية: "المال ليس كل شيء، ولكن بدونه لا تستطيع أن تفعل شيئًا ""المال أولًا" "لا يمكنك أن تفرح سوى بالمال"، وما إلى ذلك، وتقبّلت هذه البديهيات في قلبي. دافعت كثيرًا عن المال وآمنت بأنّني لن أبلغ السعادة سوى إن امتلكت المال، وأملت أن أصبح ثريًا ذات يوم. ومن ثمَّ، بعد أن اندمجت في المجتمع، كان قلبي قد امتلأ بالمال، وكنت مستعدًا لتكبّد أي شيء بشرط أن أجني المال، لدرجة أنّني تبعت توجّهات شريرةً ولم أتورّع عن التخلي عن كرامتي والتملق للزبائن. استخدمت وسائل مثل ترفيه الناس وتقديم الهدايا للحفاظ على علاقات شخصية، ودعوت الناس إلى العشاء والشرب، واضطررت إلى احتساء الكحول إلى إن عجزت عن الوقوف. تنقّلت من مكان ترفيه إلى آخر، ولم أملك حتى وقت أقضيه مع عائلتي. بل بالأحرى كنت أفقد أعصابي عندما أكون معهم بسبب تعرّضي لضغط كبير، إلى أن أصبحت علاقتي بعائلتي علاقة جفاء. ومع هذا، لطالما بقيت قلقًا من أنّني لم أحافظ جيدًا على بعض العلاقات مع الزبائن، وغالبًا ما كنت أعجز عن النوم بسبب هذا القلق. فأُصِبت بكل أنواع الأمراض، ووصلت إلى مرحلة كنت فيها على عجلة من أمري كي أحضر مزادًا علنيًا لحدّ أنّني تعرّضت لحادث سيارة وكدت أموت. دافعت عن الثراء ولاحقته بلا تفكير، وأفسدت جسدي عبر الإنهاك وخسرت كل كرامتي بسبب المال. أصبحت عبدًا للمال، ومع هذا، لم أظنّ أبدًا أنّ كل ما سأحصل عليه بالمقابل هو جسم متعب وقلب متألم! حينها فقط أدركت أنّ بديهيات الحياة الشيطانية التي لطالما تمسّكت بها كانت خاطئةً وشريرةً، وأنّ كل ما فعلَته هو جعلي أكثر أنانيةً وخداعًا. كنت أعيش بقناع الشيطان، والله كره هذا وأبغضه.

ثم قرأت كلام الله هذا: "يأتي مصدر الحياة من الله لكل المخلوقات، مهما اختلف شكلها أو بنيتها… أنه من دون رعاية الله وحفظه وعطيته، لا يستطيع الإنسان أن يتلقى كل ما كان من المفترض أن يتلقاه، مهما كان ما يبذله من جهد أو كفاح. من دون عطية الحياة من الله، يفقد الإنسان معنى القيمة في الحياة ويفقد معنى الهدف في الحياة" (الله مصدر حياة الإنسان). فهمت من كلام الله أنّه هو الخالق، وأنّ كل ما نحتاج إليه للعيش وكل ما نحتاج إليه في حياتنا متعلّق بتدبير الله لا محالة. لن تعرف قلوبنا الفرح والراحة والسلام ولن تكون لحياتنا قيمة سوى عندما نمثل أمام الله لعبادته، وعندما نسير طبقًا لمقتضياته ونحظى بعنايته وحمايته. إن عشنا بحسب فلسفات الشيطان وبديهياته ولم نخصّص مكانًا لله في قلوبنا، فمع أنّنا قد نكسب المال والمتعة المادية عبر الكفاح والسعي، إلاّ أنّنا سنستمرّ بالشعور بألم لا يُطاق لأنّ قلوبنا فارغة وليس لحياتنا اتجاه. شخص مثلي أنا الذي، وبالرغم من أنّني جنيت بعض المال في السنوات القليلة الأخيرة، وبدوت عبر المظاهر أنّني أعيش حياة مريحة وسعيدة، إلاّ أنّني وبسبب عيشي بحسب سموم الشيطان، شعرت بتعب جسدي وعقلي كل يوم، وعجزَت أي متعة مادية أو راحة جسدية عن تعويض الفراغ والألم في أعمق طيّات قلبي. كنت كسجين مكبّل بسلاسل مصنوعة من ذهب، وحينها فقط فهمت أنّ فراغي وألمي ينبعان من عدم تخصيص مكان لله في قلبي، ومن عدم تلقيّ إرشاد كلام الله وتدبيره، ومن عيشي بلا تفكير بحسب أيديولوجيات الشيطان المغلوطة، ومن دفاعي عن المال وسيطرة الشيطان عليّ وتلاعبه بي. ثم قرأت هذا الكلام الذي قاله الرب يسوع: "اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ ٱلسَّمَاءِ: إِنَّهَا لَا تَزْرَعُ وَلَا تَحْصُدُ وَلَا تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ ٱلسَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِٱلْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟" (متى 6: 26). نعم، بالفعل، تعيش طيور السماء بحرية بالاعتماد على ما يُعدّه لها الله، ويصحّ هذا أكثر معنا نحن البشر. يُعدّ لنا الله كل شيء بوفرة كبيرة، وأنا آمنت بأنّ الله كان قد حضّر كل شيء في حياتي بطريقة مثالية. حدّد الله كمية المال التي جنيتها كل يوم وقدّرها مسبقًا، وأدركت أنّه لم يعُد يجدر بي أن أعيش بسموم الشيطان كما فعلت في السابق. تمنّيت وضع وظيفتي وحياتي بين يدَي الله والخضوع لتنظيمات الله وترتيباته. شعر قلبي باسترخاء أكبر بعد أن فهمت هذا.

بعد فترة وجيزة، اتّصل بي شخص من إحدى الشركات وقال إنّه يريد شراء مجموعة ملابس، ويريد الاجتماع بي لمناقشة الأمر. عندما سمعت هذا، قلت في نفسي: في السابق، لم أحصل على زبائن سوى إن دعوتهم إلى العشاء وقدّمت لهم الهدايا وأخذتهم لاحتساء الكحول. الآن، يأخذ الزبائن المبادرة للعمل معي. لم أعتقد أبدًا أنّ هذا قد يحصل. ثم فكّرت: مع أنّ هذا الزبون اتّصل بي كي نجتمع، إلاّ أنّه من غير الضروري أن يوقّع عقدًا معي! هل يجب أن أدعوه إلى الشرب أو أقدّم له الهدايا؟ هذا طلب شراء كبير، وإن خسرته، فسأخسر الكثير من المال! ثمّ فكّرت في المسألة من جديد: لله سلطان على كل شيء، فهو يقرّر ما إن كان هذ الزبون سيوقّع عقدًا لهذا الطلب أم لا. لا أستطيع أن أتصرّف كالسابق وأدعو الناس إلى الخروج وأقدّم لهم الهدايا من أجل جني المال. لا أستطيع سوى أن أتفاعل بشكل عادي مع الزبائن، وستأخذ الطبيعة مجراها مع كل شيء آخر. بينما خطرت لي هذه الأفكار، شعر قلبي بأنه موجّه وبأنّه أكثر راحةً بكثير.

بعد أن التقيت بالزبون، أطلعته بهدوء على وضع الشركة وتفاعلت معه تفاعلاً طبيعيًا جدًا. لم أتصرّف كما في الماضي، بخنوع وتذلل كما هي عادتي عندما حان وقت توقيع العقد. في النهاية، وافق الزبون على توقيع العقد معي ووعد بدفع 30 بالمئة من الكلفة مسبقًا، وكانت هذه نسبةً أكبر بكثير ممّا توقّعت! في هذا القطاع، من الصعب جدًا إقناع زبون بتوقيع عقد من دون دعوته إلى الشرب وتقديم الهدايا له. لم أعتقد أبدًا أنّني سأنجح بنيل هذا العقد، وكانت هذه بركة الله فعلًا! من هذه التجربة، ازداد اقتناعي بأنّ لله الكلمة الفصل في كمية المال التي يجنيها الناس، وأصبحت أكثر تصميمًا على العيش بكلام الله وعدم اتباع التوجهات الشريرة والتملق للزبائن والسماح للشيطان بأن يقيّدني ويضرّ بي لأجل المال.

في السابق، كنت أنشغل بالتزامات اجتماعية طوال اليوم، وأنتقل من مركز ترفيه إلى آخر كحانات الشرب وحانات الكاريوكي وملاهي الرقص. الآن، لم أعُد أذهب إلى أي من هذه الأماكن. يقول الكتاب المقدس: "اَلذَّكِيُّ يُبْصِرُ ٱلشَّرَّ فَيَتَوَارَى، وَٱلْحَمْقَى يَعْبُرُونَ فَيُعَاقَبُونَ" (أمثال 22: 3). تمتلئ هذه الأماكن بالشهوة والغواية والمساومة والرغبات الجسدية، وهي أماكن يغري فيها الشيطان الناس ويفسدهم؛ لم أعُد مستعدًا لاتباع توجهات شريرة أو الغرق في الغواية والابتعاد عن الله من أجل كسب المال. عندما ركّزت انتباهي على تهدئة قلبي أمام الله وقراءة كلامه والتأمل في الحق، وركّزت على السعي إلى الحق وممارسته في الأمور التي أواجهها، ومن دون أن أعي، لم يعُد الأرق يغلبني بسبب الهموم، وقلّ صداعي النصفي بدرجة ملحوظة وتحسّن مزاجي. قال كل أفراد عائلتي وأصدقائي: "أنت أشبه برجل مختلف الآن. ثمة فرق واضح في طريقة كلامك وتصرفك بالمقارنة مع السابق". شكرت الله بصدق عند سماع هذا. فكان تغييري هذا نتيجةً أحرزتها عبر كلام الله!

لاحقًا، بشّرت والدايّ بالإنجيل، وبعد وقت من السعي والتحقّق، قبلا عمل الله في الأيام الأخيرة بسرور. الآن، كلّما نحظى بالوقت، نحضر اجتماعات معًا كعائلة، ونناقش فهمنا لكلام الله ومعرفتنا إياه. عندما تحصل لنا أمور، نتمكّن دائمًا من الكلام عليها بصراحة والبحث عن الحقيقة لحل مشاكلنا. يعجّ منزلي بصدى الضحكات والأصوات السعيدة، ونحن ننسجم انسجامًا أفضل وبسعادة أكبر من ذي قبل.

هذا هو اختباري. مع أنّه مملوء بالألم والحزن، إلاّ أنّني بلغت السلام والبهجة في النهاية. قدّرت فعلًا أنّ امتلاك المال لا يعني السعادة الحقيقية. لا يستطيع المال نزع القلق والألم والفراغ في قلوبنا، فضلاً عن أنه لا يمكنه شراء السلام والبهجة. ليس المال أو أي غرض مادي هو أكثر الأمور قيمةً في الحياة، بل إنّها قدرتنا على المثول أمام الله، وقبول خلاصه، والسعي إلى الحق، والتصرف طبقًا لكلامه في كل الأمور، واختبار الأوضاع التي نواجهها كل يوم عبر الاعتماد على كلام الله، والاعتماد على الله بينما نتعرّض لكل أنواع الصعاب في وظائفنا، والخضوع لسلطان الله وترتيباته. لا نستطيع أن نتوصّل إلى التحرّر والحرية وأن نرتاح ونشعر بسلام سوى عبر العيش بهذه الطريقة، وهذه وحدها هي البركة الحقيقية! بما أنّني تمكّنت من التحول من شخص انشغل طوال اليوم في جني المال، إلى مسيحي يشعر الآن بلا مبالاة حيال الشهرة والثروة، فقلبي ممتلئ بامتنان لله، وأعرف أنّ هذا التغيير يعود حتمًا لكلام الله. الشكر لله!

Share