القائمة

لأعلى التالي

كلمات الله اليومية: شخصية الله وما لديه وماهيته | اقتباس 245

21 2020-11-15

إن شخصية الله موضوع يبدو مجرّدًا جدًا للجميع، بل وليس من السهل على الجميع قبوله، لأن شخصيته لا تشبه شخصية الإنسان. لله أيضًا مشاعره الخاصة من الفرح والغضب والحزن والسعادة، لكن تختلف هذه المشاعر عن مشاعر الإنسان. الله هو ما هو عليه وهو ما لديه. كل ما يعبِّر عنه ويكشفه هو تمثيل لجوهره وهويته. ما هو عليه وما لديه، وكذلك جوهره وهويته، هي أشياء لا يمكن استبدالها بأي إنسان. وتشمل شخصيته حبه للبشرية، وعزاءه للبشرية، وكراهيته للبشرية، بل وأكثر من ذلك، فهمه الشامل للبشرية. غير أن شخصية الإنسان قد تكون متفائلة أو مفعمة بالحياة أو متبلّدة. إنّ شخصية الله تُنسب إلى المُهيمِن على الكائنات الحيّة من بين كلّ الأشياء، وإلى ربّ كل الخليقة. وتمثل شخصيته الشرف والقوة والنبل والعظمة، والأهم من ذلك كله، السيادة. إن شخصيته رمز للسلطان، ورمز لكل ما هو بار، ورمز لكل ما هو جميل وصالح. أكثر من ذلك، إنها رمز لمَنْ لا يُغلب ولا يهزمه الظلام ولا أي قوة لعدو، وكذلك رمز لمَنْ لا يُهان من أي مخلوق (ولا يتحمّل الإهانة). إن شخصيته رمز للقوة العليا. لا يمكن لأي شخص أو أشخاص أن يعيقوا عمله أو شخصيته ولا ينبغي لهم. لكن شخصية الإنسان ليست أكثر من مجرد رمز للتفوق البسيط للإنسان على البهائم. ليس للإنسان في ذاته أو من ذاته سلطانًا ولا استقلالية ولا قدرة على تجاوز الذات، بل هو في جوهره الشخص الذي ينكمش خوفًا تحت رحمة كل الناس والأحداث والأشياء. يعود فرح الله إلى وجود البر والنور وظهورهما، وذلك بسبب تدمير الظلام والشر. إنه يفرح لأنه أتي بالنور والحياة الطيبة إلى البشرية؛ إن فرحه هو فرح صالح، ورمز لوجود كل ما هو إيجابي، بل وأكثر من ذلك، أنه رمز للابتهاج. يرجع غضب الله إلى وجود الظلم والاضطراب اللذيْن تسببا في أذية البشرية، وبسبب وجود الشر والظلام، وبسبب وجود الأشياء التي تُبعد الحق، وحتى بسبب وجود أشياء تعارض ما هو صالح وجميل. يرمز غضبه إلى أن كل الأشياء السلبية لم تعُد موجودة، بل والأكثر من ذلك، هو رمز لقداسته. إن حزنه بسبب الإنسان، الذي يحمل آمالاً من جهته، ولكنه سقط في الظلام، لأن العمل الذي يجريه على الإنسان لا يرقى لتوقعاته، ولأن البشرية التي يحبها لا يمكن أن تعيش كلها في النور. إنه يشعر بالأسى تجاه البشرية البريئة، وتجاه الإنسان الأمين ولكنه جاهل، وتجاه الإنسان الصالح ولكنه يفتقر إلى الآراء السديدة. حزنه هو رمز لصلاحه ورحمته، ورمز للجمال واللطف. تأتي سعادته بالطبع من هزيمة أعدائه والظفر بحسن نية الإنسان. أكثر من هذا، إنها تنبع من طرد كل قوات العدو وتدميرها، وبسبب حصول البشرية على حياة صالحة وهادئة. إن سعادة الله لا تشبه فرح الإنسان، بل هي الشعور بالحصول على ثمار جيدة، هي حتى شعور أعظم من الفرح. سعادته هي رمز للبشرية المتحررة من المعاناة من الآن فصاعدًا، ورمز للبشرية التي تستشرف الدخول إلى عالم النور. من ناحية أخرى، تنشأ مشاعر الإنسان بسبب مصالحه الشخصية، وليس من أجل البر أو النور أو ما هو جميل، ولا بالطبع من أجل النعمة التي تمنحها السماء. إن مشاعر البشر أنانية وتنتمي إلى عالم الظلام. لا توجد هذه المشاعر لأجل مشيئة الله، ولا توجد لأجل خطته، وهكذا لا يمكن أبدًا التحدث عن الإنسان والله في السياق نفسه. إن الله هو العَليّ إلى الأبد والمُبَجّل دائمًا، بينما الإنسان وضيع دائمًا، ولا قيمة له أبدًا. هذا لأن الله يقدم التضحيات دائمًا ويكرّس نفسه للبشرية؛ إنما الإنسان دائمًا ما يأخذ لنفسه ويسعى لأجل نفسه فقط. يتحمل الله دائمًا آلامًا من أجل بقاء الإنسان، ولكن لا يعطي الإنسان أي شيء أبدًا من أجل النور أو من أجل البر. وحتى لو بذل الإنسان جهدًا لبعض الوقت، فهو ضعيف جدًا بحيث لا يستطيع تحمُّل ضربة واحدة، لأن جهد الإنسان هو دائمًا من أجل ذاته وليس من أجل الآخرين. إن الإنسان دائمًا أناني، بينما الله دائمًا إِيثارِيّ. إن الله هو مصدر كل ما هو عادلٌ وصالحٌ وجميلٌ، في حين أن الإنسان هو الذي يتبع كل القبح والشر ويظهرهما بوضوح. لن يغيِّر الله أبدًا جوهره من البر والجمال، لكن الإنسان قادرٌ تمامًا في أي وقت وفي أي وضع على خيانة البر والانحراف بعيدًا عن الله.

– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. من المهم جدًا فهم شخصية الله

اترك رد