لا يطلب الله من الناس مجرَّد القدرة على الحديث عن الحقيقة؛ فهذا أمر سهل للغاية، أليس كذلك؟ فلماذا يتكلَّم الله إذًا عن الدخول إلى الحياة؟ لماذا يتكلَّم عن التغيير؟ إذا كان كل ما في وسع الناس هو مجرَّد كلام فارغ عن الحقيقة، فهل يمكنهم أن يحققوا تغييرًا في شخصيتهم؟ لا يتدرَّب جنود المملكة الأكفاء ليكونوا مجموعة من الناس ليس بوسعهم إلَّا الكلام عن الحقيقة أو التباهي؛ بل يتدرَّبون ليحيوا بحسب كلام الله دائمًا، وليبقوا أشدَّاء مهما قابلوا من انتكاسات، وليعيشوا وفق كلام الله، وألَّا يرجعوا إلى العالم. هذه هي الحقيقة التي يتحدَّث عنها الله، وهذا هو ما يطلبه الله من الإنسان. لذلك لا تعتبروا الحقيقة التي تحدَّث عنها الله كأمرِ شديد البساطة. إنَّ مجرَّد الاستنارة من الروح القدس لا تعادل اقتناء الحقيقة؛ هذه ليست قامة الإنسان، بل هي نعمة الله، والتي لا يسهم فيها الإنسان بأي شيءٍ. ينبغي على كل شخص أن يتحمَّل معاناة بطرس، والأكثر من ذلك، أن يقتني مجد بطرس، وهو ما يعيشه بعد أن يقتني عمل الله، وهذا وحده يمكن أن يُسمى حقيقة. إيَّاك أن تظن أنَّك تقتني الحقيقة لأنَّك تستطيع أن تتحدَّث عنها. فهذه مغالطة. مثل هذه الأفكار لا توافق مشيئة الله، وليس لها أي أهمية فعليَّة. إيَّاك أن تقول أشياءَ كهذه في المستقبل، تخلّص من هذه الأقاويل! جميع الذين يفهمون كلام الله فهمًا خاطئًا هم غير مؤمنين، وليست لديهم أي معرفة حقيقية، وبالأحرى، ليست لديهم أي قامة حقيقية، بل هم أناس جهلة تعوزهم الحقيقة. بمعنى آخر، كل أولئك الذين يعيشون خارج جوهر كلام الله هم غير مؤمنين. أولئك الذين يعتبرهم الناس غير مؤمنين هم وحوش في عيني الله، وأولئك الذين يحسبهم الله غير مؤمنين هم أناس ليس لهم كلام الله كحياتهم؛ ومن ثمَّ، يمكن أن يُقال إنَّ أولئك الذين لا يقتنون حقيقة كلام الله ويخفقون في أن يحيوا بحسب كلام الله هم غير مؤمنين. إن قصد الله هو أنْ يجعل كل واحد يحيا بحسب حقيقة كلامه، وليس مجرَّد أن يتكلَّم كل واحد عن الحقيقة؛ لكن الأهم من ذلك أن يمكِّن كل واحد من أن يحيا بحسب حقيقة كلامه. الحقيقة التي يدركها الإنسان سطحية للغاية؛ إنها عديمة القيمة ولا تستطيع أن تحقَّق إرادة الله. إنَّها متدنيَّة جدًا ولا تستحق حتى أن تُذكَر، وهي ناقصة للغاية وأبعد ما تكون عن معايير متطلَّبات الله. سوف يخضع كل واحد منكم لفحصٍ جوهري لأرى مَنْ منكم لا يعرف إلَّا الحديث عمّا تفهمونه دون أن يستطيع الإشارة إلى الطريق، وكذلك لأكتشف مَنْ منكم مجرَّد نفاية عديمة الفائدة. تذكَّر هذا من الآن فصاعدًا! لا تتحدَّث عن معرفة فارغة، بل تحدَّث فقط عن طريق الممارسة وعن الحقيقة. تحدَّث عن التحوُّل من المعرفة الحقيقية إلى الممارسة الحقيقية، ثم التحوُّل من الممارسة إلى الحياة الحقيقية. لا تعظ الآخرين، ولا تتحدَّث عن المعرفة الحقيقية. إن كان فهمك طريقًا، فدَع كلماتك تمضي بحريةٍ عليه، أمَّا إن لم يكن طريقًا، فمن فضلك اُصمت وتوقف عن الكلام؛ فإنَّ ما تقوله عديم النفع. إنَّك تتحدَّث عن الفهم كي تخدع الله وتجعل الآخرين يحسدونك. أليس هذا طموحك؟ ألا تتلاعب عن عمد بالآخرين؟ هل في هذا أي قيمة؟ إن كنت تتحدَّث عن الفهم بعد أن تكون قد اختبرته، فلن تُرى على أنك تتباهى، وإلَّا فلستَ سوى شخص يتفوَّه بكلمات متعجرفة. توجد أمور عديدة في ممارستك الفعليَّة لا تستطيع أن تتغلَّب عليها، ولا يمكنك أن تتمرَّد على جسدك. إنَّك تفعل دائمًا ما يحلو لك، ولا ترضي مشيئة الله أبدًا، لكن تظل لديك الجرأة على الحديث عن فهم نظريّ. يا لك من وقح! ما زالت لديك الجرأة على الحديث عن فهمك لكلام الله. كم أنت وقح! لقد أصبح الوعظ والتباهي طبيعتك، وأصبحتَ معتادًا على القيام بهذا. عندما ترغب في الحديث، يسهل عليك ذلك، لكنَّك تنهمك في التنميق عندما يتعلَّق الأمر بالممارسة. أليست هذه طريقة لخداع الآخرين؟ ربما تستطيع أن تخدع البشر، لكن الله لا يمكن أن ينخدع. لا يتمتَّع البشر بالوعي أو التمييز، لكنّ الله يأخذ تلك الأمور بجدية، ولن يصفح عنك. ربما يدافع عنك إخوتك وأخواتك ويمدحون فهمك ويُعجَبون بك، ولكن إن لم تقتني الحقيقة، فلن يصفح الروح القدس عنك. ربما لن يسعى الإله العملي وراء عيوبك، لكن روح الله سيتجاهلك، وسيكون ذلك صعبًا لتتحمَّله. هل تصدِّق هذا؟ أكْثِر من الحديث عن حقيقة الممارسة. هل نسيت بالفعل؟ أكْثِر من الحديث عن الطرق العملية. هل نسيت بالفعل؟ "قلل من الحديث عن النظريات السامية والحديث المتكلَّف عديم القيمة، ومن الأفضل أن تبدأ الممارسة من الآن". هل نسيتَ هذه الكلمات؟ ألا تفهم مطلقًا؟ أما تدرك مشيئة الله؟
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ليس اقتناء الحقيقة إلَّا ممارسة الحق