القائمة

لأعلى التالي

كلمات الله اليومية: الدخول إلى الحياة | اقتباس 491

143 2020-12-29

إن الخضوع الذي يطلبه الله من الناس إبّان ظهوره في الجسد لا يتضمن عدم إصدار الأحكام أو المقاومة، كما يتصورون، بل يطلب أن يتخذ الناس من كلامه مبدأ لحياتهم وأساسًا لبقائهم، وأن يمارسوا جوهر كلامه تمامًا، وأن يتمّوا مشيئته بصورة مطلقة. إن مطالبة الناس بإطاعة الله المتجسد تشير، من جانب، إلى وضع كلامه موضع التطبيق، ومن جانب آخر، إلى القدرة على الخضوع لحالته الطبيعية والعملية، وكلاهما يجب أن يكونا مطلقين. أولئك القادرون على تحقيق كلا الجانبين، هم أولئك الذين يُكِنّونَ لله حبًا صادقًا في قلوبهم. إنهم جميعًا أناس قد اقتناهم الله، وكلهم يحبون الله محبتهم لحياتهم. يحمل الله المتجسد في عمله طبيعة بشرية عادية وعملية. وبهذه الطريقة، تصبح قشرته الخارجية من تلك الطبيعة البشرية العادية والعملية معًا اختبارًا هائلاً للناس، وتغدو بمثابة أكبر صعوبة تعترضهم. ولكن ليس بالإمكان تفادي الجانب الطبيعي والعملي لله. لقد جرَّب الله كل شيء ليجد حلاً، لكنه لم يتمكن في النهاية من أن يخلّص ذاته من القشرة الخارجية لتلك الطبيعة البشرية العادية؛ ذلك لأنه، – في النهاية – هو الله المتجسد، وليس إله الروح في السماء. إنه ليس الإله الذي لا يستطيع الناس أن يروه، بل هو الإله الذي يلبس قشرة خارجية لواحد من الخلائق. لهذا، لن يصبح تخلصه من قشرة طبيعته البشرية العادية سهلاً على الإطلاق. لذلك، وبغض النظر عن أي شيء آخر، فإنه لا يزال يقوم بالعمل الذي يريد أن يعمله من منظور الجسد. وهذا العمل هو التعبير عن الإله الطبيعي والعملي، فكيف يستسيغ الناس عدم الخضوع؟ ما الذي يا تُرَى يستطيع الناس أن يفعلوه حيال تصرفات الله؟ إنه يعمل كل ما يريد أن يعمله، ومهما كان ما يسعده فإنه هكذا يكون. إن لم يخضع الناس، فأي خطط سليمة أخرى يمكن أن تكون لديهم؟ حتى الآن، يبقى الخضوع وحده القادر على تخليص الناس، ولا يوجد أحد لديه أية أفكار بارعة أخرى. إذا شاء الله أن يختبر الناس، فماذا بوسعهم أن يفعلوا حيال ذلك؟ لكنَّ هذا كله لا يمثل فكرة الإله الذي في السماء، بل فكرة الإله المتجسد. إنه يريد أن يفعل هذا، فلا يستطيع أحد أن يغيره. إن الله الذي في السماء لا يتدخل فيما يفعله الله المتجسد، أليس هذا سببًا كافيًا يوجب على الناس أن يخضعوا له؟ على الرغم من أنه عملي وطبيعي على السواء، فهو الإله المتجسد بشكل كامل. إنه يفعل كل ما يريد أن يفعله مستندًا إلى أفكاره الخاصة. لقد سلَّمه الله الذي في السماء كل المهام؛ لذلك ينبغي أن تخضع لأي شيء يفعله. وعلى الرغم من أنَّ له طبيعة بشرية وأنه طبيعي للغاية، فإن هذا كله من ترتيبه المقصود، فكيف ينظر الناس إليه مندهشين في استهجان؟ إنه يريد أن يكون عاديًا، لذلك فهو عادي. إنه يريد أن يعيش في طبيعة بشرية، لذلك فهو يعيش في طبيعة بشرية. إنه يريد أن يعيش في طبيعة إلهية، لذلك فهو يعيش في طبيعة إلهية. يستطيع الناس أن يروها كيفما أرادوا. يظل الله هو الله دائمًا، ويظل الناس هم الناس دائمًا. لا يمكن إنكار جوهره بسبب بعض التفاصيل الطفيفة، ولا يمكن إخراجه من "شخص" الله بسبب شيء واحد صغير. يتمتع الناس بحرية البشر، ويتمتع الله بكرامة الإله؛ وهذان لا يتداخل أحدهما مع الآخر. ألا يستطيع الناس أن يمنحوا الله قليلاً من الحرية؟ ألا يسعهم احتمال كون الله أقل تكلفًا؟ لا تكونوا صارمين جدًا مع الله، فكل واحد يجب أن يكون لديه تحمل للآخر، أفلا يمكن حينذاك تسوية كل الأمور؟ هل يمكن أن يظل هناك أي تنافر؟ إن لم يستطع المرء أن يتحمل أمرًا تافهًا كهذا، فكيف يمكنه حتى التفكير في أن يكون شخصًا سَمْحًا، أو إنسانًا حقيقيًا؟ ليس الله هو من يسبب مصاعب للبشرية، بل البشرية هي التي تسبب لله المصاعب. فهُم يتعاملون دائمًا مع الأمور بأن يصنعوا من الحبة قبة. إنهم حقًا يختلقون أشياء من العدم، في حين أنها غير ضرورية مطلقًا. عندما يعمل الله في طبيعة بشرية عادية وعملية، فإن ما يعمله ليس عمل البشر، بل عمل الله. لكن الناس لا يرون جوهر عمله، بل لا يرون دائمًا سوى القشرة الخارجية لطبيعته البشرية. لم ير الناس عملاً بهذه العظمة، لكنهم يصرون على رؤية الطبيعة البشرية العادية والطبيعية له، ولا يتخلون عنها. كيف يُسمَّى ذلك خضوعًا أمام الله؟ لقد "تحوّل" الله الذي في السماء الآن إلى الله الذي على الأرض، والله الذي على الأرض هو الآن الله الذي في السماء. لا يهم إذا كان لهما نفس المظاهر الخارجية ولا تهم مدى دقة عملهما. في نهاية المطاف، إن مَنْ يعمل العمل الخاص بالله هو الله ذاته، وعليك أن تخضع سواء أردتَ أم لم ترد؛ فليس هذا بأمر تملك الخيار فيه، بل ينبغي على الناس إطاعة الله، ولا بد أن يخضع الناس لله دون أدنى احتجاج.

الجماعة التي يريد الله المتجسد أن يقتنيها اليوم هُم أولئك الذين يمتثلون لمشيئته. إنهم ليسوا في حاجة إلا إلى الخضوع لعمله، والتوقف دائمًا عن الانشغال بأفكار الإله الذي في السماء أو الحياة في حالة من الإبهام أو جعل الأمور صعبة على الإله المتجسد. أولئك القادرون على طاعته هم الذين يصغون لكلامه ويخضعون لترتيباته تمامًا، ولا يشغل مثل هؤلاء الناس أذهانهم مطلقًا بما يمكن أن يكون عليه الإله الذي في السماء أو نوعية العمل الذي يقوم به الله في السماء حاليًا بين البشر، لكنهم يسلّمون كل قلوبهم لله الذي على الأرض، ويضعون كل كيانهم أمامه. إنهم لا يقيمون أي اعتبار لسلامتهم الذاتية، ولا يثيرون جَلَبةً مطلقًا حول الجانب الطبيعي والعملي لله المتجسد. وبإمكان أولئك الذين يخضعون لله المتجسد أن ينالوا منه الكمال. أما أولئك الذين يؤمنون بالله الذي في السماء فلن يربحوا شيئًا؛ وذلك لأن الذي يمنح الوعود والبركات للناس ليس هو الإله الذي في السماء بل الإله الذي على الأرض. يجب ألا يعمد الناس دائمًا إلى تعظيم الإله الذي في السماء والنظر إلى الإله الذي على الأرض كأنه مجرد شخص عادي؛ فهذا غير عادل. الإله الذي في السماء عظيم وبديع وصاحب حكمة رائعة، لكنَّ ذلك غير موجود إطلاقًا. الإله الذي على الأرض عادي ومتواضع للغاية وهو أيضًا طبيعي للغاية، وليس لديه عقل فائق للطبيعة، ولا يقوم بأعمال مذهلة للغاية، بل يعمل ويتكلم بطريقة عادية وعملية جدًا. رغم أنه لا يتكلم من خلال الرعد، ولا يأمر الريح والمطر، فهو في الحقيقة يجسد الإله الذي في السماء، وهو بالفعل الإله الذي يعيش بين الناس. يجب ألا يعظّم الناس ذاك الذي يستطيعون أن يفهموه والذي يتفق مع ما يتصورونه أنه الله، بينما ينظرون نظرة دونية إلى ذاك الذي لا يستطيعون أن يقبلوه ولا أن يتخيلوه مطلقًا. وهذا كله يأتي من تمرد الناس، وهو المصدر الوحيد لمقاومة البشرية لله.

– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أولئك الذين يحبون الله حقًا هم أولئك الذين يمكنهم الخضوع تمامًا لجانبه العملي

اترك رد