القائمة

لأعلى التالي

كلمات الله اليومية: معرفة الله | اقتباس 75

130 2020-06-30

الرب يسوع يُطعم الخمسة آلافٍ

يوحنا 6: 8-13 "قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلَامِيذِهِ، وَهُوَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ: "هُنَا غُلَامٌ مَعَهُ خَمْسَةُ أَرْغِفَةِ شَعِيرٍ وَسَمَكَتَانِ، وَلَكِنْ مَا هَذَا لِمِثْلِ هَؤُلَاءِ؟". فَقَالَ يَسُوعُ: "ٱجْعَلُوا ٱلنَّاسَ يَتَّكِئُونَ". وَكَانَ فِي ٱلْمَكَانِ عُشْبٌ كَثِيرٌ، فَٱتَّكَأَ ٱلرِّجَالُ وَعَدَدُهُمْ نَحْوُ خَمْسَةِ آلَافٍ. وَأَخَذَ يَسُوعُ ٱلْأَرْغِفَةَ وَشَكَرَ، وَوَزَّعَ عَلَى ٱلتَّلَامِيذِ، وَٱلتَّلَامِيذُ أَعْطَوْا ٱلْمُتَّكِئِينَ. وَكَذَلِكَ مِنَ ٱلسَّمَكَتَيْنِ بِقَدْرِ مَا شَاءُوا. فَلَمَّا شَبِعُوا، قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: "ٱجْمَعُوا ٱلْكِسَرَ ٱلْفَاضِلَةَ لِكَيْ لَا يَضِيعَ شَيْءٌ". فَجَمَعُوا وَمَلَأُوا ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ ٱلْكِسَرِ، مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةِ ٱلشَّعِيرِ، ٱلَّتِي فَضَلَتْ عَنِ ٱلْآكِلِينَ".

ما معنى مفهوم "خمسة أرغفةٍ وسمكتين"؟ كم عدد الأشخاص الذين ستكفيهم خمسة أرغفةٍ وسمكتان في المعتاد؟ إذا قستم بناءً على شهيّة الشخص العاديّ، فسوف يكون ذلك كافيًا لشخصين فقط. هذا هو المفهوم الأساسيّ لخمسة أرغفةٍ وسمكتين. ومع ذلك، ما عدد الناس الذي يُسجّله المقطع على أنهم شبعوا من خمسة أرغفةٍ وسمكتين؟ يُسجّل الكتاب المُقدّس هذا بهذه الطريقة: "وَكَانَ فِي ٱلْمَكَانِ عُشْبٌ كَثِيرٌ، فَٱتَّكَأَ ٱلرِّجَالُ وَعَدَدُهُمْ نَحْوُ خَمْسَةِ آلَافٍ". بالمقارنة مع خمسة أرغفةٍ وسمكتين، هل خمسة آلافٍ من الناس عددٌ كبير؟ ما الذي يعنيه أن هذا العدد كبيرٌ جدًّا؟ من منظورٍ بشريّ، سوف يكون من المستحيل تقسيم خمسة أرغفةٍ وسمكتين على خمسة آلاف شخصٍ، لأن الفرق بينهما كبيرٌ للغاية. وحتّى لو أخذ كلّ شخصٍ قضمةً صغيرة فقط، فإنه لا يزال غير كافٍ لخمسة آلاف شخصٍ. ولكن الرّبّ يسوع صنع معجزةً هنا – فهو لم يكتفِ بأن سمح لخمسة آلاف شخصٍ بأن يأكلوا ويشبعوا وحسب، ولكن فضل عنهم الطعام أيضًا. يقول الكتاب المُقدّس: "فَلَمَّا شَبِعُوا، قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: "ٱجْمَعُوا ٱلْكِسَرَ ٱلْفَاضِلَةَ لِكَيْ لَا يَضِيعَ شَيْءٌ". فَجَمَعُوا وَمَلَأُوا ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ ٱلْكِسَرِ، مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةِ ٱلشَّعِيرِ، ٱلَّتِي فَضَلَتْ عَنِ ٱلْآكِلِينَ". جعلت هذه المعجزة الناس يرون هويّة الرّبّ يسوع ومكانته، وسمحت لهم أيضًا بأن يروا أنه لا شيء يستحيل على الله – لقد رأوا حقيقة قدرة الله الكليّة. كانت خمسة أرغفةٍ وسمكتان كافية لإطعام خمسة آلافٍ، ولكن إذا لم يوجد أيّ طعام فهل كان بإمكان الله إطعام خمسة آلاف شخصٍ؟ بالطبع كان بإمكانه! كانت هذه معجزةٌ، ولذلك شعر الناس حتمًا بأن هذا كان أمرًا غير مفهومٍ وشعروا بأنه كان لا يُصدّق وغامض، ولكن عمل مثل هذا الشيء بالنسبة إلى الله كان في منتهى البساطة. وبما أن هذا كان شيئًا عاديًّا في نظر الله، فلماذا يُخصّص للتفسير؟ لأن ما يكمن وراء هذه المعجزة يتضمّن مشيئة الرّبّ يسوع التي لم تكتشفها البشريّة مطلقًا.

لنحاول أوّلاً فهم نوعيّة الناس الذين شكّلوا هؤلاء الخمسة آلافٍ. هل كانوا أتباعًا للرّبّ يسوع؟ نعرف من الكتاب المُقدّس أنهم لم يكونوا أتباعًا له. هل عرفوا مَنْ هو الرّبّ يسوع؟ كلا بالطبع! فعلى أقلّ تقديرٍ، لم يعرفوا أن الشخص الواقف أمامهم هو المسيح، أو ربّما عرف بعض الناس مُجرّد اسمه وعرفوا أو سمعوا شيئًا ما عن الأشياء التي صنعها. كان يتملّكهم الفضول حول الرّبّ يسوع من القصص، ولكن لا يمكنكم بالتأكيد القول بأنهم كانوا يتبعونه، فضلاً عن أنهم لم يكونوا يفهمونه. عندما رأى الرّبّ يسوع الخمسة آلاف شخصٍ هؤلاء، كانوا جائعين ولم يُفكّروا سوى في إشباع جوعهم، ولذلك كان المطلوب أن يُلبّي الرّبّ يسوع رغباتهم. عندما أرضى رغباتهم، ماذا كان في قلبه؟ ماذا كان موقفه تجاه هؤلاء الناس الذين لم يريدوا سوى إشباع جوعهم؟ في هذا الوقت، كانت أفكار الرّبّ يسوع وموقفه يتعيّن أن يرتبط بشخصيّة الله وجوهره. في مواجهة هؤلاء الخمسة آلافٍ من الناس الذين كانت بطونهم فارغة ولم يريدوا سوى تناول وجبة كاملة، وفي مواجهة هؤلاء الناس الذين تملّكهم الفضول والآمال عنه، لم يُفكّر الرّبّ يسوع سوى باستخدام هذه المعجزة لمنحهم نعمة. ومع ذلك، لم يرفع من سقف آماله في أن يصبحوا أتباعه، لأنه عرف أنهم لم يريدوا سوى المرح والأكل، ولذلك صنع أفضل ما كان لديه واستخدم خمسة أرغفةٍ من الخبز وسمكتين لإطعام خمسة آلاف شخصٍ. فتح أعين هؤلاء الناس الذين استمتعوا بالضيافة وأرادوا رؤية المعجزات ورأوا بأعينهم الأشياء التي كان يمكن أن يُتمّمها الله المُتجسّد. مع أن الرّبّ يسوع استخدم شيئًا ملموسًا لإرضاء فضولهم، إلّا أنه كان يعرف بالفعل في قلبه أن هؤلاء الخمسة آلاف شخصٍ لا يريدون سوى تناول وجبة جيّدة، ولذلك لم يقل أيّ شيءٍ على الإطلاق ولم يعظهم على الإطلاق – فقد سمح لهم فقط بأن يروا هذه المعجزة تحدث. لم يقدر أن يعامل هؤلاء الناس مطلقًا كما تعامل مع تلاميذه الذين اتّبعوه حقًّا، ولكن في قلب الله كانت جميع المخلوقات تحت حكمه، وكان يسمح لجميع المخلوقات في عينيه بالاستمتاع بنعمة الله عند الضرورة. مع أن هؤلاء الناس لم يعرفوه أو يفهموه ولم يكن لديهم أيّ انطباعٍ خاص عنه أو تقديرٍ له حتّى بعد أن أكلوا الأرغفة والسمكتين، إلّا إن الله لم يعترض على هذا – فقد منح هؤلاء الناس فرصةً رائعة للاستمتاع بنعمة الله. يقول بعض الناس إن الله يتبع المبادئ فيما يعمله ولا يراقب أو يحمي غير المؤمنين ولا يسمح لهم على الأخصّ بالاستمتاع بنعمته. هل هذا هو الحال فعلًا؟ يعتبر الله أنه طالما أنهم كائنات حيّة خلقها فسوف يدبرهم ويهتمّ بهم؛ وسوف يتعامل معهم ويُخطّط لهم ويحكمهم بطرقٍ مختلفة. هذه هي أفكار الله وموقفه تجاه جميع الأشياء.

مع أن الخمسة آلاف شخصٍ الذين أكلوا أرغفة الخبز والسمكتين لم يُخطّطوا لاتّباع الرّبّ يسوع، إلّا أنه لم يكن قاسيًا معهم؛ فعندما أكلوا وشبعوا، هل تعرفون ما فعله الرّبّ يسوع؟ هل وعظهم بأيّ شيءٍ؟ أين ذهب بعد أن عمل ذلك؟ لا يُسجّل الكتاب المُقدّس أن الرّبّ يسوع قال لهم أيّ شيءٍ؛ عندما أكمل معجزته غادر بهدوءٍ. هل طالب هؤلاء الناس بأيّ شيءٍ إذًا؟ هل كانت توجد أيّة كراهيةٍ؟ لم يوجد أيٌّ من هذه – لم يعد يريد أن يعير هؤلاء الناس الذين لم يتمكّنوا من اتّباعه اهتمامًا، وفي هذا الوقت كان قلبه يعاني من الألم. فلأنه رأى فساد البشر وشعر برفض البشر له، وعندما رأى هؤلاء الناس أو عندما كان معهم، جعلته بلادة البشر وجهلهم حزينًا للغاية وتركت قلبه يتألّم، ولذلك لم يرد سوى أن يغادر هؤلاء الناس في أسرع وقتٍ ممكن. لم تكن لدى الرّبّ في قلبه أيّة متطلّباتٍ منهم، ولم يرد أن يعيرهم أي اهتمامٍ، ولم يرد خصيصًا أن ينفق طاقته عليهم، وكان يعلم أنه لا يمكنهم اتّباعه – ومع هذا كلّه، كان موقفه تجاههم واضحًا جدًّا. أراد أن يعاملهم بلطفٍ وأن يفض عليهم بالنعمة – وقد كان هذا موقف الله من كلّ مخلوقٍ تحت حكمه: أن يعامل كلّ مخلوقٍ بلطفٍ ويُدبّره ويُغذّيه. وبسبب أن الرّبّ يسوع كان الله المُتجسّد، فقد كشف بطريقة طبيعيّة عن جوهر الله نفسه وتعامل مع هؤلاء الناس بلطفٍ. تعامل معهم بلطفٍ بقلب الرحمة والتسامح. وبغضّ النظر عن نظرة هؤلاء الناس للرّبّ يسوع، وبغضّ النظر عن النتيجة المُتوقّعة، فإنه تعامل مع كلّ مخلوقٍ على أساس مكانته كرّبّ الخليقة كلّها. وقد كان ما كشفه، بدون استثناءٍ، شخصيّة الله وما لديه ومَنْ هو. ولذلك صنع الرّبّ يسوع شيئًا بهدوءٍ ثم غادر بهدوءٍ – فأيّ جانبٍ من جوانب شخصيّة الله هذا؟ هل يمكنكم القول بأنه إحسان الله؟ هل يمكنكم القول إن الله غير أنانيّ؟ هل يمكن لشخصٍ عاديّ أن يفعل هذا؟ كلا بالطبع! في الأساس، مَنْ كان هؤلاء الخمسة آلاف شخصٍ الذين أشبعهم الرّبّ يسوع بخمسة أرغفةٍ وسمكتين؟ هل يمكنكم القول إنهم كانوا متوافقين معه؟ هل يمكنكم القول إنهم كانوا جميعًا معادين لله؟ يمكن القول بكلّ تأكيدٍ إنهم لم يكونوا متوافقين مع الرّبّ، وإن جوهرهم كان معاديًا تمامًا لله. ولكن كيف تعامل معهم الله؟ استخدم طريقةً لنزع فتيل عداء الناس تجاه الله – وهذه الطريقة تُسمّى "اللطف". وهذا يعني أنه مع أن الرّبّ يسوع اعتبرهم خاطئين، إلّا أنهم في نظر الله كانوا خليقته، ولذلك كان لا يزال يعامل هؤلاء الخطاة بلطفٍ. هذا هو تسامح الله، وهذا التسامح تُحدّده هويّة الله وجوهره. ولذلك، فإن هذا الشيء لا يمكن لأيّ إنسانٍ خلقه الله أن يفعله – ولا يمكن سوى لله أن يفعله.

– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (ج)

اترك رد