حوارٌ بين الشيطان ويهوه الله
(أيوب 1: 6-11) وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو ٱللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ يَهْوَه، وَجَاءَ ٱلشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي وَسْطِهِمْ. فَقَالَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ: "مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟" فَأَجَابَ ٱلشَّيْطَانُ يَهْوَه وَقَالَ: "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا". فَقَالَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ: "هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي ٱلْأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي ٱللهَ وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرّ". فَأَجَابَ ٱلشَّيْطَانُ يَهْوَه وَقَالَ: "هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ ٱللهَ؟ أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَٱنْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي ٱلْأَرْضِ. وَلَكِنِ ٱبْسِطْ يَدَكَ ٱلْآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ".
(أيوب 2: 1-5) وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو ٱللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ يَهْوَه، وَجَاءَ ٱلشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي وَسْطِهِمْ لِيَمْثُلَ أَمَامَ يَهْوَه. فَقَالَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ: "مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟" فَأَجَابَ ٱلشَّيْطَانُ يَهْوَه وَقَالَ: "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا". فَقَالَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ: "هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي ٱلْأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي ٱللهَ وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرِّ. وَإِلَى ٱلْآنَ هُوَ مُتَمَسِّكٌ بِكَمَالِهِ، وَقَدْ هَيَّجْتَنِي عَلَيْهِ لِأَبْتَلِعَهُ بِلَا سَبَبٍ". فَأَجَابَ ٱلشَّيْطَانُ يَهْوَهَ وَقَالَ: "جِلْدٌ بِجِلْدٍ، وَكُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ. وَلَكِنْ ٱبْسِطِ ٱلْآنَ يَدَكَ وَمَسَّ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ".
يُمثِّل هذان المقطعان اللذان يقولهما الشيطان والأشياء التي يفعلها الشيطان في سفر أيُّوب مقاومته لله، فهنا يُظهِر الشيطان ألوانه الحقيقيّة. هل شاهدت كلمات الشيطان وأعماله في الحياة الحقيقيّة؟ عندما تراها ربّما لا تعتقد أنها أشياءٌ تحدّث بها الشيطان، ولكن بدلاً من ذلك تعتقد أنها أشياءٌ تحدّث بها الإنسان، أليس كذلك؟ ما الذي تُمثّله مثل هذه الأشياء عندما يتحدّث بها الإنسان؟ إنها تُمثّل الشيطان. فحتّى إذا عرفتها، فإنك لا تزال غير قادرٍ على إدراك أن الشيطان تحدّث بهذا فعلاً. ولكنك رأيت هنا والآن بصراحةٍ ما قاله الشيطان نفسه. لديك الآن فهمٌ جليٌّ واضح للوجه البغيض للشيطان ولشرّه. هل يتّسم هذان المقطعان اللذان يتحدّث بهما الشيطان إذًا بقيمة للبشر اليوم كي يتمكّنوا من معرفة طبيعة الشيطان؟ هل يستحقّ هذان المقطعان جمعهما كي يتمكّن البشر اليوم من التعرّف على وجه الشيطان البغيض والتعرّف على وجه الشيطان الأصليّ الحقيقيّ؟ مع أن قول هذا قد لا يبدو ملائمًا جدًّا، إلّا أن التعبير عنه بهذه الطريقة يمكن اعتباره دقيقًا. لا يسعني إلّا أن أصيغ الأمر بهذه الطريقة، وإذا استطعتم فهمه، فهذا يكفي. يهاجم الشيطان مرارًا وتكرارًا الأشياء التي يفعلها يهوه الله، ويُلقي بالاتّهامات بخصوص اتّقاء أيُّوب يهوه الله. يحاول استفزاز يهوه الله بأساليبٍ مختلفة حتّى يسمح له يهوه الله بإغواء أيُّوب. ولذلك فإن كلماته استفزازيّةٌ للغاية. أخبرني إذًا، بمُجرّد أن تحدّث الشيطان بهذه الكلمات، هل يستطيع الله رؤية ما يريد الشيطان فعله؟ (نعم). هل يفهم الله ما يريد الشيطان أن يفعله؟ (نعم). ففي قلب الله، هذا الرجل أيُّوب الذي ينظره الله – خادم الله هذا الذي يعتبره الله رجلاً كاملاً مستقيمًا – هل يمكنه تحمّل هذا النوع من الإغواء؟ (نعم). لماذا يقول الله "نعم" بمثل هذا اليقين؟ هل يفحص الله قلب الإنسان دائمًا؟ (نعم). هل الشيطان قادرٌ إذًا على فحص قلب الإنسان؟ (كلا). الشيطان لا يمكنه ذلك. حتّى إذا كان الشيطان يمكنه رؤية قلب الإنسان، فإن طبيعته الشرّيرة لا يمكنها أن تؤمن أبدًا أن القداسة قداسة، أو أن الدناءة دناءة. الشيطان الشرّير لا يمكنه أبدًا تقدير أيّ شيءٍ مُقدّس أو بارّ أو مُشرِق. لا يسع الشيطان سوى ألّا يدخّر جهدًا ليعمل من خلال طبيعته وشرّه ومن خلال هذه الأساليب التي يستخدمها. وحتّى على حساب تعرّضه للعقاب أو الهلاك من الله، فإنه لا يتردّد في معارضة الله بعنادٍ – وهذا هو الشرّ، وهذه هي طبيعة الشيطان. ولذلك يقول الشيطان في هذا المقطع: "جِلْدٌ بِجِلْدٍ، وَكُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ. وَلَكِنْ ٱبْسِطِ ٱلْآنَ يَدَكَ وَمَسَّ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ". يعتقد الشيطان أن اتّقاء الإنسان الله يرجع إلى حصول الإنسان على العديد من المزايا من الله. يحصل الإنسان على مزايا من الله ولذلك يقول إن الله صالحٌ. ولكن ليس لأن الله صالحٌ بل لأن الإنسان يحصل على العديد من المزايا فيتّقي الله بهذه الطريقة: بمُجرّد أن يحرم الله الإنسان من هذه المزايا يتخلّى الإنسان عن الله. لا يؤمن الشيطان في طبيعته الشرّيرة أن قلب الإنسان يمكن أن يتّقي الله حقًّا. وبسبب طبيعته الشرّيرة لا يعرف معنى القداسة، فما بالك بالمخافة الخاشعة. لا يعرف معنى طاعة الله أو اتّقاء الله. ولأن الشيطان نفسه لا يتّقي الله فإنه يعتقد أن الإنسان لا يستطيع أن يتّقي الله أيضًا وأن هذا مستحيلٌ. أخبروني، أليس الشيطان شرّيرًا؟ (بلى!) الشيطان شرّيرٌ. باستثناء كنيستنا، سواء كانت الديانات والطوائف المُتنوّعة أو الجماعات الدينيّة والاجتماعيّة، فإن أيًّا منها لا يؤمن بوجود الله أو يؤمن بأن الله يستطيع أن يعمل، لذلك فإنهم يعتقدون أن ما تؤمن به ليس الله أيضًا. الإنسان الفاسق ينظر حوله فيرى الجميع فاسقين، تمامًا مثله هو. والإنسان الكذّاب ينظر حوله فلا يرى أحدًا صادقًا، ويعتبر أنهم جميعًا كاذبون. والإنسان الشرّير يرى الجميع أشرارًا ويريد مقاتلة كلّ شخصٍ يراه. في حين أن أولئك الأشخاص الذين يتّسمون بصدقٍ نسبيّ يرون الجميع صادقين، فإنهم دائمًا ما يتعرّضون للغشّ والخداع دون أن يتمكّنوا من عمل أيّ شيءٍ. أقول هذه الأمثلة القليلة كيما يزداد يقينك: طبيعة الشيطان الشرّيرة ليست إكراهًا مُؤقّتًا أو شيئًا ناتجًا عن بيئته، كما أنها ليست إظهارًا مُؤقّتًا ناتجًا عن أيّ سببٍ أو خلفيّةٍ. بالطبع لا! لا يسعه إلّا أن يكون بهذه الطريقة! لا يمكنه أن يفعل شيئًا جيّدًا. وحتّى عندما يقول ما يُسرّ الآذان، فإنه يغويك وحسب. كلّما كانت كلماته أكثر جاذبيةً ولباقةً ورقّةً، أصبحت نواياه الشرّيرة أكثر خبثًا وتجاوزت حدود هذه الكلمات. أيّ نوعٍ من الوجه، وأيّ نوعٍ من الطبيعة يُظهِره الشيطان في هذين المقطعين؟ (المُغوي، والخبيث، والشرّير). وسمته الأساسيّة هي الشرّ، وخصوصًا الجانب الشرّير والجانب الخبيث.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (د)