يأتي الله إلى الأرض ليس من أجل إكمال طبيعته البشرية العادية. لا يأتي لكي يقوم بعمل الطبيعة البشرية العادية، بل فقط ليقوم بعمل اللاهوت في طبيعة بشرية عادية. ما يقوله الله في طبيعته البشرية العادية ليس كما يتخيله الإنسان. يعرِّف الإنسان "الطبيعة البشرية العادية" على أنها امتلاك زوجة أو زوج أو أبناء أو بنات. هذا دليل على أن المرء هو شخص عادي. لكن الله لا يرى الأمر هكذا. إنه يرى الطبيعة البشرية العادية على أنها امتلاك أفكار بشرية عادية وحياة بشرية عادية والولادة من أناس عاديين. لكن حياته الطبيعية لا تضمن امتلاك زوجة أو زوج أو أبناء بالطريقة التي يفهم بها الإنسان الحياة الطبيعية. أي أنه بالنسبة للإنسان فإن الطبيعة البشرية العادية التي يتحدث عنها الله هي ما يعتبره الإنسان غيابًا للطبيعة البشرية، والتي تكاد تفتقر إلى المشاعر وتتجرد من الاحتياجات البشرية، تمامًا مثل يسوع الذي كان له الشكل الخارجي للشخص العادي، وأخذ لنفسه مظهر الشخص العادي، ولكن في جوهره لم يكن يملك تمامًا كل ما ينبغي على الشخص العادي أن يملكه. من هذا يمكن أن نرى أن جوهر الله المتجسد لا يشمل كلية الطبيعة البشرية العادية، بل فقط يشمل جزءًا من الأشياء التي يجب أن يتحلى بها الناس، لكي يدعم روتين الحياة البشرية العادية ويؤازر قواها العقلية. لكن هذه الأمور لا تتعلق بما يعتبره الإنسان طبيعة بشرية عادية. إنها ما يجب أن يمتلكه الله المُتجسِّد. ومع ذلك هناك أولئك الذين يتمسكون بفكرة أن الله المتجسد يمكن أن يُقال إنه يملك الطبيعة البشرية العادية فقط إن كان لديه زوجة وأولاد وبنات وأسرة. بدون هذه الأشياء، يقولون، إنه ليس شخصًا عاديًا. أسألك إذًا: "هل لله زوجة؟ هل من الممكن أن يكون لله زوج؟ هل يمكن أن يكون لله أطفال؟" أليست هذه مغالطات؟ مع ذلك لا يمكن أن ينهض الله المتجسد من شقوق الصخور أو يهبط من السماء. يمكنه فقط أن يُولد في أسرة عادية. لهذا السبب له أبوان وأخوات. هذه هي الأمور التي ينبغي أن تكون في الطبيعة البشرية العادية التي لله المُتجسّد. كانت هذه هي الحالة مع يسوع. كان ليسوع أب وأم وأخوات وإخوة. كل هذا كان طبيعيًّا. لكن لو كانت لديه زوجة وأبناء وبنات، لما كانت طبيعته هي الطبيعة البشرية العادية التي قصد الله أن يملكها الله المتجسد. إن كان هذا هو الحال، لما استطاع القيام بالعمل نيابةً عن اللاهوت. لأنه لم يملك زوجة أو أبناء تحديدًا، ومع ذلك وُلد من أناس عاديين وفي أسرة عادية، فهو لذلك كان قادرًا على القيام بعمل اللاهوت. لتوضيح هذا بصورة أكبر، ما يعتبره الله إنسانًا عاديًّا هو الشخص المولود في أسرة عادية. شخص مثل هذا فقط هو المؤهل للقيام بعمل اللاهوت. من ناحية أخرى، لو كان الشخص لديه زوجة وأبناء أو زوج، لما استطاع هذا الشخص القيام بالعمل اللاهوتي، لأنه كان سيملك فقط طبيعة بشرية عادية التي يشترطها البشر وليست الطبيعة البشرية التي يشترطها الله. ما يراه الله وما يفهمه البشر غالبًا ما يكون أمرًا مختلفًا تمامًا. في هذه المرحلة من عمل الله هناك الكثير من الأمور التي تتعارض وتتباين بصورة كبيرة مع أفكار الناس. يمكن أن نقول إن هذه المرحلة من عمل الله تتكون بالكامل من اللاهوت العملي العامل، مع وجود الطبيعة البشرية التي تلعب دورًا داعمًا. لأن الله يأتي إلى الأرض لأداء عمله بنفسه بدلاً من السماح للإنسان بالقيام به، لهذا السبب تجسد في الجسد (في شخص عادي غير كامل) للقيام بعمله. إنه يستغل هذا التجسد لتقديم عصرٍ جديدٍ للبشرية، وإخبارها بخطوة عمله التالية، وطلب الممارسة منهم وفقًا للطريق الموصوف في كلماته. بهذا يختتم الله عمله في الجسد، وهو على وشك مغادرة البشرية، وعدم السكنى فيما بعد في جسد الطبيعة البشرية العادية، بل التحرك بعيدًا عن الإنسان ليبدأ جزءًا آخر من عمله. ثم يستمر في عمله على الأرض بين هذه المجموعة من الناس، مُستخدمًا بشرًا بحسب قلبه، ولكن في طبيعتهم البشرية.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الاختلاف الجوهري بين الله المتجسد وبين الأناس الذين يستخدمهم الله