في عمل الأيام الأخيرة، الكلمة أقدر من إظهار الآيات والعجائب، وسلطان الكلمة يتخطى سلطان الآيات والعجائب. تكشف الكلمة كل السمات الفاسدة المستترة في قلب الإنسان. أنت غير قادر على تمييزها بنفسك. عندما تنكشف لك من خلال الكلمة، ستدرك الأمر بصورة طبيعية؛ لن تكون قادرًا على إنكارها، وستقتنع بالتمام. أليس هذا هو سلطان الكلمة؟ هذه هي النتيجة التي يحققها عمل الكلمة الحالي. لذلك لا يمكن للإنسان أن يخلص بالتمام من خطاياه من خلال شفاء المرض وطرد الأرواح الشريرة ولا يمكن أن يصير كاملًا بالتمام من خلال إظهار الآيات والعجائب. إن سلطان شفاء المرض وطرد الأرواح الشريرة يعطي الإنسان نعمةً فقط، ولكن جسد الإنسان ما زال منتميًا إلى الشيطان والسمات الشيطانية الفاسدة لا تزال باقية داخل الإنسان. بمعنى آخر، ما لم يتطهر ما زال ينتمي إلى الخطية والدنس. فقط بعد أن يتطهر الإنسان بواسطة الكلمات يمكن عندها أن يربحه الله ويصير مقدسًا. عندما طُردت الأرواح الشريرة من الإنسان ونال الفداء، لم يعن هذا إلا أن الإنسان قد تحرّر من يديّ الشيطان ورجع إلى الله. ولكن إن لم يطهره الله أو يغيره، يبقى فاسدًا. لا يزال هناك دنس ومعارضة وتمرد داخل الإنسان؛ لقد عاد الإنسان إلى الله فقط من خلال الفداء، ولكن ليست لديه أدنى معرفة عنه، ولا يزال قادرًا على أن يقاومه ويخونه. قبل أن يُفتدى الإنسان، كان العديد من سموم الشيطان قد زُرِعَت بالفعل في داخله. وبعد آلاف السنوات من إفساد الشيطان، صارت هناك طبيعة داخل الإنسان تقاوم الله. لذلك، عندما افتُدي الإنسان، لم يكن الأمر أكثر من مجرد فداء، حيث اُشتري الإنسان بثمن نفيس، ولكن الطبيعة السامة بداخله لم تُمحَ. لذلك يجب على الإنسان الذي تلوث كثيرًا أن يخضع للتغيير قبل أن يكون مستحقًّا أن يخدم الله. من خلال عمل الدينونة والتوبيخ هذا، سيعرف الإنسان الجوهر الفاسد والدنس الموجود بداخله معرفًة كاملة، وسيكون قادرًا على التغير تمامًا والتطهُّر. بهذه الطريقة فقط يمكن للإنسان أن يستحق العودة أمام عرش الله. الهدف من كل العمل الذي يتم في الوقت الحاضر هو أن يصير الإنسان نقيًّا ويتغير؛ من خلال الدينونة والتوبيخ بالكلمة، وأيضًا التنقية، يمكن للإنسان أن يتخلَّص من فساده ويصير طاهرًا. بدلًا من اعتبار هذه المرحلة من العمل مرحلةَ خلاص، سيكون من الملائم أن نقول إنها عمل تطهير. في الحقيقة، هذه المرحلة هي مرحلة إخضاع وهي أيضًا المرحلة الثانية للخلاص. يربح الله الإنسان من خلال الدينونة والتوبيخ بالكلمة؛ ومن خلال استخدام الكلمة للتنقية والإدانة والكشف تظهر كل النجاسات والأفكار والدوافع والآمال الفردية داخل قلب الإنسان بالتمام. لأن الإنسان قد افتُدي وغُفِرَت له خطاياه، فكأنما الله لا يذكر تعدياته ولا يعامله بحسب تعدياته. لكن عندما يعيش الإنسان بحسب الجسد، ولا يكون قد تحرر من خطاياه، فإنه لا محال يواصل ارتكاب الخطية، مُظهرًا فساد الطبيعة الشيطانية بلا توقف. هذه هي الحياة التي يحياها الإنسان، دورة لا تنتهي من الخطية والغفران. غالبية الناس تخطئ نهارًا، وتعترف بخطئها مساءً. وبذلك، حتى إن كانت ذبيحة الخطية ذات مفعول أبدي للإنسان، فإنها لن تستطيع أن تخلِّص الإنسان من الخطية. لم يكتمل إلا نصف عمل الخلاص، لأن شخصية الإنسان ما زالت فاسدة. على سبيل المثال عندما عرف الناس أنهم جاؤوا من نسل موآب، قالوا كلمات شكوى، ولم يعودوا يطلبون الحياة، وصاروا سلبيين تمامًا. ألا يوضح هذا أنهم ما زالوا غير قادرين على الخضوع بالتمام تحت سيادة الله؟ أليست هذه هي بالتحديد شخصيتهم الشيطانية الفاسدة؟ عندما لم تخضع للتوبيخ، ارتفعت يداك فوق الجميع، حتى فوق يسوع نفسه. وصرخت بصوت عالٍ: "كن ابنًا محبوبًا لله! كن صديقًا حميمًا لله! نحن نفضل الموت عن الخضوع لإبليس! تمرد ضد إبليس القديم! تمرد ضد التنين العظيم الأحمر! ليسقط التنين العظيم الأحمر بالكامل من السُلطة! ليكملنا الله!" كانت صرخاتك أعلى من الجميع. ولكن بعدها أتت أزمنة التوبيخ ومرةً أخرى انكشفت شخصية الناس الفاسدة. ثم توقفت صرخاتهم، ولم يعد لديهم عزم. إنه فساد الإنسان، الذي هو أعمق من الخطية، وقد زرعه الشيطان، وتأصل داخل الإنسان. ليس من السهل على الإنسان أن يفطن إلى خطاياه؛ فهو لا يستطيع أن يدرك طبيعته المتأصلة في داخله. لا يتحقق مثل هذا التأثير إلا من خلال الدينونة بالكلمة. وبهذا وحده يستطيع الإنسان أن يتغير تدريجيًا من تلك النقطة فصاعدًا". وهكذا صرخ الإنسان في الماضي لأنه لم يكن لديه فهم عن شخصيته الفاسدة الأصلية. هذه هي النجاسات التي بداخل الإنسان. على مر تلك المدة الطويلة من الدينونة والتوبيخ، عاش الإنسان في جو من التوتر. ألم يتحقق هذا كله من خلال الكلمة؟ ألم تصرخ أنت أيضًا بصوت مرتفع للغاية قبل تجربة الخدّام؟ "ادخلوا الملكوت! كل مَن يقبلون هذا الاسم سيدخلون الملكوت! الجميع سيشتركون مع الله!" عندما أتت تجربة الخدّام، لم تصرخ مجددًا. في البداية، صرخ الجميع: "يا الله! أينما تضعني، سأخضع لقيادتك". عند قراءة كلمات الله، "من سيكون رسولي بولس؟" قال الإنسان: "أنا راغب!" ثم رأى الكلمات، "وماذا عن إيمان أيوب؟" فقال: "أرغب في أخذ إيمان أيوب يا الله، أرجوك اختبرني!" عندما جاءت تجربة الخدّام، انهار على الفور وبالكاد استطاع الوقوف ثانيةً. بعد ذلك، قلَّت النجاسات في قلب الإنسان بالتدريج. ألم يتحقق هذا من خلال الكلمة؟ لذلك ما قد اختبرتموه في الحاضر هو النتائج التي حققتها الكلمة، وهي أعظم حتى من تلك التي تحققت من خلال صنع يسوع للآيات والعجائب. إن مجد الله وسلطانه الذي تراه لم يُرَ فقط من خلال الصلب وشفاء المرضى وطرد الأرواح الشريرة، بل من خلال دينونته بالكلمة. هذا يوضح لك أن سلطان الله وقوته ليسا فقط في صُنع الآيات وشفاء المرضى وطرد الأرواح الشريرة، بل أن دينونة الكلمة أكثر قدرة على تمثيل سلطان الله والكشف عن قدرته.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. سر التجسُّد (4)