عندما جاء يسوع ليقوم بعمله، كان العمل تحت إرشاد الروح القدس؛ حيث فعل مثلما أراد الروح القدس، وليس وفقًا لناموس عصر العهد القديم أو عمل يهوه. على الرغم من أن العمل الذي أتى يسوع للقيام به لم يكن الالتزام بشرائع ووصايا يهوه، إلا أن مصدرهما كان واحدًا. مثّل العمل الذي قام به يسوع اسم يسوع، ومثَّل عصر النعمة؛ أما بالنسبة إلى العمل الذي قام به يهوه، فكان يمثِّل يهوه، كما مثَّل عصر الناموس. كان عملُهما عملَ روح واحد في عصرين مختلفين. إن العمل الذي قام به يسوع كان يمثل عصر النعمة فقط، والعمل الذي قام به يهوه كان يمثل عصر ناموس العهد القديم وحده. أرشد يهوه شعب إسرائيل فقط وشعب مصر، وكل الأمم خارج إسرائيل. أما عمل يسوع في عصر نعمة العهد الجديد فكان عمل الله تحت اسم يسوع حيث أرشد العصر. إن قلت إن عمل يسوع مبني على عمل يهوه، وإنه لم يبدأ أي عمل جديد، وإن كل ما فعله كان وفقًا لكلمات يهوه وعمل يهوه ونبوات إشعياء، فلو كان ذلك صحيحًا لما كان يسوع هو الله الصائر جسدًا. لو قام بعمله بهذه الطريقة، لكان رسولًا أو عاملًا لعصر الناموس. لو كان الأمر كما تقول، لما استطاع يسوع أن يُطْلق عصرًا، ولا استطاع أن يؤدي أي عمل آخر. وبالطريقة نفسها، يجب أن يقوم الروح القدس بعمله بالأساس من خلال يهوه، ولم يكن بإمكان الروح القدس أن يقوم بأي عمل إلا من خلال يهوه. من الخطأ أن يفهم الإنسان عمل يسوع بهذه الطريقة. إن كان الإنسان يؤمن أن العمل الذي قام به يسوع تمّ وفقًا لكلمات يهوه ونبوات إشعياء، فهل كان يسوع هو الله المتجسد أم أنه كان واحدًا من الأنبياء؟ لو كان الأمر وفقًا لهذا المنظور، لما كان هناك عصر نعمة، ولما كان يسوع هو تجسُّد الله؛ لأن العمل الذي قام به لم يكن ليمثِّل عصر النعمة، ولكان مثَّل فقط عصر ناموس العهد القديم. لا يمكن أن يكون هناك سوى عصر جديد عندما عاد يسوع ليقوم بعمل جديد، ويبدأ عصرًا جديدًا، ويخترق العمل الذي تم مسبقًا في إسرائيل، ويقوم بعمله ليس وفقًا للعمل الذي قام به يهوه في إسرائيل ولا لقواعده القديمة أو وفقًا لأية لوائح، بل سيقوم بالعمل الجديد الذي ينبغي عليه القيام به. جاء الله بنفسه ليفتتح عصرًا، وجاء بنفسه لينهي العصر. الإنسان عاجز عن القيام بعمل بدء عصر وإنهاء عصر. لو لم ينهِ يسوع عمل يهوه بعدما أتى، لكان هذا دليلاً على أنه مجرد إنسان عاجز عن تمثيل الله. ولأن يسوع جاء بالتحديد وأنهى عمل يهوه وتابع عمل يهوه، وكذلك بدأ في تنفيذ عمله، أي بعمل جديد، فهذا يثبت أن هذا كان عصرًا جديدًا، وأن يسوع كان هو الله نفسه. لقد قاما بمرحلتي عمل مختلفتين بوضوح. نُفِّذت مرحلة في الهيكل، والأخرى تمت خارج الهيكل. كانت إحدى المرحلتين لقيادة حياة الإنسان وفقًا للناموس، والأخرى كانت لتقديم ذبيحة خطية. كانت هاتان المرحلتان من العمل مختلفتين بصورة ملحوظة، وهذا يفصل العصر الجديد عن القديم، وصحيح تمامًا أن نقول إنهما كانا عصرين مختلفين. كان موقع عملهما مختلفًا ومحتوى عملهما كان مختلفًا أيضًا، والهدف من عملهما كان مختلفًا كذلك. وعليه، يمكن أن ينقسما إلى عصرين: العهدين القديم والجديد، أي العصرين القديم والجديد. عندما جاء يسوع لم يدخل إلى الهيكل، مما يثبت أن عصر يهوه كان قد انتهى. لم يدخل إلى الهيكل؛ لأن عمل يهوه في الهيكل قد انتهى، ولم يعد يحتاج إلى القيام به من جديد، فالقيام به من جديد يعني تكراره. فقط من خلال ترك الهيكل، وبدء عمل جديد وافتتاح طريق جديد خارج الهيكل، كان قادرًا على إيصال عمل الله إلى ذروته. لو لم يخرج خارج الهيكل ليقوم بعمله، لبقي عمل الله راكدًا على أساسات الهيكل، ولما كانت هناك أبدًا أي تغيرات جديدة. ولذا، عندما جاء يسوع لم يدخل الهيكل ولم يقم بعمله في الهيكل، بل قام بعمله خارج الهيكل، وقاد تلاميذه، ومضى في عمله بحرّية. كانت مغادرة الله للهيكل للقيام بعمله تعني أن لله خطة جديدة. كان عمله سيتم خارج الهيكل، وكان سيصير عملاً جديدًا غير مقيد في أسلوب تنفيذه. بمجرد أن وصل يسوع، أنهى عمل يهوه أثناء عصر العهد القديم. على الرغم من أنهما تسمَّيا باسمين مختلفين، فإن الروح نفسه هو الذي أنجز مرحلتي العمل، وكان العمل الذي تم تنفيذه مستمرًّا. وبما أن الاسم كان مختلفًا، فإن محتوى العمل كان مختلفًا، وكان العصر مختلفًا. عندما جاء يهوه، كان ذلك هو عصر يهوه، وعندما جاء يسوع، كان ذلك هو عصر يسوع. وهكذا، مع كل عملية قدوم، كان يُطلق على الله اسم واحد، وكان يمثل عصرًا واحدًا، ويفتتح طريقًا جديدًا؛ وفي كل طريق جديد، يتقلد اسمًا جديدًا، وهذا يوضح أن الله دائمًا جديد وليس قديمًا أبدًا، وأن عمله لا يتوقف أبدًا عن التقدم للأمام. يمضي التاريخ دومًا قُدمًا، وكذلك يمضي دائمًا عمل الله قُدمًا. ولكي تصل خطة تدبيره التي دامت لستة آلاف عام إلى نهايتها، فيجب أن تستمر في التقدم إلى الأمام. يجب في كل يوم أن يقوم بعمل جديد، وفي كل عام يجب أن يقوم بعمل جديد؛ يجب أن يفتتح سبلاً جديدة، ويطلق عصورًا جديدة، ويبدأ عملًا جديدًا يكون أعظم من ذي قبل، ومع هذه الأمور كلها، يأتي بأسماء جديدة وبعمل جديد.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. رؤية عمل الله (3)