يتعيَّن عليكم أن تتعلَّموا دروسًا أكثر واقعيَّة؛ فلا حاجة إلى ذلك الحديث الرنَّان الأجوف الذي يُعجَب به الناس. عندما يتعلَّق الأمر بالحديث عن المعرفة، يكون كل شخص أعلى في المستوى من الشخص الذي قبله، لكنْ يظل لا يملك سبيلًا للممارسة. كم عدد الناس الذين فهموا مبادئ الممارسة؟ كم عدد الذين تعلَّموا دروسًا فعلية؟ مَن في وسعه أن يقوم بالشركة حول الأمور الواقعية؟ إن القدرة على الحديث عن المعرفة بكلام الله لا تعني أنَّك تملك قامةً حقيقيةً؛ فهي تُظهِرُ فقط أنك وُلِدْتَ ذكيًا، وأنَّك موهوب، لكن إذا كنتَ غير قادرٍ على بيان الطريق، فحينئذٍ ستكون النتيجة لا شيء، وستكون تافهًا وعديم الفائدة! ألا تكون مُدَّعيًا إذا كنتَ غير قادر على أن تقول أي شيءٍ عن طريق فعلي للممارسة؟ أما تكون مُتصنِّعًا إذا كنتَ غير قادر على تقديم خبراتك الفعلية للآخرين، التي تعطيهم بها دروسًا يستطيعون التعلُّم منها أو طريقًا يمكنهم اتّباعه؟ أما تكون زائفًا؟ ماذا لديك من قيمة؟ شخصٌ كهذا لا يمكنه أن يقوم إلَّا بدور "مخترع نظرية الاشتراكية"، وليس "مُساهمًا في قيام الاشتراكية". الخلو من الواقعيَّة هو افتقار إلى الحق. الخلو من الواقعيَّة هو انعدام للفائدة. الافتقار إلى الواقعيَّة يعني أن تكون جثة سائرة. الافتقار إلى الواقعيَّة يعني أن تكون واحدًا من "مفكري الماركسيَّة اللينينيَّة" دون أن تكون لك قيمة كمرجع. أهيب بكل واحد منكم أن يكف عن الحديث حول النظريَّة ويتحدَّث عن شيءٍ واقعيّ، شيءٍ حقيقي وجوهريّ، ويدرس "فنًا حديثًا"، ويقول شيئًا واقعيًّا، ويُسهِم في شيءٍ واقعيّ، وأن يكون لديه بعض من روح التكريس. واجه الواقع عندما تتحدَّث، ولا تستغرق في حديثٍ مغالٍ وغير واقعي لتجعل الناس يشعرون بالسعادة أو لتجعلهم ينهضون وينتبهون لك. ما القيمة في ذلك؟ ما الطائل من وراء دفع الناس ليعاملوك بحرارة؟ كُن "منمقًا" قليلًا في حديثك وأكثر عدلًا بعض الشيء في سلوكك، وأكثر تعقّلًا بعض الشيء في طريقة معالجتك للأمور، وعمليًّا أكثر قليلًا فيما تقوله، وفكِّر في تحقيق الفائدة لبيت الله في كل تصرُّف تقوم به، وأصغِ إلى صوت ضميرك حين تصبح انفعاليًّا، ولا تُجازِ المعروف بالكراهية أو تتنكَّر للمعروف، ولا تكن مرائيًا خشية أن تصبح ذو تأثير سيئ. عندما تأكل وتشرب كلام الله، فاربطه بشكل مباشر أكثر بالواقع، وعندما تقوم بالشركة، تحدَّث أكثر عن أمور واقعيَّة، ولا تكن مُترفِّعًا؛ فهذا لن يُرضي الله. في تعاملاتك مع الآخرين، كن متسامحًا أكثر قليلًا، وليِّنًا أكثر قليلًا وسخيًّا أكثر قليلًا، وتعلَّم من "روح رئيس الوزراء". عندما تراودك أفكار سيئة، تمرَّس أكثر في إهمال الجسد. عندما تعمل تكلَّم أكثر عن الطرق الواقعيَّة، ولا ترفع مستوى حديثك أكثر من اللازم، وإلَّا فسوف يكون أعلى من مستوى إدراك الناس. متعة أقل، ومساهمة أكثر – اظهر روح التكريس الغيريَّة. كن أكثر مراعاةً لمقاصد الله، وأصغِ أكثر إلى صوت ضميرك، وكُن أكثر تيقُّظًا، ولا تنسَوا كيف يتحدَّث الله إليكم بصبرٍ وبجديةٍ كل يوم. أكثروا من قراءة "مفكراتكم القديمة"، وأكثروا من الصلاة والشركة، ولا تكونوا مشوَّشين، لكن أظهروا بعض الإحساس واربحوا بعض البصيرة. عندما تمتد أيديكم الآثمة إلى شيءٍ ما، فاسحبوها، ولا تسمحوا لها بالتمادي بعيدًا؛ فهذا غير مُجدٍ، إذ لن تجدوا من الله إلَّا اللعنات، فاحترسوا. دعوا قلوبكم تشفق على الآخرين، ولا تواجِهوا دائمًا بأسلحةٍ في أيديكم. قوموا بالشركة أكثر عن معرفة الحق وتكلّموا أكثر عن الحياة، واحتفظوا بروح المساعدة للآخرين. لتكن أفعالكم أكثر من أقوالكم. ليكن ما تمارسونه أكثر مما تُخضِعونهُ للبحث والتحليل. دعوا الروح القدس يحرككم أكثر، وامنحوا الله فرصًا أكثر ليُكمِّلَكم. استغنُوا عن المزيد من العناصر البشرية؛ فما زلتم تقتنون الكثير من الطرق البشرية للقيام بالأشياء، وما زالت سلوكياتكم وتصرّفاتكم السطحية بغيضة بالنسبة إلى الآخرين؛ فانزعوا عنكم المزيد منها. ما زالت حالتكم النفسية بغيضة للغاية، فاقضوا المزيد من الوقت في تحسينها. ما زلتم تمنحون الناس مكانة هائلة، امنحوا الله مكانة أكبر، ولا تكونوا غير عاقلين إلى هذا الحد؛ فلطالما كان "الهيكل" هيكل الله ولا ينبغي أن يستولي عليه الناس. باختصار، اهتموا أكثر بالبرّ وأقل بالمشاعر، ومن الأفضل أن تتجاهلوا الجسد. تحدَّثوا أكثر عن الواقع وأقل عن المعرفة؛ والأفضل أن تصمتوا ولا تقولوا شيئًا. تحدَّثوا أكثر عن طريق الممارسة، وقلِّلوا من المفاخر التافهة، ومن الأفضل أن تبدأوا الممارسة من الآن.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ركِّز أكثر على الواقعية