منذ أن خلق الله جميع الأشياء، بناءً على النواميس التي حدَّدها، كانت جميعها تعمل وتستمرّ في التطوُّر بانتظامٍ. كانت جميع الأشياء تتطوَّر بانتظامٍ تحت نظره وتحت حُكمه جنبًا إلى جنبٍ مع بقاء البشر. لا يستطيع شيءٌ واحد تغيير هذه النواميس، ولا يستطيع شيءٌ واحد هدم هذه النواميس. تستطيع جميع الكائنات أن تتكاثر بفضل حكم الله، وبفضل حكمه وتدبيره تستطيع جميع الكائنات البقاء. يعني هذا أنه تحت حُكم الله توجد جميع الكائنات وتزدهر وتختفي وتُعاود التجسُّد بطريقةٍ مُنظَّمة. عند قدوم الربيع، يجلب المطر الخفيف هذا الشعور بالربيع ويُرطِّب الأرض. تبدأ الأرض في الذوبان وينبت العشب ويشقّ طريقه عبر التربة وتتحوَّل الأشجار تدريجيًّا إلى اللون الأخضر. تجلب جميع هذه الأشياء الحيَّة حيويَّةً جديدة إلى الأرض. هذا هو منظر جميع الكائنات التي تأتي إلى الوجود وتزدهر. تخرج جميع أنواع الحيوانات أيضًا من جحورها لتشعر بدفء الربيع ولتبدأ سنةً جديدةً. تنعم جميع الكائنات بالحرارة خلال الصيف وتتمتَّع بالدفء الذي يتَّسم به ذلك الفصل. إنها تنمو بسرعةٍ؛ تنمو الأشجار والأعشاب وجميع أنواع النباتات بسرعةٍ كبيرة، ثم تتفتَّح وتطرح ثمارها. تكون جميع الكائنات مشغولةً جدَّا خلال الصيف، بما في ذلك البشر. وفي الخريف، تجلب الأمطار برودة الخريف وتبدأ جميع أنواع الكائنات الحيَّة بالإحساس بقدوم موسم الحصاد. تؤتي جميع الكائنات ثمارها، ويبدأ البشر أيضًا في حصاد جميع أنواع الأشياء بفضل إنتاج هذه الكائنات في الخريف، من أجل إعداد الطعام للشتاء. تبدأ جميع الكائنات في الشتاء بالتدريج في أن تستريح في البرد، وأن تصبح هادئةً، كما يأخذ الناس أيضًا استراحةً خلال هذا الفصل. هذه التحوُّلات من الربيع إلى الصيف إلى الخريف وإلى الشتاء – تحدث جميع هذه التغييرات وفقًا للنواميس التي وضعها الله. إنه يقود جميع الكائنات والبشر باستخدام هذه النواميس، وقد وضع للبشر طريقةً للحياة ثريَّةً ونابضة بالحيويَّة، وأعدَّ بيئةً للبقاء لها درجات حرارةٍ مختلفة وفصول مختلفة. في ظلّ هذه البيئات المُنظَّمة من أجل البقاء، يمكن للبشر أيضًا البقاء والتكاثر بطريقةٍ مُنظَّمة. لا يستطيع البشر تغيير هذه النواميس ولا يمكن لأيّ شخصٍ أو كائنٍ كسرها. على الرغم من حدوث تغيرات لا تحصى – حيث تحولت البحار إلى حقول، والحقول إلى بحار – لا تزال هذه النواميس قائمة، وهي موجودةٌ لأن الله موجودٌ. يعود الفضل في هذا إلى حُكم الله وتدبيره. وبهذا النوع من البيئة المُنظَّمة والأوسع تتقدَّم حياة الناس إلى الأمام في إطار هذه النواميس والقواعد. هذَّبت هذه النواميس جيلاً بعد جيلٍ من الناس، وقد بقى جيلٌ بعد جيلٍ من الناس في سياق هذه النواميس. لقد استمتع الناس بهذه البيئة المُنظَّمة من أجل البقاء التي خلقها الله لجيلٍ بعد جيل من البشريَّة. على الرغم من أن الناس يشعرون أن هذه الأنواع من النواميس فطريًّة، وعلى الرغم من أنهم يرفضونها رفضًا تامًّا، وعلى الرغم من أنهم لا يستطيعون الشعور بأن الله يُنظِّم هذه النواميس أو أن الله يحكمها، فإن الله مشاركٌ دائمًا في هذا العمل غير المُتغيِّر. وهدفه من هذا العمل غير المُتغيِّر هو بقاء البشر واستمرار وجودهم.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (ط)