القائمة

لأعلى التالي

كلمات الله اليومية: معرفة الله | اقتباس 22

221 2020-06-06

منذ وجود تدبير الله، كان مكرسًا دائمًا تكريسًا كاملاً لتنفيذ عمله. ومع أنه حجب شخصه عنهم، إلا أنه كان دائمًا إلى جانب الإنسان، يقوم بعمله عليه، ويعبر عن شخصيته، ويرشد كل البشرية بجوهره، ويقوم بعمله على كل شخص من خلال قوته وحكمته وسلطانه؛ وبذلك أتى بعصر الناموس وعصر النعمة والآن عصر الملكوت. ومع أن الله يحجب شخصه عن الإنسان، إلا أن شخصيته وكيانه وصفاته ومشيئته تجاه البشرية مكشوفه بلا تحفظ للإنسان لكي يراها ويختبرها. بمعنى آخر، مع أن البشر لا يمكنهم أن يروا الله أو يلمسوه، إلا أن شخصية الله وجوهره الذين تواصلت معهما البشرية هما بالتأكيد تعبيران عن الله نفسه. أليست هذه هي الحقيقة؟ بغض النظر عن الطريقة أو الزاوية التي يقوم الله بعمله من خلالها، هو دائمًا يعامل البشر بهويته الحقيقية، ويفعل ما يُفترض أن يفعله ويقول ما يُفترض أن يقوله. وبغض النظر عن الموضع الذي يتكلم الله منه، قد يكون واقفًا في السماء الثالثة، أو واقفًا في الجسد، أو حتى في صورة شخص عادي، إلا أنه دائمًا يكلم الإنسان بكل قلبه وكل عقله، دون خداع أو إخفاء. عندما ينفذ عمله، يعبر عن كلمته وشخصيته، وعمّا لديه ومَنْ هو، دون أي تحفظ من أي نوع. إنه يرشد الإنسان بحياته وبكينونته وبصفاته. هكذا عاش الإنسان خلال عصر الناموس – عصر مهد البشرية – تحت إرشاد الله غير المرئي وغير الملموس.

صار الله جسدًا لأول مرة بعد عصر الناموس، وهو تجسُّد استمر لمدة ثلاثة وثلاثين عامًا ونصف. من ناحية الإنسان، هل ثلاثة وثلاثون عامًا ونصف مدة طويلة؟ (ليست طويلة). حيث أن فترة حياة الإنسان عادةً ما تكون أكثر من ثلاثين عامًا، فهي ليست مدة طويلة للإنسان. لكن من ناحية الله المتجسّد، هذه الثلاثة والثلاثون عامًا ونصف كانت مدة طويلة للغاية. لقد صار شخصًا، شخصًا عاديًّا تحمّل عمل الله وإرساليته. هذا عنى أنه كان يجب عليه أن يتولى عملاً لا يمكن للشخص العادي توليه، وأيضًا يتحمل معاناةً لا يمكن لأناس عاديين أن يتحملوها. إن حجم المعاناة التي تحملها الرب يسوع أثناء عصر النعمة، بدايةً من عمله حتى سُمّر على الصليب، قد تكون شيئًا لم يشهده أناس اليوم بصورة شخصية، لكن هل يمكنكم تقدير القليل منه من خلال قصص الكتاب المقدس؟ بغض النظر عن كم التفاصيل الموجود في هذه الحقائق المسجلة، فإن عمل الله أثناء هذه الفترة كان مليئًا بالصعاب والمعاناة. من وجهة نظر إنسان فاسد، ثلاثة وثلاثون عامًا ونصف ليست مدة طويلة؛ والقليل من المعاناة ليست مشكلة كبرى. ولكن من وجهة نظر إله معصوم وقدوس، وجب عليه أن يحمل كل خطايا البشرية، ويأكل وينام ويعيش مع الخطاة، فهذا الألم عظيمًا للغاية. إنه الخالق، سيد كل الأشياء، وحاكم كل شيء، ومع ذلك عندما جاء إلى العالم كان ينبغي عليه أن يتحمل ظلم البشر الفاسدين وقسوتهم. لكي يكمل عمله وينقذ البشرية من البؤس، كان ينبغي أن يُدان من الإنسان ويحمل خطايا البشرية كافة. لا يمكن للناس العاديين أن يدركوا مدى المعاناة التي اجتازها أو يقدروها. ماذا تمثل هذه المعاناة؟ إنها تمثل تكريس الله للبشرية. إنها تمثل المهانة التي عانى منها والثمن الذي دفعه من أجل خلاص الإنسان، ليفديه من خطاياه وليُكمل هذه المرحلة من عمله. وهذا يعني أيضًا أن الإنسان سيُفتدى من الصليب بعمل الله. هذا الثمن دُفع دمًا وحياةً، وهو ثمن لا يمكن للكائنات المخلوقة أن تدفعه. لأنه كان يحمل جوهر الله وكان مؤهلاً بما لدى الله وبمن هو الله استطاع أن يتحمل هذا النوع من المعاناة وهذا النوع من العمل. هذا شيء لا يمكن لأي كائن مخلوق أن يفعله بدلاً منه. هذا هو عمل الله أثناء عصر النعمة وإعلان عن شخصيته. هل يكشف هذا أي شيء عما لدى الله وعمَّنْ هو الله؟ هل هو شيء يستحق أن تعرفه البشرية؟

مع أن الإنسان لم ير شخص الله في ذلك العصر، إلا أنه نال ذبيحة الله عن الخطية وافتُدي من الصليب بواسطة الله. قد لا تكون البشرية غريبة عن العمل الذي قام به الله أثناء عصر النعمة، لكن هل من أحدٍ مطلع على الشخصية والمشيئة الذين يعبر عنهما الله أثناء هذه الفترة؟ لا يعرف الإنسان تفاصيل عمل الله أثناء العصور المختلفة من خلال قنوات متنوعة، أو يعرف قصصًا متعلقة بالله قد حدثت في نفس الوقت الذي كان ينفذ فيه الله عمله. هذه التفاصيل والقصص هي في الغالب مجرد معلومات أو أساطير عن الله، وليس لها أية علاقة بشخصية الله وجوهره. لذلك مهما كان عدد القصص التي يعرفها الناس عن الله، فهذا لا يعني أن لديهم فهمًا عميقًا ومعرفةً عن شخصية الله أو جوهره. مثلما هو الحال في عصر الناموس، مع أن الناس من عصر النعمة قد اختبروا تواصلاً قريبًا وحميمًا مع الله في الجسد، إلا أن معرفتهم بشخصية الله وجوهره لم تكن موجودة فعليًّا.

صار الله جسدًا مرةً أخرى في عصر الملكوت، بنفس طريقة المرة الأولى. أثناء هذه المرحلة من العمل، لا يزال الله يعبر عن كلمته ويقوم بالعمل الذي ينبغي عليه القيام به ويعبر عما لديه وعمَّنْ هو بلا تحفظ. في الوقت ذاته، يستمر في تحمل عصيان الإنسان وجهله ويتسامح معه. ألا يكشف الله باستمرار عن شخصيته ويعبر عن مشيئته أثناء هذه المرحلة من العمل أيضًا؟ لذلك، فمنذ خلق الإنسان حتى اليوم، كانت شخصية الله وكيانه وصفاته ومشيئته معلنة دائمًا لكل شخص. لم يحجب الله جوهره أو شخصيته أو مشيئته أبدًا عمدًا. كل ما في الأمر هو أن البشرية لا تبالي بشأن ما يفعله الله وما هي مشيئته؛ وهذا هو السبب في أن فهم الإنسان عن الله يُرثى له. بمعنى آخر، بينما يحجب الله شخصه، فإنه يقف إلى جانب البشرية في كل لحظة، ويبرز مشيئته وشخصيته وجوهره علنًا في كل الأوقات. هذا معناه أن شخص الله أيضًا معلن للناس، ولكن بسبب عمى الإنسان وعصيانه، فهو غير قادر دائمًا على رؤية ظهور الله. إن كان الأمر هكذا إذًا، ألا ينبغي أن يكون فهم شخصية الله والله ذاته سهلاً للجميع؟ هذا سؤال تصعب إجابته، أليس كذلك؟ يمكنكم أن تقولوا إنه سهل، ولكن عندما يسعى بعض الناس لمعرفة الله، لا يمكنهم أن يعرفوه حقًّا ولا أن يحصلوا على فهم واضح عنه؛ فدائمًا ما يكون ضبابيًّا ومبهمًا. لكن إن قلتم أنه ليس سهلاً، فهذا غير صحيح أيضًا. بعد أن صار كل شخص خاضعًا لعمل الله لمدة طويلة، ينبغي على كل واحد، من خلال اختباراتهم، أن يكون قد دخل في تعاملات صادقة مع الله. لا بد أنهم قد شعروا بالله بقدر ما في قلوبهم أو اصطدموا بالله من قبل على المستوى الروحي، لذلك ينبغي عليهم على الأقل أن تكون لديهم ثمة وعي شعوري بشخصية الله أو أن يكونوا قد حصلوا على بعض الفهم عنه. منذ الوقت الذي بدأ فيه الإنسان باتباع الله إلى الآن، نالت البشرية الكثير جدًّا، ولكن بسبب كافة أنواع الأسباب – أي إمكانيات الإنسان الضعيفة وجهله وعصيانه والمقاصد المتنوعة – فقدت البشرية أيضًا الكثير. ألم يعطِ الله للبشرية بالفعل ما يكفي؟ مع أن الله يحجب شخصه عن البشر، إلا إنه يمدهم بما لديه وبمَنْ هو، وحتى بحياته؛ لا ينبغي أن تكون معرفة البشرية عن الله على ما هي عليه الآن فحسب. لهذا السبب أعتقد أنه من الضروري أن أشارككم المزيد عن موضوع عمل الله وشخصية الله والله ذاته. الهدف هو ألا تضيع آلاف السنوات من الرعاية والفكر الذين أفاضهما الله على الإنسان هباءً، ولكي تنال البشرية فهمًا أصيلاً وتقدّر مشيئة الله تجاهها، وحتى يستطيع الناس المضي قدمًا في خطوة جديدة نحو معرفة بالله. وبهدف أن يعود الله أيضًا إلى مكانه الصحيح في قلوب الناس، أي أن يعاملونه بعدل.

– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (أ)

اترك رد