كلمات الله اليومية | "الله ذاته، الفريد (ج)" | اقتباس 123
النمو: المنعطف الثاني
ينشأ الناس في بيئاتٍ منزليّة مختلفة اعتمادًا على نوع العائلة التي ينتسبون إليها، ويتعلّمون دروسًا مختلفة من والديهم. وهذا يُحدّد الظروف التي يبدأ فيها الشخص في البلوغ والنمو ويُمثّل المنعطف الثاني والحاسم في حياة الشخص. غنيٌّ عن القول إن الناس لا خيار لديهم في هذا المنعطف أيضًا، فهو كذلك ثابتٌ ومُرتّب قبلًا.
1. الظروف التي ينمو فيها الشخص مُحدّدة من الخالق
لا يستطيع الشخص اختيار الأشخاص أو العوامل التي ينمو في ظلّ تهذيبهم وتأثيرهم. لا يستطيع المرء اختيار المعرفة أو المهارات التي يكتسبها، أو العادات التي يُشكّلها. لا خيار للمرء في والديه وأقاربه ونوع البيئة التي ينمو فيها؛ وعلاقاته مع الناس والأحداث والأشياء في محيطه، وكيفيّة تأثيرها على نموه، فهذه كلها خارجةٌ عن نطاق سيطرته. من يُحدّد هذه الأشياء إذًا؟ من يُرتّبها؟ بما أن الناس ليس لديهم خيار في هذه المسألة، وبما أنهم لا يستطيعون تحديد هذه الأشياء لأنفسهم، وبما أنه من الواضح أنها لا تتشكّل بصورةٍ طبيعيّة، فإنه غنيٌّ عن البيان أن تشكيل هذا كله يكمن بين يديّ الخالق. مثلما يُرتّب الخالق الظروف الخاصة لميلاد كل شخصٍ، فمن البديهيّ أنه يُرتّب أيضًا الظروف المُحدّدة لنمو الشخص. إذا أحدث ميلاد الشخص تغييرات على الأشخاص والأحداث والأشياء المحيطة به، فإن نمو هذا الشخص ونشأته سوف يؤثّران عليها بالضرورة أيضًا. على سبيل المثال، يولد بعض الناس لعائلاتٍ فقيرة، ولكنهم يكبرون محاطين بالثروات، ويولد آخرون لعائلاتٍ ثريّة ولكنهم يتسبّبون في تراجع ثروات عائلاتهم لدرجة أنهم ينمون في بيئاتٍ فقيرة. لا يخضع ميلاد أحدٍ لقاعدةٍ ثابتة، ولا ينمو أحدٌ في ظلّ مجموعةٍ من الظروف الثابتة المحتومة. هذه ليست نوعيّة الأشياء التي يمكن لأيّ شخصٍ تخيّلها أو التحكّم بها؛ إنها نتاجات مصير الشخص وتتحدّد بمصير الشخص. بالطبع، تتمثّل خلاصة القول في أن الخالق سبق فحددها لمصير الشخص وصمّمتها سيادة الخالق على مصير ذلك الشخص وخططه لهذا المصير.
2. الظروف المتنوّعة التي ينمو فيها الناس تؤدّي إلى الأدوار المختلفة
تُهيّئ ظروف ميلاد الشخص على مستوى أساسيّ البيئة والظروف التي ينمو فيها، والظروف التي ينمو فيها الشخص هي أيضًا نتاجٌ لظروف ميلاده. يبدأ المرء خلال هذا الوقت في تعلّم اللغة، ويبدأ العقل في اختبار واستيعاب العديد من الأشياء الجديدة في سياق النمو المستمرّ للشخص. الأشياء التي يسمعها الشخص بأذنيه ويراها بعينيه ويستوعبها بعقله تُثري بالتدريج عالمه الداخليّ وتُحفّزه. كما أن الأشخاص والأحداث والأشياء التي يختبرها المرء، والحسّ السليم والمعرفة والمهارات التي يتعلّمها، وطرق التفكير التي يتأثّر بها أو يتلقّاها أو يتعلّمها سوف تُوجّه كلها مصيره في الحياة وتُوثّر عليه. لا يمكن فصل اللغة التي يتعلّمها المرء في مرحلة نموه وطريقة تفكيره عن البيئة التي يحيا بها شبابه، وتتكوّن تلك البيئة من الوالدين والأشقاء وغيرهم من الأشخاص والأحداث والأشياء المحيطة بالمرء. ولذلك فإن مسار نمو الشخص تُحدّده البيئة التي ينمو فيها، ويعتمد أيضًا على الأشخاص والأحداث والأشياء التي يختبرها الشخص خلال هذه الفترة الزمنيّة. بما أن الظروف التي ينمو فيها الشخص مُحدّدة قبل فترةٍ طويلة، فإن البيئة التي يعيش فيها المرء خلال هذه العملية هي أيضًا، وبطبيعة الحال، مُحدّدة قبلًا. إنها لا تتحدّد بخيارات الشخص وتفضيلاته بل وفقًا لخطط الخالق وتُقرّرها ترتيبات عناية الخالق وسيادته على مصير الشخص في الحياة. ولذلك فإن الأشخاص الذين يتقابل بهم أيّ شخصٍ في دورة النمو، والأشياء التي يختبرها، كلّها مرتبطةٌ حتمًا بتنظيم الخالق وترتيبه. لا يستطيع الناس التنبؤ بهذه الأنواع من العلاقات المتبادلة المُعقّدة، ولا يمكنهم التحكّم بها أو سبر أغوارها. العديد من الأشياء المختلفة والكثير من الناس المختلفين لديهم تأثيرٌ على البيئة التي ينمو فيها الشخص، ولا يوجد شخصٌ قادر على ترتيب مثل هذه الشبكة الواسعة من الروابط وتنظيمها. لا يمكن لأيّ شخصٍ أو شيءٍ ما عدا الخالق التحكّم في ظهور ووجود واختفاء جميع الأشخاص والأحداث والأشياء المختلفة. وهذه الشبكة الواسعة من الروابط التي تُشكّل نمو الشخص كما سبق فحدّده الخالق هي التي تُشكّل البيئات المختلفة التي ينمو فيها الناس وتُكوِّن الأدوار المختلفة اللازمة لعمل الخالق في التدبير وإرساء قواعد صلبة قويّة للناس حتّى يتمكّنوا من إنجاز مهامهم بنجاحٍ.
من "الكلمة يظهر في الجسد"