لكي تقف أمام الله وتقبل كلامه كحياة لك، يجب عليك أولًا أن تهدأ أمام الله؛ فلن ينيرك الله ويهبك المعرفة إلاّ عندما تهدأ أمامه. وكلما كان الناس أكثر هدوءًا أمام الله، زادت قدرتهم على تلقي استنارة الله وإضاءته. وهذا كله يتطلب من الناس أن يتحلّوا بالتقوى والإيمان. وهكذا فقط يمكنهم بلوغ الكمال. إن الدرس الأساسي لدخول الحياة الروحية هو الهدوء في حضرة الله. لن يكون تدريبك الروحي كله فعّالًا إلا إن كنت هادئًا في حضرة الله. وإن لم تستطع تهدئة قلبك أمام الله، فلن تكون قادرًا على تلقي عمل الروح القدس. أما إذا كان قلبك هادئًا أمام الله بغض النظر عمَّا تفعله، فهذا يثبت أنك شخص يعيش في حضرة الله. إن كان قلبك هادئًا أمام الله ويتقرّب إليه بغض النظر عما تفعله، فهذا يثبت أنك شخص هادئ أمام الله. وعندما تتحدث مع الآخرين، أو تسير، إذا كنت قادرًا على أن تقول: "قلبي يتقرب إلى الله ولا يُركِّز على الأمور الخارجية، ويمكنني أن أهدأ أمام الله"، فأنت شخص هادئ أمام الله. لا تنخرط في أي شيء يجتذب قلبك نحو أمور خارجية، أو تشترك مع أشخاص يبعدون قلبك عن الله. تخلَّ أو ابتعد عن أي شيء يمكنه إلهاء قلبك عن الاقتراب من الله. هذه الطريقة أكثر منفعة لحياتك. حان الآن وقت العمل العظيم للروح القدس. إنه الوقت الذي فيه يكمّل الله بنفسه الناس. إن كنت لا تستطيع في هذه اللحظة أن تهدأ أمام الله، فأنت لست شخصًا سيعود أمام عرش الله. إن كنت تسعى وراء أشياء غير الله، فما من إمكانية لأن يكمِّلك الله. إن الذين يستطيعون اليوم سماع مثل هذه الأقوال من الله لكنهم يخفقون في الهدوء أمامه هم أناس لا يحبون الحق، ولا يحبون الله. إن لم تقدم نفسك الآن، فماذا تنتظر؟ إن تقديم النفس يعني تهدئة القلب أمام الله. هذه تقدمة حقيقية. من يقدم قلبه حقًّا لله الآن سيكمِّله الله حتمًا. ما من شيء، أيًّا كان، يمكنه إزعاجك. وسواء كان ذلك لتهذيبك أو التعامل معك، أو كنت تواجه إحباطًا أو فشلًا، ينبغي أن يكون قلبك دائمًا هادئًا أمام الله. ينبغي أن يكون قلبك هادئًا أمام الله مهما كانت الطريقة التي يعاملك بها الناس. ومهما كانت الظروف التي تواجهها، سواء أكانت محنًا أو معاناة أو اضطهادًا أو تجارب مختلفة، فينبغي أن يكون قلبك هادئًا دائمًا أمام الله. هذه هي السبل لأن يكمّلك الله. لن يصبح كلام الله الحالي واضحًا لك إلاّ إن هدأت حقًّا أمام الله. يمكنك بعدها أن تمارس، بصورة أصح ودونما انحراف، استنارة الروح القدس وإضاءته، وتفهم على نحو أوضح مقاصد الله التي ستعطي خدمتك اتجاهًا أوضح، وتستوعب بمزيد من الدقة تأثير الروح القدس وإرشاده. هذه هي النتائج التي يحققها الهدوء الحقيقي أمام الله. عندما لا يدرك الناس بوضوح كلام الله، ويفتقرون إلى طريق للممارسة، ويخفقون في فهم مقاصد الله، أو لا يتحلّون بمبادئ للممارسة، فهذا يعود إلى أن قلوبهم ليست هادئة أمام الله. إن الهدف من الهدوء أمام الله هو أن تكون جديًّا وعمليًّا وتلتمس الاستقامة والشفافية من كلام الله، وفي النهاية تصل إلى فهم الحق ومعرفة الله.
إن كان قلبك لا يهدأ غالبًا في حضرة الله، فليس أمام الله وسيلة لأن يكمّلك. إن الافتقار إلى العزيمة يساوي الافتقار إلى القلب، وشخص بلا قلب لا يمكنه أن يكون في سلام في حضرة الله. مثل هذا الشخص لا يعرف مقدار العمل الذي يقوم به الله أو مقدار ما يقوله، ولا يعرف كيف يمارسه. أليس هذا شخصًا بلا قلب؟ هل يمكن لإنسان بلا قلب أن يهدأ أمام الله؟ لا يمكن أن يكمّل الله أناسًا بلا قلب؛ لأنهم لا يختلفون عن البهائم والدواب. لقد تحدث الله بوضوح وشفافية. ومع ذلك، فقلبك لم يتأثر حتى الآن وما زلت لا تقدر على الهدوء أمام الله؛ ألست حيوانًا أعجمَ؟ يضلّ بعض الناس في ممارسة الهدوء في حضرة الله، وعندما يحين وقت الطهي لا يطهون، وعندما يحين وقت القيام بالأعمال المعتادة لا يعملونها، بل يذهبون للصلاة والتأمل. الهدوء أمام الله لا يعني عدم الطهي أو عدم إتمام الأعمال المعتادة أو تجاهل الحياة، بل يعني القدرة على تهدئة القلب أمام الله في كل الحالات العادية، وعلى أن يكون لله مكان في قلب المرء. عندما تصلي، ينبغي أن تركع كما يجب أمام الله للصلاة، وعندما تعمل الأعمال المعتادة أو تجهز الطعام، هدّئ قلبك أمام الله أو تأمل في كلامه أو رنم ترانيم. مهما كان الموقف الذي تجد نفسك فيه، يجب أن يكون لديك طريقتك الخاصة في الممارسة، وأن تفعل كل ما بوسعك لتتقرب إلى الله، وأن تفعل كل ما يمكنك لتهدّئ قلبك أمامه. وعندما تسمح الظروف، صلِّ بتركيز. وعندما لا تسمح الظروف، تقرّب إلى الله في قلبك أثناء قيامك بالمهمة التي بين يديك. وعندما تستطيع أكل وشرب كلام الله، عندئذٍ كل واشرب كلامه، وعندما تستطيع الصلاة، عندئذٍ صلِّ، وعندما يمكنك التأمل في الله، عندئذٍ تأمل فيه. وبتعبير آخر، افعل كل ما بوسعك لتدرّب نفسك على ممارسة الدخول حسب بيئتك. يمكن لبعض الناس أن يهدؤوا أمام الله عندما لا يحدث شيء، ولكن بمجرد حدوث شيء تَشْرُد عقولهم. هذا ليس بهدوء أمام الله. الطريق الصحيح للاختبار هو ألا يترك قلب المرء الله تحت أي ظرف من الظروف وألاّ يشعر بانزعاج من الأحداث أو الناس أو الأشياء الخارجية، وعندئذ فقط يكون المرء شخصًا هادئًا حقًّا أمام الله. يقول بعض الناس إنهم حين يصلون في الاجتماعات، يمكن لقلوبهم أن تهدأ أمام الله، ولكن في الشركة مع الآخرين لا يمكنهم الهدوء أمامه وتتشتت أفكارهم. هذا ليس بهدوء أمام الله. إن معظم الناس حاليًّا هم في هذه الحالة، ولا يمكن لقلوبهم دائمًا أن تهدأ أمام الله. لذلك، تحتاجون إلى بذل المزيد من الجهد لتدربوا أنفسكم في هذا المجال، والدخول خطوة بخطوة في طريق الخبرة الحياتية الصحيح والسير في طريق تكميل الله لكم.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. في تهدئة قلبك أمام الله