آيات الكتاب المقدس للرجوع إليها:
"قَالَ لَهُ يَسُوعُ: "أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلْآبِ إِلَّا بِي. لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا. وَمِنَ ٱلْآنَ تَعْرِفُونَهُ وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ" (يوحنا 14: 6-7).
"ٱلْكَلَامُ ٱلَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لَكِنَّ ٱلْآبَ ٱلْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ ٱلْأَعْمَالَ. صَدِّقُونِي أَنِّي فِي ٱلْآبِ وَٱلْآبَ فِيَّ، وَإِلَّا فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ ٱلْأَعْمَالِ نَفْسِهَا" (يوحنا 14: 10-11).
"أَنَا وَٱلْآبُ وَاحِدٌ" (يوحنا 10: 30).
كلمات الله المتعلقة:
ذاك الذي هو الله المُتجسّد يحمل جوهر الله، وذاك الذي هو الله المُتجسّد يحمل تعبير الله. بما أنَّ الله يصير جسدًا، فسوف يُنجِز العمل الذي يجب أن يُتمِّمَهُ. وحيث إن الله يصير جسدًا، فسوف يعبِّر عن ماهيته، وسيكون قادرًا على جلب الحق للبشر، ومنحهم الحياة، وإظهار الطريق لهم. الجسد الذي لا يحتوي على جوهر الله هو بالتأكيد ليس الله المُتجسّد؛ هذا أمرٌ لا شك فيه. للتحقق ممّا إذا كان هذا جسد الله المُتجسّد، يجب على الإنسان أن يحدّد هذا من الشخصية التي يعبِّر عنها والكلمات التي يتحدَّث بها. أي أنه سواء كان جسد الله المُتجسّد أم لا، وسواء كان الطريق الحق أم لا، فيجب الحُكم على هذين الأمرين من جوهره. ومن ثمّ، من أجل تحديد إذا ما كان هذا هو جسد الله المُتجسّد، علينا أن ننتبه إلى جوهره (عمله وكلامه وشخصيته والعديد من الأمور الأخرى) بدلاً من مظهره الخارجي. إن رأى الإنسان فقط مظهر الله الخارجي، وتغاضى عن جوهره، فهذا يُظهر جهل الإنسان وسذاجته.
من تمهيد "الكلمة يظهر في الجسد"
ماذا يجب أن تعرف عن الإله العملي؟ يُكوِّن الروح والأُقنوم والكلمة الإله العملي ذاته، وهذا هو المعنى الحقيقي للإله العملي نفسه. إذا كنت تعرف الأُقنوم فحسب – إذا كنت تعرف عاداته وشخصيته – ولكن لا تعرف عمل الروح، أو ما يفعله الروح في الجسد، وإذا كنت لا تهتم إلا بالروح، والكلمة، وتصلي أمام الروح فقط، غير عارف بعمل روح الله في الإله العملي، فهذا يثبت حتى الآن أنك لا تعرف الإله العملي. تشمل معرفة الإله العملي معرفة كلماته واختبارها، وإدراك قواعد عمل الروح القدس ومبادئه، وكيف يعمل روح الله في الجسد. كذلك، يشمل هذا أيضاً معرفة أن كل عمل من أعمال الله في الجسد يحكمه الروح، وأن الكلمات التي يتحدث بها هي التعبير المباشر للروح. وهكذا، إذا كنت ترغب في معرفة الإله العملي، فيجب أن تعرف في المقام الأول كيف يعمل الله في الإنسانية والأُلوهية، وهذا بدوره يتعلق بتعبيرات الروح، التي يتعامل معها جميع الناس.
من "يجب أن تعرف أن الإله العملي هو الله نفسه" في "الكلمة يظهر في الجسد"
يجب أن تتحقق معرفة الله من خلال قراءة كلام الله وفهمه. يقول البعض: "لم أرَ الله المتجسِّد، فكيف لي أن أعرف الله؟" في الواقع، كلام الله هو تعبير عن شخصيته. من كلام الله يمكنك أن ترى حب الله وخلاصه للبشر، وكذلك طريقته في خلاصهم... هذا لأن كلام الله يعبّر عنه الله نفسه وليس مكتوبًا من قِبل البشر. وقد نطق به الله شخصيًا، فهو ينطق بكلامه وبصوته الداخلي. لماذا يُسمَّى كلامًا من القلب؟ لأنه يصدر من الأعماق، ويعبر عن شخصيته ومشيئته وأفكاره وحبه وخلاصه للبشرية وتوقعاته من البشرية. تحوي أقوال الله على كلمات قاسية وكلمات رقيقة ومراعية لشعور الآخرين، بالإضافة إلى بعض الكلمات الكاشفة التي لا تتماشى مع تمنيات الإنسان. إن نظرت إلى الكلمات الكاشفة فحسب، فقد تشعر بأن الله شديد الصرامة. وإذا نظرت إلى الكلمات الرقيقة فحسب، فقد تشعر بأن الله لا يملك الكثير من السلطان. لذلك، يجب ألا تأخذها خارج سياقها، ولكن انظر لها من جميع الزوايا. في بعض الأحيان يتحدث الله من منظور اللطف والرحمة، ثمّ يرى الناس محبته للبشرية، وفي أحيان أخرى يتحدث من منظور الصرامة الشديدة، فيرى الناس عندها شخصيته التي لا تقبل الإساءة. الإنسان دنس على نحوٍ يدعو للأسى، ولا يستحق رؤية وجه الله أو المثول أمامه، والسماح للناس الآن بالوقوف أمامه إنما هو بنعمة منه. ويمكن رؤية حكمة الله من طريقة عمله ودلالة هذا العمل. ما زال بوسع الناس أن يروا هذه الأشياء في كلام الله حتى بدون أي اتصال مباشر منه. عندما يتواصل مع المسيح شخص لديه معرفة حقيقية بالله، فإن لقاءه بالمسيح يمكن أن يتطابق مع معرفته الحالية بالله، ولكن عندما يلتقي اللهَ شخص لديه فهم نظري فقط، فلا يمكنه رؤية العلاقة المتبادلة. يمثّل هذا الجانب من الحق أعمق الأسرار، ومن الصعب فهمه. لخِّصوا كلام الله عن سر التجسُّد، وانظروا إليه من جميع الزوايا، ثم صلّوا معًا وتأملوا وأقيموا مزيدًأ من الشركات حول هذا الجانب من الحق، ومن خلال ذلك ستتمتع بالقدرة على نيل الاستنارة من الروح القدس وتتوصل إلى الفهم. بما أن البشر لا يملكون فرصة للاتصال المباشر مع الله، فيجب أن يعتمدوا على هذا النوع من الخبرة ليتحسّسوا طريقهم، وليدخلوا رويدًا رويدًا حتى يكتسبوا المعرفة الحقيقية بالله.
من "كيفية معرفة الله المتجسِّد" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"
مع أن مظهر الله المُتجسّد يشبه تمامًا مظهر الإنسان، وأنه يتعلّم المعرفة البشريّة ويتحدّث اللغة البشريّة، وفي بعض الأحيان يُعبّر عن أفكاره من خلال طرق الإنسان أو تعابيره، إلّا أن الطريقة التي يرى بها البشر وجوهر الأشياء تختلف تمام الاختلاف عن الطريقة التي يرى بها الفاسدون البشر وجوهر الأشياء. فوجهة نظره والمكانة التي يستند عليها شيءٌ بعيد المنال عن شخصٍ فاسد. وهذا لأن الله هو الحقّ، والجسد الذي يلبسه يملك أيضًا جوهر الله، كما أن أفكاره وما تُعبّر عنه بشريّته هي أيضًا الحقّ. أمّا للفاسدين، فإن ما يُعبّر عنه في الجسد هو أحكام الحقّ والحياة. هذه الأحكام ليست لشخصٍ واحد فقط ولكنها للبشر جميعًا. لا يوجد في قلب أيّ شخصٍ فاسد سوى أولئك الأشخاص القليلون الذين يرتبطون به. لا يوجد سوى أولئك الأشخاص العديدون الذين يهتمّ بهم ويُفكّر فيهم. عندما تلوح كارثةٌ في الأفق، فإنه يُفكّر أوّلاً بأولاده أو شريك حياته أو والديه، ويكون أقصى ما يُفكّر به الشخص الأكثر إنسانيّة بعض الأقارب أو الأصدقاء الجيّدين؛ هل يُفكّر في المزيد؟ كلا على الإطلاق! لأن البشر هم بشرٌ على أيّة حالٍ، ولا يمكنهم النظر إلى كلّ شيءٍ سوى من منظور ومن مكانة البشر. ومع ذلك، فإن الله المُتجسّد يختلف تمام الاختلاف عن الشخص الفاسد. بغض النظر عن مدى كون جسد الله المُتجسّد عاديًّا ومألوفًا وبسيطًا، أو حتى مدى النظرة الدونية التي تبناها الناس تجاهه، إلّا إن أفكاره وموقفه تجاه البشر هي أشياءٌ لا يمكن لأحدٍ أن يملكها، ولا يمكن لأحدٍ أن يُقلّدها. سوف يلاحظ البشر دائمًا من منظور الألوهيّة، ومن علوّ مكانته باعتباره الخالق. سوف يرى البشر دائمًا من خلال جوهر الله وعقليته. لا يمكن أن يرى البشر على الإطلاق من مكانة شخصٍ عاديّ ومن منظور شخصٍ فاسد. عندما ينظر الناس إلى البشريّة، فإنهم ينظرون برؤيةٍ بشريّة ويستخدمون أشياءً مثل المعرفة البشريّة والقواعد والنظريّات البشرية كمقياسٍ. هذا في نطاق ما يمكن أن يراه الأشخاص بأعينهم؛ إنه في نطاق ما يمكن أن يُحقّقه الفاسدون. أمّا عندما ينظر الله إلى البشر، فإنه ينظر برؤيةٍ إلهيّة ويستخدم جوهره وما لديه ومَنْ هو كمقياسٍ. يشمل هذا النطاق أشياءً لا يستطيع الناس رؤيتها، وهذا مكمن الاختلاف التامّ بين الله المُتجسّد والبشر. وهذا الاختلاف يُقرّره الجوهران المختلفان للبشر والله، وهذان الجوهران المختلفان هما اللذان يُحدّدان هويّتهما ومكانتهما وكذلك المنظور والعلوّ اللذان يران منهما الأشياء.
من "عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (ج)" في "الكلمة يظهر في الجسد"
لن ترى الله يحمل وجهات نظرٍ متشابهة حول الأشياء التي يمتلكها الناس، وبالإضافة إلى ذلك، لن تراه يستخدم وجهات نظر البشر أو معرفتهم أو علمهم أو فلسفتهم أو خيال الإنسان للتعامل مع الأشياء. بدلاً من ذلك، فإن كلّ شيءٍ يفعله الله وكلّ شيءٍ يكشفه مرتبطٌ بالحقّ. وهذا يعني أن كلّ كلمةٍ قالها وكلّ فعلٍ عمله يتعلَّق بالحقّ. وهذا الحقّ ليس خيالاً لا أساس له من الصحّة، هذا الحق وهذه الكلماتيُعبّر عنها الله بسبب جوهر الله وحياته. ولأن هذه الكلمات ومضمون كلّ شيءٍ فعله الله هو الحقّ، يمكننا القول إن جوهر الله قُدّوسٌ. وهذا يعني أن كلّ شيءٍ يقوله الله ويفعله يجلب الحيويّة والنور للناس؛ إنه يسمح للناس برؤية الأشياء الإيجابيّة وواقع تلك الأشياء الإيجابيّة، وهي توضح الطريق للبشر بحيث يسمح لهم بالسير في الطريق السليم. تُحدَّد هذه الأشياء بسبب جوهر الله وتُحدَّد بسبب جوهر قداسته.
من "الله ذاته، الفريد (هـ)" في "الكلمة يظهر في الجسد"
وُلِدَ الله أيضًا في أرض الدنس، ومع ذلك لم يتدنَّس. إنه يعيش في العالم الدنس ذاتهِ الذي تعيشُ فيه، لكنه يمتلك العقل والإدراك، ويمقُتُ الدنس. قد لا تتمكنُ أنت حتى من اكتشاف أي شيءٍ دنس في كلامِكَ وأفعالِك، لكن الله يمكنه ذلك، ويَدلُّكَ عليه. قد سُلِّط الضوءِ الآن على أمورك القديمة تلك – مثل افتقارك للتهذيب والبصيرة والعقل، وطرق عيشك المتخلِّفة – من خلال إعلانات اليوم؛ فالناس لا يعاينون قداسة الله وشخصيته البارَّة إلا عندما يجيء إلى الأرض لِيَعمَل. هو يُدينُكَ ويوبِّخُك، مما يجعلك تكتسب الفهم؛ إذ تظهر طبيعتك الشيطانية في بعض الأحيان، وهو يَدُلُّكَ عليها. إنه يعرف جوهر الإنسان مثلما يعرف ظاهِرَ يده. يعيش وسطكم، ويأكل نفس الطعام الذي تأكله، ويعيش في نفس البيئة – ومع ذلك، فهو يعرف أكثر. يمكنه أن يكشفك ويدرك الجوهر الفاسد للبشرية. لا يزدري شيئًا أكثر من الفلسفات التي يعيش بها الإنسان وخِداعِهِ وغدرِهِ. هو يمقُتُ على نحو خاص تعاملات الناس الجسدية. قد لا يكون على دراية بالفلسفات التي يعيش بها الإنسان، لكن يمكنه أن يرى ويكشف بوضوح الشخصيات الفاسدة التي يُظهرها الناس. إنه يعمل ليتكلَّمَ ويُعلِّمَ الإنسان من خلال هذه الأمور، ويستخدمها لِيُدينَ الناس، ويُظهِرَ شخصيَّتَه البارة والمقدسة. هكذا يُصبح الناس شخصيات ضدّ لعمله. وحده الله المتجسِّد قادرٌ على توضيح شخصيات الإنسان الفاسدة وجميع وجوه الشيطان القبيحة. ومع أنه لا يعاقبك، بل يستخدمك فقط كشخصية ضدّ لقداسته وبره، تشعر بالخزي ولا تجد مكانًا لتختبئ فيه، لأنك دنس للغاية. هو يتكلَّم مُستخدمًا تلك الأمور التي يُكشف عنها في الإنسان، وفقط عندما يُسلَّط الضوء على تلك الأمور، يُدركُ الناسُ مدى قداسة الله. لا يتغاضى عن أدنى نجاسةٍ في الناس، ولا حتى عن الخواطر الدنسة التي في قلوبهم، فهو لا يبرِّر كلمات الناس وأفعالهم إن كانت متعارضة مع إرادته. لا موضعَ في كلامِهِ لدنس البشر أو دنس أي شيء آخر، إذ يجب كشف كُلِّ شيء. حينها فقط ترى أن الله لا يُشبه الإنسان حقًا. هو يمقُتُ الناس تمامًا إذا كان فيهم أدنى قدر من الدنس. في بعض الأحيان يعجز الناس عن الفهم، ويقولون: "يا إلهي، لماذا أنت غاضبٌ جدًّا؟ لماذا لا تبالي بضعف الإنسان؟ لماذا لا يمكنك أن تكون متسامحًا قليلًا مع الناس؟ لماذا لا تراعي الإنسان؟ من الواضح أنك تعرف إلى أي مدى وصل إفساد الناس، فلماذا ما زلت تعاملهم بهذه الطريقة؟". إنه يمقُت الخطية، ويشعر بالاشمئزاز منها، ويشعر بالاشمئزاز خاصة إذا كان فيكَ أي أثر للعصيان. عندما تُظهِر شخصية متمردة، يراها ويشمئز منها للغاية، بل يشمئز منها على نحو غير عادي. تتجلى شخصية الله وماهيته من خلال هذه الأمور. عندما تضع نفسك في موضع المقارنة تجد أنه على الرغم من أنه يأكل نفس طعام الإنسان، ويرتدي نفس الملابس، ويستمتع بنفس الأشياء التي يستمتع بها البشر، ويعيش ويسكن معهم، فإنه يختلف عن الإنسان. أليست هذه هي أهمية شخصية الضدّ؟ تُظهِرُ هذه الأمور البشرية قوة الله؛ أي إنها أشبه بالظلام الذي يُطلِقُ الوجود الثمين للنور.
من "كيفية تحقيق آثار الخطوة الثانية من عمل الإخضاع" في "الكلمة يظهر في الجسد"
إنه على دراية تامّة بجوهر الإنسان، ويمكنه أن يكشف كل أنواع الممارسات المتعلقة بجميع أنواع الناس. إنه حتى أفضل في كشف الشخصيات الفاسدة والسلوك المتمرد لدى البشر. إنه لا يعيش بين الناس في هذا العالم، لكنه عالم بطبيعة الفانين وكل أنواع فساد البشر في العالم. هذه هي ماهيّته. على الرغم من أنه لا يتعامل مع العالم، فهو يعرف قواعد التعامل مع العالم؛ لأنه يفهم بالتمام الطبيعة البشرية. إنه يعرف عمل الروح الذي لا يمكن لعيون الإنسان أن تراه ولا يمكن لآذان الإنسان أن تسمعه، في الحاضر والماضي على السواء. يتضمن هذا حكمة ليست فلسفة للمعيشة أو عجائب يصعب على الناس فهمها. هذه هي ماهيته المعلَنة للناس وأيضًا المحجوبة عنهم. ما يعبر عنه ليس ماهية شخص استثنائي، بل هو ماهية الروح وصفاته المتأصلة. فهو لا يجوب العالم ولكنه يعرف كل شيء فيه. إنه يتواصل مع "أشباه الإنسان" الذين ليس لديهم أية معرفة أو بصيرة، لكنه يعبر بكلمات أعلى من المعرفة وفوق مستوى الرجال العظماء. إنه يعيش بين جماعة من الناس البليدين وفاقدي الإحساس الذين يفتقرون إلى الطبيعة البشرية ولا يفهمون الأعراف والحياة البشرية، لكنه يستطيع أن يطلب من البشرية أن تعيش حياة بشرية عادية، وفي الوقت ذاته يكشف الطبيعة البشرية المتدنية والمنحطّة للبشر. كل هذا هو ماهيته، وهي أسمى من ماهية أي شخص من لحم ودم. بالنسبة إليه، من غير الضروري أن يختبر حياة اجتماعية معقدة ومربكة ومتدنية لكي يقوم بالعمل الذي يحتاج أن يقوم به وأن يكشف بصورة شاملة جوهر البشرية الفاسدة. إن الحياة الاجتماعية الدنيئة لا تبني جسده. فعمله وكلامه لا يكشفان سوى عصيان الإنسان، ولا يقدمان للإنسان خبرة ودروسًا من أجل التعامل مع العالم. إنه لا يحتاج إلى أن يتحرى عن المجتمع أو أسرة الشخص عندما يمد الإنسان بالحياة. إن كشف الإنسان ودينونته ليسا تعبيرًا عن خبرات جسده؛ بل هي لكشف إثم الإنسان بعد معرفة طويلة الأمد بعصيان الإنسان وكراهية فساد البشرية. ويهدف العمل الذي يقوم به كله لكشف شخصيته للإنسان والتعبير عن ماهيته. وحده هو من يمكنه أن يقوم بهذا العمل، وهو شيء لا يمكن للشخص الذي من لحم ودم تحقيقه. من خلال عمله، لا يمكن للإنسان أن يعرف أي نوع من الأشخاص هو. كما أنه ليس باستطاعة الإنسان تصنيفه كشخص مخلوق على أساس عمله. كما أن ماهيته تجعله غير قابل للتصنيف ككائن مخلوق. لا يمكن للإنسان إلا أن يعتبره غير بشري، ولكنه لا يعرف في أي تصنيف يضعه، لذلك يُضطر الإنسان إلى أن يضعه في قائمة تصنيف الله. ليس من غير المعقول أن يقوم الإنسان بهذا، لأن الله قد قام بالكثير من العمل بين الناس مما لا يقدر إنسان على القيام به.
من "عمل الله وعمل الإنسان" في "الكلمة يظهر في الجسد"
روح الله هو السلطان السائد على كل الخليقة. إن الجسد مع جوهر الله يمتلك أيضًا سلطانًا، لكن الله الذي يحلّ في الجسد قادر على القيام بكل العمل الذي يُطيع مشيئة الآب السماوي. لا يمكن لأي إنسان أن يدرك هذا أو يتصوّره. الله نفسه سلطان، لكن يمكن لجسده أن يخضع لسلطانه. هذا هو المعنى الباطن للكلمات التي تقول إن: "المسيح يُطيع مشيئة الله الآب". إن الله روح ويمكنه أن يقوم بعمل الخلاص، حيث يمكن أن يصير الله إنسانًا. على أي حال، الله نفسه يقوم بعمله، وهو لا يعارض ولا يتدخل، كما لا يقوم بأعمال متضاربة مع بعضها بعضًا، لأن جوهر العمل الذي يقوم به الروح والجسد متشابهان. سواء أكان الروح أم الجسد، فكلاهما يعملان على إنفاذ مشيئة واحدة وتدبير العمل نفسه، ومع أن الروح والجسد لهما صفات متباينة، إلا أن جوهرهما واحد؛ كلاهما يتمتَّعان بجوهر الله نفسه، وهوية الله نفسه. ليس لدى الله نفسه أوجه عصيان؛ لأن جوهره صالحٌ. إنه التعبير عن كل الجمال والصلاح، وكذلك كل المحبة. حتى في الجسد، لا يقوم الله بأي شيء يعصي الله الآب. حتى إلى حد التضحية بحياته، سيكون مستعدًا من كل قلبه ولن يُقِدم على أي خيار آخر. ليس لدى الله أوجه بر ذاتي وأنانية، أو غرور وغطرسة؛ وليس لديه اعوجاج. فكل عصيان لله يأتي من الشيطان؛ فالشيطان هو مصدر كل قُبحٍ وشرٍ. السبب في أن الإنسان يتَّسِم بصفاتٍ مشابهة لتلك التي يتَّسِم بها الشيطان هو أن الشيطان قد أفسد الإنسان وحوّله. لكن الشيطان لم يُفسد المسيح، ومن ثمَّ فهو لا يمتلك سوى سمات الله، ولا يمتلك أيًا من سمات الشيطان. وبغض النظر عن مدى صعوبة العمل أو ضعف الجسد، فلن يفعل الله أبدًا، وهو يحيا في الجسد، أي شيء يعطِّل عمل الله نفسه، ولاسيّما إهمال إرادة الله الآب بالعصيان. فهو يُفضّل بالأحرى أن يعاني آلام الجسد عن أن يعارض مشيئة الله الآب، تمامًا كما قال يسوع في الصلاة: "يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ ٱلْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لَا إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ". سيظل الإنسان مخيَّرًا في هذا، أما المسيح فلن يكون كذلك. مع أنه يمتلك هوية الله نفسه، فإنه لا يزال يطلب مشيئة الله الآب، ويتمّم ما أوكل به الله الآب له، من ناحية الجسد. هذا أمرٌ لا يمكن للإنسان أن يدركه.
من "جوهر المسيح هو الطاعة لمشيئة الآب السماوي" في "الكلمة يظهر في الجسد"
لقد قادنا هذا الإنسان غير المهم من دون علمنا خطوة بعد خطوة إلى عمل الله. نختبر تجارب لا تعد ولا تحصى، ونخضع للعديد من التوبيخات، ونختبر الموت. إننا نتعلم من شخصية الله البارة والمهيبة، ونتمتع أيضًا بحبه وتعاطفه، ونقدّر قوة الله وحكمته العظيمتين، ونشهد على جمال الله، ونعاين رغبة الله المتلهفة لخلاص الإنسان. على حد تعبير هذا الشخص العادي، إننا نتعرف على شخصية الله وجوهره، ونفهم إرادة الله، ونعرف طبيعة الإنسان وجوهره، ونعاين طريق الخلاص والكمال. كلماته تتسبب في "موتنا"، ثمَّ تجعلنا "نولد من جديد"؛ كلماته تجلب لنا الراحة، ولكنها تتركنا أيضًا محطمين بالذنب والشعور بالمديونية. كلماته تجلب لنا الفرح والسلام، ولكنها أيضًا تجلب ألمًا كبيرًا. أحيانًا نكون كحملان للذبح في يديه، وأحيانًا نكون كحدقة عينه، ونتمتع بحبه وحنانه؛ وأحيانًا نكون مثل عدوه، نتحول إلى رماد من الغضب الذي في عينيه. إننا نحن البشر قد خَلُصنا بواسطته، نحن الذين مثل ديدان في عينيه، الحملان الضالة التي يبحث عنها ليلاً ونهارًا. إنه رحيم نحونا، يحتقرنا ويرفعنا، يعزينا ويحذرنا، يرشدنا وينيرنا، يوبخنا ويؤدبنا، بل وحتى يلعننا. إنه يقلق بشأننا ليلًا ونهارًا، ويحمينا ويهتم بنا ليلًا ونهارًا، ولا يترك جانبنا أبدًا، ويكرِّس كل رعايته لنا، ويدفع أي ثمن من أجلنا. وسط الكلمات التي نطق بها هذا الجسد الصغير والعادي، تمتعنا بكامل الله، وعايننا الغاية التي منحها الله لنا. ومع هذا، لا يزال الغرور يملأ قلوبنا، ولا نزال غير راغبين فعليًا في قبول شخص مثل هذا كإلهنا. ومع أنه أعطانا الكثير من المنِّ، والكثير من المتعة، إلا أن أيًا من هذا لا يمكن أن ينتزع مكان الرب في قلوبنا. إننا نكرِّم الهوية الخاصة لهذا الشخص ومكانته بتردد كبير. إذا لم يتكلم ليجعلنا نعترف بأنه هو الله، فلن نأخذ على عاتقنا أن نعترف به على أنه الله الذي سيصل قريبًا، مع أنه عمل بيننا لفترة طويلة.
ما زالت أقوال الله مستمرة، وهو يوظف أساليب ووجهات نظر مختلفة ليحثنا على ما نفعله ولنعبر عن صوت قلبه. كلماته تحمل قوة الحياة، وتبيِّن لنا الطريق التي يجب أن نسلكها، وتسمح لنا أن نفهم ما هو الحق. نبدأ في الانجذاب إلى كلماته، ونبدأ بالتركيز على نبرة وطريقة حديثه، ونبدأ لا شعوريًا في الاهتمام بصوت قلب هذا الشخص غير المميز. إنه يبذل جهودًا مضنية من أجلنا، فيحرم نفسه من النوم والطعام من أجلنا، ويبكي من أجلنا، ويتنهد من أجلنا، ويتألم بالمرض من أجلنا، ويعاني الذل من أجل غايتنا وخلاصنا، وينزف قلبه، ويذرف الدموع بسبب تبلدنا وتمردنا. لا يمتلك كينونته وصفاته مجرد شخص عادي، ولا يمكن امتلاكهما أو بلوغهما بأحد الفاسدين. ما لديه من تسامح وصبر لا يملكه أي شخص عادي، ولا يملك محبته أي كائن مخلوق. لا يمكن لأي أحد غيره أن يعرف جميع أفكارنا، أو يدرك طبيعتنا وجوهرنا، أو يدين تمرد البشر وفسادهم، أو يتحدث إلينا ويعمل بيننا بهذه الطريقة نيابة عن إله السماء. لا أحد غيره يستطيع امتلاك سلطان الله وحكمته وكرامته؛ فشخصية الله وما لديه ومَنْ هو تصدر بجملتها منه. لا يمكن لأحد غيره أن يرينا الطريق ويجلب لنا النور، ولا يستطيع أحد أن يكشف عن الأسرار التي لم يكشفها الله منذ بدء الخليقة وحتى اليوم. لا يمكن لأحد غيره أن يخلّصنا من عبودية الشيطان وشخصيتنا الفاسدة. إنه يمثِّل الله، ويعبِّر عن صوت قلب الله، وتحذيرات الله، وكلام دينونة الله تجاه البشرية بأسرها. لقد بدأ عصرًا جديدًا وحقبةً جديدةً، وأتى بسماء جديدة وأرض جديدة، وعمل جديد، وجاءنا بالرجاء، وأنهى الحياة التي كنا نحياها في غموض، وسمح لنا بأن نعاين طريق الخلاص بالتمام. لقد أخضع كياننا كله، وربح قلوبنا. منذ تلك اللحظة فصاعدًا، تصبح عقولنا واعية، وتنتعش أرواحنا: أليس هذا الشخص العادي الذي بلا أهمية، والذي يعيش بيننا وقد رفضناه لزمن طويل، هو الرب يسوع الذي هو دائمًا في أفكارنا ونتوق إليه ليلاً ونهارًا؟ إنه هو! إنه حقًا هو! إنه إلهنا! هو الطريق والحق والحياة! لقد سمح لنا أن نعيش مرة أخرى، ونرى النور، ومنع قلوبنا من الضلال. لقد عدنا إلى بيت الله، ورجعنا أمام عرشه، وأصبحنا وجهًا لوجه معه، وشاهدنا وجهه، ورأينا الطريق أمامنا. في ذلك الوقت، أخضع قلوبنا خضوعًا كاملاً، فلم نعد نتشكك فيمَنْ هو، ولم نعد نعارض عمله وكلمته، وها نحن نسقط قدامه تمامًا. لا نرغب سوى في أن نتبع آثار أقدام الله لبقية حياتنا، وأن نتكمَّل بواسطته، وأن نردَّ نعمته، ونردَّ حبّه لنا، وأن نطيع تنظيماته وترتيباته، وأن نتعاون مع عمله، وأن نبذل كل ما في وسعنا لاستكمال ما يوكله لنا.
إن إخضاع الله لنا هو مثل مسابقة فنون قتال.
كل كلمة من كلام الله تضربنا في مقتل، وتتركنا حزانى وخائفين. إنه يكشف أفكارنا وتخيلاتنا وشخصيتنا الفاسدة. في كل ما نقوله ونفعله، وكل فكرة من أفكارنا وكل خاطرة من خواطرنا، يكشف كلامه عن طبيعتنا وجوهرنا، ويتركنا مهانين ومرتجفين من الخوف. إنه يخبرنا عن كل أفعالنا وأهدافنا ونوايانا، وحتى شخصيتنا الفاسدة التي لم نكتشفها أبدًا، مما يجعلنا نشعر بأننا مكشوفين في كل نقصنا البائس، بل ونشعر بأننا مقتنعين تمامًا. إنه يديننا بسبب مقاومتنا له، ويوبخنا بسبب تجديفنا عليه وإدانتنا له، ويجعلنا نشعر بأننا بلا قيمة في عينيه، وإننا الشيطان الحي. لقد تضاءلت آمالنا، ولم نعد نجرؤ على تقديم أي مطالب ومحاولات غير معقولة إليه، وحتى أحلامنا تتلاشى بين ليلة وضحاها. هذه حقيقة لا يمكن لأحد منا أن يتخيلها، ولا يمكن لأحد منا أن يقبلها. للحظة، تصبح عقولنا غير متوازنة، ولا نعرف كيف نستمر في الطريق، ولا نعرف كيف نستمر في معتقداتنا. يبدو كما لو كان إيماننا قد عاد إلى المربع الأول، وكما لو كنا لم نتقابل مطلقًا مع الرب يسوع ولم نتعرف عليه. كل شيء أمام أعيننا يربكنا، ويشعرنا كما لو أننا قد انجرفنا مع التيار. إننا مستاؤون، ونشعر بخيبة أمل، ويوجد غضب وخزي جامحين في أعماق قلوبنا. نحاول التنفيس، وأن نجد مخرجًا، بل نحاول أن نستمر في انتظار مخلّصنا يسوع، فنسكب قلوبنا أمامه. ومع أنه توجد أوقات لا نكون فيها لا متغطرسين ولا متواضعين من الخارج، إلا أننا نشعر في قلوبنا بأننا نعاني من خسارة لم نعانيها من قبل. ومع إننا قد نبدو أحيانًا هادئين من الخارج على غير المعتاد، إلا أننا نحمل في الداخل بحارًا هائجة من العذاب. لقد جردنا توبيخه ودينونته من كل آمالنا وأحلامنا، وتركانا دون رغباتنا المبالغ فيها، غير راغبين في تصديق أنه مخلّصنا، وأنه قادر على خلاصنا. لقد فتح توبيخه ودينونته فجوة عميقة بيننا وبينه، ولا يوجد مَنْ هو مستعد لعبورها. تُعد دينونته وتوبيخه المرة الأولى التي نعاني فيها من مثل هذه النكسة العظيمة والمهانة الكبيرة. فقد سمحت دينونته وتوبيخه لنا أن نقدِّر حقًا تكريم الله وعدم تسامحه مع إثم الإنسان، مقارنةً بكوننا بائسين ونجسين للغاية. لقد تسببت دينونته وتوبيخه في أن ندرك لأول مرة كيف أننا متغطرسون ومغرورون، وكيف أن الإنسان لن يكون مساويًا لله أبدًا، أو على قدم المساواة مع الله. لقد دفعتنا دينونته وتوبيخه إلى أن نشتاق ألا نعيش مجددًا في مثل هذه الشخصية الفاسدة، وأن نشتاق إلى تخليص أنفسنا من هذه الطبيعة وهذا الجوهر في أقرب وقت ممكن، وألا نعود ممقوتين منه أو شاعرين باشمئزازه منا. لقد جعلتنا دينونته وتوبيخه مسرورين بطاعة كلامه، ولم نعد راغبين في التمرد على تنظيماته وترتيباته. لقد منحتنا دينونته وتوبيخه مرة أخرى الرغبة في الحياة، وجعلانا سعداء لقبوله كمخلّص لنا... لقد خرجنا من عمل الإخضاع، وخرجنا خارج الجحيم، وخرجنا من وادي ظل الموت... فقد اقتنانا الله القدير نحن هذه المجموعة من الناس! وانتصر على الشيطان، وهزم كل أعدائه!
من "معاينة ظهور الله وسط دينونته وتوبيخه" في "الكلمة يظهر في الجسد"