القائمة

لأعلى التالي

كلمات الله اليومية: معرفة الله | اقتباس 169

112 2020-12-04

خلق الله كل ما هو موجود، وهو يسود على كل ما هو موجود، وهو يدبر كل ما يوجد ويعول كل ما يوجد، وفي جميع الأشياء، يرى ويفحص كل كلمة وعمل لكل ما هو موجود. كما يرى ويفحص كل ركن من أركان الحياة الإنسانية. هكذا يعرف الله عن قرب كل تفصيلة عن كل شيء موجود داخل خليقته، ومن وظيفة كل شيء وطبيعته وقوانين بقائه حتى أهمية حياته وقيمة وجوده، كلها معروفة له بكليتها. خلق الله الكون: هل تظنون أنه كان عليه أن يدرس هذه القوانين التي تحكم الكون؟ هل يحتاج الله إلى دراسة المعرفة أو العلوم الإنسانية ليتعلم عنها ويفهمها؟ (كلا). هل ثمة أحد بين البشر يملك العلم والمعرفة الواسعة ليفهم كل الأمور كما يفهمها الله؟ لا يوجد، أليس كذلك؟ هل يوجد أي علماء فلك أو أحياء يفهمون حقًا القوانين التي تعيش بموجبها جميع الأشياء وتنمو؟ هل باستطاعتهم فعلًا فهم قيمة وجود كل شيء من الأشياء؟ (كلا، لا يستطيعون). ذلك لأن الله خلق جميع الأشياء، ومهما كان عدد وعمق الدراسات التي أجرتها البشرية على هذه المعرفة، أو المدة التي استغرقتها في السعي إلى تعلُّمها، فلن تكون قادرة على سبر أغوار السر والغاية من خلق الله لكل الأشياء. أليس ذلك صحيحًا؟ من مناقشتنا حتى الآن، هل تشعرون أنكم توصلتم إلى فهم جزئي للمعنى الحقيقي لعبارة: "الله هو مصدر الحياة لجميع الأشياء؟" (أجل). علمتُ أنه عندما ناقشتُ هذا الموضوع – أي موضوع "الله مصدر الحياة لجميع الأشياء" – سارع كثير من الناس على الفور إلى التفكير في عبارة أخرى وهي: "الله هو الحق وأنه يستعمل كلمته ليعولنا"، ولم يفكروا فيما هو أبعد من ذلك المستوى في معنى الموضوع، حتى إن البعض شعر بأن عناية الله بالحياة البشرية يوميًا بالغذاء والشراب وكافة الضروريات اليومية لا يمثل رعاية للإنسان. ألا يشعر بعض الناس بهذه الطريقة؟ ومع ذلك، أليس مقصد الله من خليقته واضحًا، وهو أن توجد البشرية وتعيش بصورة اعتيادية؟ فالله يحفظ البيئة التي يعيش الناس فيها، ويزود هذه البشرية بكل الأشياء التي تحتاج إليها للبقاء. أضف إلى ذلك أنه يدبّر كل الأشياء ويملك السيادة عليها. ويتيح هذا كله للبشر أن يعيشوا ويزدهروا ويتكاثروا بشكل طبيعي. هذه هي الطريقة التي يعول الله بها البشر والخليقة بأسرها. أليس صحيحًا أن الناس يحتاجون إلى معرفة هذه الأشياء وفهمها؟ لعل البعض يقول: "هذا الموضوع هو أبعد ما يكون عن معرفتنا بالإله الحق ذاته، ونحن لا نريد أن نعرف هذا؛ لأننا لا نحيا بالخبز وحده، بل نحيا بكلمة الله". فهل هذا الفهم صحيح؟ (كلا). لماذا هو فهم خاطئ؟ هل يمكنكم أن تحققوا الفهم التام لله إن عرفتم فقط الأمور التي قالها الله؟ إن لم تقبلوا سوى عمله ودينونته وتوبيخه، فهل تستطيعون أن تفهموا الله فهمًا كاملًا؟ إن عرفتم فقط جزءًا صغيرًا من شخصية الله، وجانبًا صغيرًا من سلطان الله، فهل ترى أن ذلك يكفي لتحقيق فهم لله؟ (كلا). تبدأ أعمال الله بخلقه لكل الأشياء، وهي مستمرة اليوم؛ حيث أعماله جليّة في كل وقت، وكل لحظة. إن اعتقد المرء أن الله موجود لمجرد أنه اختار بعض الأشخاص لتنفيذ عمله فيهم ولكي يخلّصهم، وأن الأمور الأخرى ليست لها علاقة بالله ولا بسلطانه أو مكانته أو أعماله، فهل يمكن اعتبار أن ذلك المرء يعرف الله معرفة حقيقية؟ الناس الذين يملكون ما يزعمون أنه "معرفة الله" ليس لديهم سوى فهم أحادي الجانب، ووفقًا لهذا الفهم يحدّون عمل الله بمجموعة واحدة من الناس، فهل هذه معرفة حقيقية بالله؟ أليس الأشخاص الذين يحملون هذا النوع من المعرفة ينكرون خلق الله لكل الأشياء وسيادته عليها؟ بعض الناس لا يرغبون في الانشغال بهذه النقطة، بل يفكرون في أنفسهم قائلين: "أنا لم أرَ سيادة الله على كل الأشياء، فهذا أمر بعيد تمامًا عني، وأنا لا أريد أن أفهمه. إن الله يفعل ما يشاء، وهذا لا شأن له بي. إنما أنا أقبل قيادة الله وكلمته، بحيث أنال الخلاص والكمال من الله. لا يهمني سوى هذه الأمور. لا يهمني أي أمر آخر. لا علاقة لي بالقوانين التي وضعها الله عندما خلق جميع الأشياء، أو ما يفعله ليعول جميع الأشياء والبشر". ما هذا النوع من الأحاديث؟ أليس هذا تمردًا؟ هل ثمّةَ أحدٌ بينكم يتبنى مثل هذا الفهم؟ أنا أعلم أن هناك أغلبية عظمى يفكرون بالفعل بهذه الطريقة حتى إن لم تقولوا ذلك. ومثل هذا النوع من الأشخاص الملتزمين بالقوانين ينظرون إلى كل شيء من منظورهم "الروحي" الخاص. إنهم يريدون أن يحدّوا الله بالكتاب المقدس، ويحدّوه بالكلمات التي نطق بها، ويقيدوه بالمعنى المشتق من الكلمة الحرفية المكتوبة. إنهم لا يرغبون في معرفة أكبر عن الله، ولا يريدون أن يشتت الله انتباهه بفعل أمور أخرى. هذا النوع من التفكير طفولي ومفرط في التديّن. هل بإمكان الأشخاص الذين يحملون هذه الآراء أن يعرفوا الله؟ سيكون من الصعب عليهم معرفة الله. رويت اليوم هاتين القصتين، وقد تناولت كل قصة منهما جانبًا مختلفًا. والآن بعد أن تعرفتم عليهما، فقد تشعرون أنهما تتصفان بالعمق، أو بشيء من التجريد، ومن الصعب استيعابهما وفهمهما. لعله من الصعب ربطهما بأعمال الله وبالله نفسه. لكن جميع أعمال الله وكل ما فعله في الخليقة وبين البشر يجب أن يكون معلومًا بوضوح ودقة لكل شخص ولكل مَن يسعى إلى معرفة الله، وسوف تعطيك هذه المعرفة ثقة في إيمانك بوجود الله الحقيقي. وستمنحك أيضًا معرفة دقيقة بحكمة الله وقوّته، وبالطريقة التي يعول بها الأشياء جميعًا. ستسمح لك بتكوين تصور واضح لوجود الله الحقيقي ورؤية أنه ليس خياليًا وليس خرافة، وليس غموضًا وليس نظرية، وبالتأكيد ليس مجرد تعزية روحية، بل هو وجود حقيقي. أضف إلى ذلك أنه سيسمح للناس بمعرفة أن الله اعتنى دومًا بكل الخليقة والبشرية؛ والله يفعل هذا بطريقته ووفق إيقاعه. لذلك، لأن الله قد خلق جميع الأشياء ومنحها قوانين يمكن لكل شيء منها – بحسب سبق تعيين الله – أن ينفذ مهامه المحددة له، ويتولى القيام بمسؤولياته، ويؤدي الأدوار المَنوطة به. وفي ظل سبق تعيين الله، لكل شيء استخدامه في خدمة البشرية، وفي الحيز والبيئة التي يعيش البشر فيها. لو لم يفعل الله هذا، ولم يكن للإنسان بيئة مثل هذه يعيش فيها، لما كان إيمان الناس بالله أو اتباعهم إياه ممكنًا، بل ولكان قد أفضى إلى مجرد حديث فارغ، أليس هذا صحيحًا؟

– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (ز)

اترك رد