القائمة

كيف تقترب من الله: عليك أن تتقن 4 نقاط أساسية

خلال السنوات القليلة الماضية من الإيمان بالرب، واظبت على الصلاة والقراءة في الكتاب المقدس كل يوم، وكنت دائمًا ما أذهب للعمل من أجل الرب، ولكني شعرت أنني مازلت مغتربة عن الرب. حتى في بعض الأحيان، عندما كنت أصلي أو أقرأ في الكتاب المقدس كان ذهني يشرد بعيدًا في أمورٍ أخرى، حيث تزعجني بعض الأمور التافهة في حياتي اليومية، وبعد ذلك أصبح غير قادرة على تهدئة قلبي أمام الرب على الإطلاق. لذا، بعد سنواتٍ عدة لم أحظ بالكثير من الفهم لكلام الرب، ولا بنمو كبير في حياتي الروحية.

مؤخرًا، قرأت بعض الكتب، وعندئذٍ فقط فهمت أنه إن كنا نريد تحقيق نتيجة في خلواتنا الروحية، فالدرس الأساسي بالأكثر للدخول هو تهدئة قلوبنا أمام الله. فقط عبر القيام بذلك يمكن لمشاعرنا أن تتحرك، ونستقبل استنارة وإضاءة الروح القدس، ومن ثَمّ تأسيس علاقة مناسبة مع الله والدخول في المسار الصحيح في حياتنا الروحية. وستحظى حياتنا الروحية تدريجيًا بنمو أكبر غير مسبوق. ماذا يجب علينا إذًا أن نفعله لممارسة تهدئة قلوبنا أمام الله؟ لقد وجدتُ بعض طرق الممارسة في كتاب، وأود مشاركتها معك الآن.

أولًا: ينبغي أن تكون قلوبنا مُركِّزة وصادقة أثناء الصلاة

كمسيحيين نصليّ للرب كل يومٍ، لكن غالبية صلواتنا تجري كالتالي: إما أننا لا نهدئ قلوبنا أمام الرب، أو نستخدم أفكارًا مُكرَّسة وصادقة لنتحدث له من قلوبنا، ولا نأتي بأي قضايا أو مسائل لا نفهمها أو صعوبات أمام الرب لنطلب بشأنها، ونسأل استنارته وإضاءته، ولفهم أكبر وأحدث لكلامه، بدلًا من ذلك، فإننا دائمًا ما نسجد هناك فقط لنتمتم بما لا نعنيه، ونتحدث ببعض الكلمات الشائعة أو المكررة. وفي بعض الأحيان نقول فقط بضعة كلمات بنصف تركيز، ونؤدي الحركات لإنهاء صلاتنا في أقرب وقت ممكن، عندما نكون على عجلة للذهاب إلى العمل أو الخروج للقيام بشيء ما. حتى في بعض الأحيان عندما نسجد في الصلاة، تفكّر قلوبنا في أشياء أخرى، وهكذا. كل هذه السلوكيات تُظهِر أننا لا نهدئ قلوبنا فعلًا أمام الله لنحظى بتواصل حقيقي مع الرب، لكننا نماطل ونخدع الرب. عندما نصلي بهذه الطريقة فإننا لا نفقد حرارة واستنارة الروح القدس فحسب، بل سنجلب اشمئزاز الله وبغضته. قال الرب يسوع: "حِينَ ٱلسَّاجِدُونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلْآبِ بِٱلرُّوحِ وَٱلْحَقِّ، لِأَنَّ ٱلْآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلَاءِ ٱلسَّاجِدِينَ لَهُ" (يوحنا 4: 23). من هذه الكلمات نرى أن مطلب الرب منّا هو أن نعبد الله بصدق وقلب خالص. لذا، أثناء الصلاة، يجب أن نخبِر الله عن حالاتنا الحقيقية وصعوباتنا. بغض النظر عما في أذهاننا، يجب أن تكون أنفسنا منفتحة تمامًا لله. عندها فقط سيهتم الله بصلواتنا، لندع الروح القدس يلمسنا أكثر، ونحظى باستنارة وإضاءة في أمور مختلفة لا نفهمها، ودعونا نصل تدريجيًا لفهم مشيئة الله.

على سبيل المثال، في مواجهة الصعوبات، دائمًا ما تشغل مسائل الثروة أو الجسد قلوبنا، لذلك لا يمكننا أن نضع العمل أو البذل من أجل الرب في قلوبنا. في هذا الوقت، يمكننا أن نقول الحقيقة للرب: "آه يا رب، أرى أن قامتي صغيرة للغاية. أنا دائمًا أعيش في شِراك الجسد، وأفكر دائمًا في مستقبلي وأخطط له، وأنا دائمًا غير قادرٍ على خدمتك بكل إخلاص. عندما أرى هؤلاء الإخوة والأخوات الذين يبذلون من أجلك، يمكنهم أن يهملوا جسدهم، ويحترمون مشيئتك، أشعر بالخجل الشديد. أريد أيضًا النهوض للاهتمام بمشيئتك، والبذل والعمل من أجلك، لكن إيماني هزيل للغاية، لذا لا يمكنني تحقيق ذلك. أتمنى فقط أن أستودع هذه الصعوبة بين يديك. أرجو أن ترشدني وتمنحني الثقة والقوة... ". إذا شاركنا دائمًا ما في قلبنا ومجتمعنا مع الله هكذا، فسيرى الله أن صلاتنا صادقة أكثر منها سلسلة إجراءات. عندئذٍ سيعمل الروح القدس في داخلنا، ويقودنا إلى التحرر تدريجيًا من شراك الجسد وتكريس أنفسنا للرب. أيضًا، عندما نريد أن نصلي إلى الله، يجب أن نتجنب كل الأمور والأشخاص والأشياء التي يمكن أن تزعج أذهاننا، ونجد بيئة هادئة. تمامًا كما قال الرب يسوع: "وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَٱدْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ ٱلَّذِي فِي ٱلْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ ٱلَّذِي يَرَى فِي ٱلْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلَانِيَةً" (متى 6: 6).

ثانيًا: أثناء قراءة كلمة الله ينبغي أن نهدئ قلوبنا ونستخدم قلوبنا للتأمل

رغم أننا كثيرًا ما نقرأ الكتاب المقدس في الأوقات العادية، إلا أننا نادرًا ما نبذل جهدًا في التفكير في كلمة الله. في معظم الأحيان نقرأ فقط من دون مثابرة، مثل مشاهدة الزهور من على ظهور الخيل، والارتياح لفهم المعنى الحرفي للحق. على الرغم من أننا في بعض الأحيان نحدّق في كلمة الله ونقرأها، إلا أن قلوبنا تتجول في العالم الكبير، ونتيجة لذلك، بعد أن نقرأها لا نعرف معنى كلمة الله. أحيانًا نتأمل أيضًا في كلمة الله لبعض الوقت، لكن إذا لم يكن لدينا استنارة بعد ذلك، فسنتخلى عن التفكير فيها. في الواقع، نحن لا نهدئ قلوبنا على الإطلاق أمام الله، لنعرف لماذا يقول الله هذه الكلمات، وما هي النتائج التي يريد الله تحقيقها منها، وكيفية التدرب والدخول من أجل تلبية متطلبات الله. لهذا السبب كنا نؤمن بالرب ونقرأ كلمة الله لسنوات عديدة، لكننا ما زلنا لا نفهم كثيرًا مشيئة الله، ولم نجد طريقة لممارسة العديد من الحقائق التي يجب أن نمارسها وندخلها. من الواضح أننا نرى عادة أننا لا نفكر في كلمات الله بما فيه الكفاية، لذلك على الرغم من أننا قد قرأنا الكثير من كلمات الله، لكننا ما زلنا غير قادرين على فهم معانيها الداخلية، ولا تزال حياتنا الروحية غير قابلة للنمو. ثم، فيما يتعلق بهذا الجانب من الحق، ما الذي يجب أن نفعله للدخول فيه؟ هنا مثال. قال الرب يسوع: "إِنَّ مُرُورَ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ ٱللهِ!". (متى 19: 24). إذًا يجب علينا أن نفكر: ماذا قصد الرب بقوله هذا؟ ما هي مظاهر مشيئة الله وتصرفه؟ ما النتيجة التي يريد الله تحقيقها فينا؟ بالتأمل، نرى أن هؤلاء الناس الذين يسعون وراء المال– ولكن ليس الحق– لا يمكنهم دخول ملكوت الله. قد نعود بتفكيرنا إلى عصر النعمة؛ أراد بعض ذوي الأملاك أيضًا أن يتبعوا الرب، لكنهم كانوا غير مستعدين للتخلي عن ثروتهم وحالتهم المعيشية الفائقة، لأنهم كانوا جشعين للراحة وملذات الجسد، ولم يستطيعوا عيش حياةً بسيطة وقنوعة، على الرغم من أنهم يعرفون أن أولئك الذين آمنوا بالرب سيحظون بالحياة الأبدية وفرصة دخول ملكوت السموات؛ وهكذا فقدوا الفرص لربح خلاص الله. يدل هذا على أنه من المستحيل تقريبًا دخول ذوي الأملاك إلى ملكوت الله. من خلال هذه القصة، فإن مشيئة الله هي أننا يجب ألا نسعى وراء المال، بل يجب أن نسعى وراء الحياة. إذا اهتممنا بالمال، وعندما نحصل على المال، نفقد حياتنا، فما فائدة هذا لنا؟ وبينما نتأمل كلمات الله التي كهذه، سنفهم مشيئة الله أفضل وأفضل، ومن ثّمّ يمكننا أن نتصرف بشكل أفضل بحسب لمشيئة الله، بغض النظر عما نواجهه.

ثالثًا: عندما يحدث شيء ما ينبغي أن نسعى ونمارس الحق ونعيش أمام الله

نعلم جميعًا أن الخلوات الروحية لا تستغرق سوى جزءً صغيرًا من الوقت في حياتنا اليومية؛ معظم الوقت نحن نعمل أو نتعامل مع مختلف الأمور في حياتنا. لذلك إذا أردنا ممارسة تهدئة قلوبنا أمام الله، فلا يمكننا أن نقتصر فقط على ممارسة قراءة الكتاب المقدس والصلاة. ينبغي علينا أيضًا أن نمارس الاقتراب من الله، وأن نتأمل ونتفكر في محبة الله بقلوبنا، وأن نركّز على البحث عن الحق ومشيئة الله، وعلى التصرّف بحسب الحق في أي وقت، عند مواجهة كل الناس والأحداث والأمور في حياتنا اليومية. تقول كلمة الله: "في حياتك اليومية، يجب عليك فهم أي الكلمات التي تقولها والأشياء التي تفعلها يمكن أن تسبب خللًا في علاقتك بالله، ثم أصلِحْ نفسك واتبع الطريقة الصحيحة. افحص كلماتك وأفعالك وكل حركة من حركاتك وجميع أفكارك وخواطرك طيلة الوقت. اكتسب فهمًا سليمًا لحالتك الحقيقية وادخل في أسلوب عمل الروح القدس. هذه هي الطريقة الوحيدة لتحظى بعلاقة طبيعية مع الله. من خلال تقييم إذا ما كانت علاقتك بالله طبيعية، ستتمكن من تصحيح نواياك وفهم طبيعة الإنسان وجوهره، وفهم نفسك فهمًا حقيقيًا؛ ومن خلال فعل هذا، سوف تكون قادرًا على الدخول في اختبارات حقيقية، وتتخلى عن نفسك بطريقة حقيقية، وتخضع عن قصد."

من خلال كلمات الله نستطيع رؤية أنه فقط من خلال تهدئة قلوبنا دائمًا أمام الله، والسعي لمشيئة الله في كل الأمور التي نواجهها، يمكننا أن نحظى بفهم أوضح لحالاتنا الحقيقية، والمثالب وأوجه القصور، ويمكننا فهم إرادة الله في كل ما نواجهه لممارسة الحقيقة وإرضاء الرب. من خلال هذا فقط يمكننا الحفاظ على علاقة طبيعية مع الرب، والعيش أمامه، وتجنب الوقوع في إغراءات ومكائد الشيطان، وعمل الأشياء التي تتمرد على الرب وتعارضه.

تمامًا مثل أيوب، خلال حياته اليومية، سعى إلى مخافة الله والحيدان عن الشر في كل شيء، خوفًا من أن يخطئ إلى الله ويجعل الله يشعر بالاشمئزاز مما فعله. لذلك عندما كان أبناؤه وبناته يأكلون ويمرحون، لم يبتعد عنهم فحسب، بل أرسل أيضًا عبيده ليطلبوا من أبناءه أن يقدّسوا أنفسهم ويقدموا ذبيحة مُحرَقة عنهم. حتى عندما واجه أيوب إغراء الشيطان وفقد جبلًا من الأغنام والماشية، وأكوامًا من الثروة التي لا توصف، وأبنائه وبناته، على الرغم من أنه كان حزينًا جدًا في قلبه ولم يفهم مشيئة الله، إلا أنه كان لا يزال قادرًا على تهدئة قلبه أمام الله، والسعي لمشيئة الله، ولم يخطئ بشفتيه ولا يقول كلمات تجرح قلب الله، ناهيك عن مقاومةً الله. وكان ذلك بالتحديد لأن أيوب كان يمتلك العقلانية والقلب الساعي للحق ومخافة الله، لذلك تمكّن من الخضوع لظروف محيطة كهذه، وأن يقول "يَهوَه أَعْطَى ويَهوَه أَخَذَ، فَلْيَكُنِ ٱسْمُ يَهوَه مُبَارَكًا" (أيوب 1: 21)، وبذلك وقف رائعًا ومدويًا، حاملًا شهادة جعلت الشيطان يتراجع في مذلّة. في النهاية، بارك الله أيوب بالضِعف. ليس ذلك فحسب، بل حصل على فرصة لرؤية ظهور يهوه الله، وحصل على البركات التي لم يتلقها أحد من قبل.

رابعًا: الانتباه إلى الانشغال بمشكلاتنا ومثالبنا كل يوم

كل يومٍ سنواجه أشياءً مختلفة، لذلك يجب أن نأتي أمام الله للتفكير في كل الأشياء التي قمنا بها في يوم واحد: في الأمور التي مارسنا فيها كلمات الرب، وأفعالنا المتوافقة مع الحق، وفي الأمور التي اتبعنا فيها مشيئتنا وتحركنا ضد مشيئة الرب. يمكننا أن نتذكرها ونبذل قصارى جهدنا لكتابتها في دفتر ملاحظاتنا، عندما تسمح الظروف والوقت. يمكننا الاستمرار في أداء الأمور الأشياء التي قمنا بها وتتوافق مع كلام الله، أما بالنسبة لأعمالنا التي لا تتماشى مع مشيئة الله، فيجب أن نستخدم كلام الله لنرى مشكلاتنا وانحرافاتنا فيها، والسعي للحق لحلها في الوقت المناسب. على سبيل المثال، نعتقد أنه يمكننا التعامل مع الإخوة والأخوات بإخلاص، عندما نتعاون معهم في الأوقات العادية. ولكن في الليل عندما نفكر في أنفسنا، نجد أننا في النهار لم نتحدث بصراحة وصدق مع الآخرين، لحماية مصالحنا الخاصة في شيء ما. نرى أنه من أجل مصالحنا الشخصية، خدعنا وكذبنا على الإخوة والأخوات، وكشفنا شخصية فاسدة مخادعة في هذا الشيء. نحن نعلم أن الله يشعر بالاشمئزاز من الأناس المخادعين. يحب أولئك الصادقين والأبرياء والصُرحاء. لذلك يجب علينا أن ننفتح بفعالية أمام الإخوة والأخوات، ونعترف بأننا كذبنا وخدعناهم، ونطلب منهم أن يغفروا لنا، ونقرر عدم القيام بذلك بعد الآن. وبهذه الطريقة– دون وعي– سيكون لدينا بعض الدخول إلى حق أن نكون صادقين. إذا لم نتفكر في أنفسنا بالمجيء أمام الله، فلن نعير اهتمامًا إلى تعبيراتنا اليومية عن الفساد، ظانين أنها كلها أمور تافهة، ومن ثم فلن يمكننا تحقيق تأثير تحسُّن حياتنا الروحية. لذلك فقط من خلال التركيز على تهدئة قلوبنا أمام الله، ومن خلال التفكير دائمًا في أنفسنا والتأمل في تلك المشكلات في أنفسنا، ستنمو حياتنا الروحية أكثر فأكثر، وتصبح علاقتنا مع الله أقرب، ونصبح قادرين على أن نصبح أناسًا متوافقين مع نوايا الله.

تلك المعايير الأربعة بالأعلى هي طريق واتجاه، لممارسة الدخول في تهدئة قلوبنا أمام الله. آمل حقًا أن نستطيع جميعًا الاستفادة منها.

اترك رد