يُظهر الله الصائر جسدًا نفسه فقط لبعض الناس الذين يتبعونه خلال هذه الفترة إذ ينفذ عمله بصورة شخصية، وليس للمخلوقات كافة. لقد صار جسدًا فقط لإكمال مرحلة من العمل، وليس لإظهار صورته للإنسان. ولكن يجب تنفيذ عمله بنفسه، لذلك من الضروري عليه أن يقوم بذلك في الجسد. عندما يُختتم عمله، سيرحل من الأرض؛ لا يمكنه أن يبقى لمدة طويلة بين البشر خوفًا من الوقوف في طريق العمل القادم. ما يُظهره للجموع هو شخصيته البارة فقط وكل أعماله، وليس صورة ما كان عليه عندما صار جسدًا مرتين، لأن صورة الله يمكن أن تظهر فقط من خلال شخصيته، ولا يمكن أن يحل محلها صورة جسد الله المتجسِّد. تظهر صورة جسده فقط لعدد محدود من الناس، فقط لأولئك الناس الذين يتبعونه إذ يعمل في الجسد. هذا هو السبب وراء أن العمل الذي يُنفذ الآن يُنفذ في السر. بالضبط كما أن يسوع أظهر نفسه فقط لليهود عندما قام بعمله، ولم يظهر نفسه علانيةً قط لأية أمم أخرى. لذلك، بمجرد أن أكمل عمله، رحل عن الإنسان في عجالة ولم يمكث؛ في الوقت الذي تلا ذلك، لم يظهر صورته للإنسان، بل كان الروح القدس يقوم بالعمل مباشرةً. بمجرد أن اكتمل عمل الله المتجسد بالتمام، رحل عن العالم الفاني، ولم يقم بعمل مشابه مرة أخرى قط منذ الوقت الذي كان فيه في الجسد. العمل الذي جاء بعد ذلك قام به كله الروح القدس مباشرة. أثناء هذا الزمن، كان الإنسان بالكاد قادرًا على أن يرى صورته في الجسد؛ إنه لا يُظهر نفسه للإنسان على الإطلاق، بل يظل مستترًا. هناك وقت محدد لعمل الله الصائر جسدًا، وهو يُنَفَذ في عصر وزمن محدديْن وسط أمة محددة وبين أناس محددين. يمثل هذا العمل فقط العمل أثناء زمن الله الصائر جسدًا، وهو مختص بالعصر ويمثل عمل روح الله في عصر واحد محدد، وليس كلية عمله. لذلك، صورة الله الصائر جسدًا لن تظهر لكل الشعوب. ما يظهر للجموع هو بر الله وشخصيته في كليتها، بدلًا من صورته عندما صار جسدًا مرتين. إنها ليست صورة واحدة التي تظهر للإنسان ولا الصورتين مجتمعتين. لذلك، من الإلزام على جسد الله المتجسِّد أن يرحل عن الأرض عند اكتمال العمل الذي يحتاج إلى القيام به، لأنه قد جاء فقط ليقوم بالعمل الذي ينبغي عليه القيام به وليس ليظهر للناس صورته. مع أن أهمية التجسُّد قد تمت بالفعل من خلال صيرورة الله جسدًا مرتين، إلا أنه ما زال لا يظهر نفسه علنًا لأية أمة لم تَرَهُ قط من قبل. لن يُظهِر يسوع نفسه أبدًا من جديد لليهود كشمس البر، ولن يصعد إلى جبل الزيتون ويظهر لكل الشعوب؛ كل ما يراه اليهود هو صورته أثناء زمانه في اليهودية. هذا لأن عمل يسوع الصائر جسدًا انتهى منذ وقت طويل قبل ألفي عام؛ لن يعود إلى اليهودية في صورة رجل يهودي، فضلًا عن أنه لن يظهر نفسه في صورة رجل يهودي لأي من الشعوب الأممية، لأن صورة يسوع الصائر جسدًا هي مجرد صورة ليهودي، وليست صورة ابن الإنسان التي قد رآها يوحنا. مع أن يسوع وعد أتباعه أنه سيأتي مجددًا، لن يظهر نفسه ببساطة في صورة يهودي لكل الشعوب الأممية. ينبغي عليكم أن تعرفوا أن الله الصائر جسدًا سيفتتح عصرًا. هذا العمل مقصور على سنوات قليلة، ولا يمكنه إنجاز كل عمل روح الله. هذا مطابق لكيفية تمثيل صورة يسوع كيهودي لصورة الله عندما عمل فقط في اليهودية، وكان بإمكانه فقط أن يقوم بعمل الصلب. أثناء الوقت الذي كان يسوع فيه في الجسد، لم يمكنه القيام بعمل افتتاح عصر أو إنهاء البشرية أو تدميرها. لذلك بعد أن صُلب وأنهى عمله، صعد إلى أعلى وحجب نفسه إلى الأبد عن الإنسان. منذ ذلك فصاعدًا، استطاع أولئك المؤمنون الأمناء في الشعوب الأممية أن يروا فقط صورته التي نسخوها على الجدران، وليس ظهور الرب يسوع. هذه الصورة ليست إلا صورة رسمها الإنسان، وليست الصورة التي أظهرها الله نفسه للإنسان. لن يظهر الله نفسه علانيةً للجموع في الصورة التي ظهر فيها حينما تجسَّد مرتين. العمل الذي يقوم به بين البشرية يقوم به لكي يسمح لهم أن يفهموا شخصيته. هذا كله يَظهر للإنسان من خلال عمل العصور المختلفة. إنه يتحقّق من خلال الشخصية التي جعلها معروفة والعمل الذي قد قام به بدلًا من توضيحها من خلال إظهار يسوع. أي إن صورة الله لا تُعرف للإنسان من خلال الصورة المتجسدة، بل من خلال العمل المنفذ من قِبَل الله المتجسِّد في صورة وشكل؛ ومن خلال عمله، تتضح صورته وشخصيته تُعلن. هذه هي أهمية العمل الذي يرغب في القيام به في الجسد.
بمجرد أن ينتهي العمل الذي فيه تجسد مرتين، سيبدأ في إظهار شخصيته البارة وسط الشعوب الأممية، سامحًا للجموع أن ترى صورته. يرغب في إظهار شخصيته، ومن خلال هذا يوضح نهاية أنواع الإنسان المختلفة، وبهذا ينهي العصر القديم كليًّا. عمله في الجسد لا يمتد لمدى واسع (بالضبط كما أن عمل يسوع كان فقط في اليهودية، واليوم أنا أعمل فقط بينكم) لأن عمله في الجسد له تخوم وحدود. إنه ينفذ فقط فترة قصيرة من العمل في صورة جسد عادي وطبيعي، بدلًا من القيام بعمل الأبدية أو القيام بعمل الظهور لكل الشعوب الأممية من خلال هذا الجسد المتجسِّد. يمكن للعمل الذي في الجسد أن يكون محدودًا في نطاق (بالضبط مثل العمل فقط في اليهودية أو العمل بينكم)، ثم يتوسع من خلال العمل المنفذ داخل هذه الحدود. بالطبع عمل هذا التوسع يُنَفَذ من خلال الروح القدس مباشرة وليس من خلال عمل جسده المتجسِّد. لأن العمل في الجسد له حدود ولا يمتد إلى كل أركان الكون. هذا لا يمكنه تحقيقه. من خلال العمل في الجسد، ينفذ روحه العمل الذي يليه. لذلك، العمل الذي يتم في الجسد هو مبادرة تُنفَّذ داخل حدود؛ روحه يستمر تباعًا مع هذا العمل ويتوسع فيه.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. سر التجسُّد (2)