لكي يُغيِّر كل من يعيشون في الجسد شخصيتهم يحتاجون إلى أهداف يسعون وراءها، ومعرفة الله تحتاج شهادة عن الأفعال الواقعية لله ووجه الحقيقي. ولا يمكن تحقيق كليهما إلا من خلال الله المُتجسِّد، ولا يمكن إنجاز كليهما إلا من خلال الجسد الحقيقي والعادي. لهذا السبب فإن التجسد ضروري، ولهذا تحتاج إليه كل البشرية الفاسدة. حيث أن الناس مطلوب منهم أن يعرفوا الله، فيجب أن تختفي الصور عن الآلهة المبهمة والخارقة للطبيعة من قلوبهم، وحيث أنه مطلوب منهم أن يتخلصوا من طبيعتهم الفاسدة، عليهم أولاً أن يعرفوا شخصيتهم الفاسدة. لو أن الإنسان قام بالعمل للتخلص من صور الآلهة المبهمة من قلوب الناس، فسوف يفشل في تحقيق التأثير السليم، لأن صور الآلهة المبهمة في قلوب الناس لا يمكن الكشف عنها أو التخلص منها أو طردها بالكامل من خلال الكلمات وحدها. فحتى مع فعل هذا، سيظل في النهاية من غير الممكن التخلص من هذه الأشياء المتأصلة في الناس. وحده الله العملي والصورة الحقيقية لله هما ما يمكنهما أن يحلا محل هذه الأشياء المبهمة والخارقة للطبيعة ليسمحا للناس بمعرفتهما تدريجيًا، وبهذه الطريقة وحدها يمكن تحقيق التأثير المطلوب. يقر الإنسان بأن الله الذي كان يطلبه في الأزمنة الماضية هو إله مبهم وخارق للطبيعة. ما يمكنه تحقيق هذا الأثر ليس القيادة المباشرة للروح، ولا تعاليم إنسان معين، بل الله المُتجسِّد. تتعرى تصورات الإنسان حين يقوم الله المُتجسِّد بعمله رسميًّا، لأن الحالة الطبيعية والحقيقية لله المُتجسِّد هي نقيض الإله المبهم الخارق للطبيعة الموجود في مخيلة الإنسان. لا يمكن أن تنكشف التصورات الأصلية للإنسان إلا من خلال مقارنتها مع الله المُتجسِّد. فدون المقارنة مع الله المُتجسِّد، لا يمكن أن تنكشف تصورات الإنسان. بعبارة أخرى، لا يمكن أن تنكشف الأشياء المبهمة دون مقارنتها مع الحقيقة. لا أحد يستطيع استخدام الكلمات للقيام بهذا العمل، ولا أحد قادر على التكلم عن هذا العمل مُستخدِمًا الكلمات. الله وحده فقط يمكنه القيام بعمله، ولا أحد آخر يستطيع القيام بهذا العمل نيابةً عنه. مهما كان غنى لغة الإنسان، فهو عاجز عن النطق بالحالة الحقيقية والطبيعية لله. لا يمكن للإنسان أن يعرف الله على نحو عملي أكثر، ويراه بدرجة أوضح إن لم يعمل الله بصورة شخصية بين البشر ويظهر صورته وكيانه لهم إظهارًا كاملاً. هذا التأثير لا يمكن تحقيقه من خلال أي إنسان جسداني. بالطبع، لا يقدر روح الله أيضًا على تحقيق هذا التأثير. يمكن لله أن يُخلِّص الإنسان الفاسد من تأثير إبليس، ولكن هذا العمل لا يمكن تحقيقه تحقيقًا مباشراً من قبل روح الله؛ بل يمكن أن يتم فقط من خلال الجسد الذي يلبسه روح الله، جسد الله المُتجسِّد. هذا الجسد هو إنسان وأيضًا الله، هو إنسان يملك بشرية عادية وأيضًا إله يملك لاهوتًا كاملاً. وعليه، حتى لو أن هذا الجسد ليس هو روح الله، ويختلف اختلافًا كبيرًا عن الروح، إلا أنه لا يزال الله المُتجسِّد نفسه الذي يُخلِّص الإنسان، والذي هو الروح وأيضًا الجسد. لا يهم المُسمى الذي يُطلق عليه، فهو في النهاية لا يزال الله نفسه الذي يُخلِّص البشرية. لأن روح الله لا يتجزأ عن الجسد، وعمل الجسد هو أيضًا عمل روح الله؛ كل ما في الأمر أن هذا العمل لا يتم باستخدام هوية الروح، بل باستخدام هوية الجسد. العمل الذي يحتاج إلى أن يتم مباشرةً من الروح لا يحتاج إلى التجسُّد، والعمل الذي يحتاج إلى أن يقوم به الجسد لا يمكن أن يتم مباشرةً بواسطة الروح، بل بواسطة الله المُتجسِّد وحده. هذا هو المطلوب من أجل هذا العمل، وهو المطلوب من البشرية الفاسدة. في المراحل الثلاث لعمل الله، هناك مرحلة واحدة فقط تُنفذ مباشرةً بواسطة الروح، والمرحلتان الباقيتان تنفذان من قبل الله المُتجسِّد، وليس بواسطة الروح مباشرةً. عمل الناموس الذي قام به الروح لم يتضمن تغيير شخصية الإنسان الفاسدة، ولم يكن له أية علاقة بمعرفة الإنسان بالله. ولكن عمل جسد الله في عهد النعمة وعهد الملكوت، يتضمن طبيعة الإنسان الفاسدة ومعرفته بالله، وهو جزء هام وحيوي من عمل الخلاص. لذلك فإن البشرية الفاسدة في أمس احتياج إلى خلاص الله المُتجسِّد، وأكثر احتياجًا إلى عمل الله المُتجسِّد المباشر. تحتاج البشرية إلى الله المُتجسِّد ليرعاها، ويدعمها، ويسقيها، ويطعمها، ويدينها ويوبخها، تحتاج إلى مزيد من النعمة وفداءً أكبر من الله المتجسد. الله في الجسد وحده يمكنه أن يكون خليل الإنسان، وراعي الإنسان، والعون الحاضر للإنسان، وكل هذا هو ضرورة التجسُّد اليوم وفي الأزمنة الماضية.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أحوج ما تكون إليه البشرية الفاسدة هو خلاص الله المتجسِّد