لقد تم العمل الأوَّلي للمراحل الثلاث الخاصة بعمل الله مباشرةً بواسطة الروح، وليس بواسطة الجسد. أما العمل النهائي للمراحل الثلاث من عمل الله فيتم بواسطة الله المُتجسِّد، وليس بواسطة الروح مباشرةً. عمل الفداء في المرحلة المتوسطة أيضًا قام به الله في الجسد. على امتداد عمل التدبير الكلي، كان أهم عمل هو خلاص الإنسان من سلطان إبليس. العمل الرئيسي هو الإخضاع الكامل للإنسان الفاسد، واستعادة التبجيل الأصلي لله في قلب الإنسان الخاضع، والسماح له بالوصول لحياة عادية، أي الحياة العادية لمخلوق من مخلوقات الله. هذا العمل حيوي، وهو جوهر عمل التدبير. في مراحل عمل الخلاص الثلاث، كانت مرحلة عمل الناموس الأولى بعيدة عن جوهر خطة التدبير؛ كان بها ظهور طفيف فقط لعمل الخلاص، ولم تكن بداية عمل خلاص الله للإنسان من مُلك إبليس. المرحلة الأولى من العمل تمت مباشرةً بالروح، لأنه، بموجب الناموس، لم يعرف الإنسان إلا أن يلتزم بالناموس، ولم يكن لديه المزيد من الحق، ولأن العمل في عهد الناموس بالكاد تضمن تغيرات في شخصية الإنسان، فضلاً عن أنه لم يركز على عمل خلاص الإنسان من تأثير إبليس. لذلك أكمل روح الله هذه المرحلة البسيطة من العمل ولم يهتم بشخصية الإنسان الفاسدة. لم يكن لهذه المرحلة من العمل سوى ارتباطًا بسيطًا بجوهر التدبير، ولم يكن لها ارتباطًا كبيرًا بعمل خلاص الإنسان الرسمي، لذلك لم تتطلب أن يصير الله جسدًا للقيام بعمله شخصيًا. العمل الذي قام به الروح ضمني وصعب الإدراك، وهو مهيب ويصعب على الإنسان الوصول إليه؛ الروح لا يناسبه القيام بعمل الخلاص مباشرةً، ولا يناسبه تقديم الحياة للإنسان مباشرةً. الأنسب للإنسان هو تحويل عمل الروح إلى منهاج قريب منه، أي من الأنسب للإنسان أن يصير الله شخصًا عاديًا وطبيعيًّا للقيام بعمله. هذا تطلب من الله أن يتجسد ليحل محل عمل الروح، وبالنسبة للإنسان لا توجد وسيلة أنسب من تلك ليعمل بها الله. من بين هذه المراحل الثلاث، نُفذت مرحلتين بالجسد، وهاتان المرحلتان هما المرحلتان الرئيسيتان لعمل التدبير. يكمل التجسدان كل منهما الآخر بطريقة تبادلية. أرست المرحلة الأولى لتجسد الله أساسًا للمرحلة الثانية، ويمكن أن يُقال أن مرحلتي تجسد الله يشكلان تجسدًا واحدًا كاملاً، وهما متوافقتان مع بعضهما بعضًا. هاتان المرحلتان من عمل الله قام بهما الله في هويته المتجسدة لأنهما مهمتان للغاية لعمل التدبير الكلي. يمكن تقريبًا أن يُقال إنه بدون عمل مرحلتي تجسد الله، لَتوقف عمل التدبير الكلي، ولِما كان عمل خلاص البشرية إلا كلامًا عبثيًّا. أهمية هذا العمل مبنية على احتياجات البشرية، وحقيقة انحرافها، وشدة عصيان إبليس وتشويشه على العمل. يُعلن عن الشخص المناسب للمهمة وفقًا لطبيعة العمل وأهميته. حين يتعلق الأمر بأهمية هذا العمل، فمن حيث الطريقة التي يجب تبنيها للقيام بالعمل – سواء إتمام العمل مباشرةً بواسطة الروح، أو بواسطة الله المتجسد، أو من خلال الإنسان – فإن أول الأمور التي تُمحى هي العمل الذي يقوم به الإنسان، وبناءً على طبيعة العمل، وطبيعة عمل الروح في مقابل الجسد، يتقرر في النهاية أن عمل الجسد أكثر فائدة للإنسان من العمل الذي يقوم به الروح مباشرة، ولا سيما أنه يقدم المزيد من المزايا. هذا هو فكر الله آنذاك لتقرير ما إذا كان العمل يجب أن يتم بالروح أم بالجسد. هناك أهمية وأساس لكل مرحلة من مراحل العمل. هي ليست خيالات بلا أساس، ولا تُنفَّذ اعتباطًا، بل تنطوي على حكمة معينة. هذه هي الحقيقة وراء كل عمل الله. على وجه التحديد، يوجد المزيد من خطة الله في العمل الذي قام الله المتجسد به بين البشر. وعليه، تظهر حكمة الله وكُليّة كيانه في كل عمل من أعماله، وأفكاره، وخطته في العمل؛ هذا هو كيان الله الأكثر تماسكًا ونظامية. هذه الأفكار والمعتقدات الفصيحة يصعب على الإنسان تخيلها وتصديقها، والأصعب معرفتها. العمل الذي يقوم به الإنسان يكون وفقًا لمبدأ عام، وهو أمر مُرضٍ للغاية بالنسبة للإنسان. ولكن مقارنةً بعمل الله، يظهر تفاوت ضخم؛ ومع أن أعمال الله عظيمة ومقياس عمل الله ضخم، إلا أن وراء تلك الأعمال تقبع العديد من خطط وترتيبات دقيقة ومحددة يصعب على الإنسان تخيلها. لا تتم كل مرحلة من مراحل عمل الله وفقًا لمبدأ فحسب، بل تتضمن أيضًا العديد من الأمور التي لا يمكن التعبير عنها بلغة الإنسان، وهي أمور غير مرئية للإنسان. بغض النظر عمّا إذا كان العمل يقوم به الروح أو الله المتجسد، فإنه يتضمن خططًا لعمله. لا يعمل الله بلا أساس، ولا يقوم بعمل غير هام. حين يعمل الروح مباشرةً، فإنه يعمل على أهدافه، وحين يصير إنسانًا (أي حين يغيِّر مظهره الخارجي) للعمل، فإنه يفعل هذا أيضًا على هدفه. لمَ عليه أيضًا أن يغير هويته طواعيةً؟ ولمَ عليه أن يصير إنسانًا يرونه متدنيًا ومضطهدًا؟
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أحوج ما تكون إليه البشرية الفاسدة هو خلاص الله المتجسِّد