لا يمكن أن يبقى الله المتجسد مع الإنسان للأبد لأن الله لديه الكثير من العمل ليقوم به. لا يمكنه أن يتقيد في الجسد؛ عليه أن يترك الجسد ليقوم بالعمل الواجب عليه القيام به، حتى ولو كان يقوم بهذا العمل في صورة جسد. عندما يأتي الله إلى الأرض، لا ينتظر حتى يبلغ الشكل الذي ينبغي على الإنسان أن يبلغه قبل الموت وترك البشرية. لا يهم كم عمر جسده، عندما ينتهي عمله، يذهب ويترك الإنسان. لا يوجد مفهوم للعمر بالنسبة له، هو لا يعد أيامه بحسب دورة الحياة البشرية؛ بل، ينهي حياته في الجسد وفقًا لخطوات عمله. قد يكون هناك من يشعرون أن الله، في مجيئه في الجسد، يجب أن يبلغ مرحلة معينة، ويصير ناضجًا، ويصل لعمر كبير، ويرحل فقط عندما يخور جسده. هذا هو تخيل الإنسان؛ الله لا يعمل هكذا؛ فهو يأتي في الجسد فقط ليقوم بالعمل المفترض عليه القيام به، ولا يعيش حياة إنسان عادي مولود من أبوين وينمو ويكون أسرة ويبدأ وظيفة وينجب أطفالاً ويختبر نجاحات وسقطات الحياة – هذه جميعها أنشطة شخص عادي. عندما يأتي الله إلى الأرض، فهذا يعني أن روح الله يلبس الجسد، يأتي في الجسد، ولكن الله لا يحيا حياة الإنسان العادي. يأتي فقط ليحقق جزءًا واحدًا من خطة تدبيره. بعد ذلك سيترك البشرية. عندما يأتي في الجسد، لا يكمل روح الله الجسد ذا الطبيعة البشرية. بل في الوقت الذي حدده الله مسبقًا، يعمل اللاهوت مباشرة. ثم بعد القيام بكل العمل الذي يتوجب عليه القيام به وإكمال خدمته بالتمام، يكون عمل روح الله في هذه المرحلة قد تم، وفي هذه اللحظة تنتهي أيضًا حياة الله المتجسد، بغض النظر عما إذا كان الجسم المتجسد عاش دورة الحياة الطويلة أم لا. أي أنه أيًّا كانت مرحلة الحياة التي يصل إليها الجسم المتجسد، وأيًّا كانت المدة التي يعيشها على الأرض، كل شيء محدد من قبل عمل الروح. ولا يتعلق بما يعتبره الإنسان طبيعة بشرية عادية. لنتخذ يسوع كمثال: عاش في الجسد لمدة ثلاثة وثلاثين عامًا ونصف. من حيث دورة حياة جسمه البشرية، لم ينبغِ أن يموت في ذلك العمل، ولم يكن ينبغي أن يرحل. ولكن لم يكن هذا ضمن أدنى اهتمام لروح الله. كان عمله قد انتهى، وعند تلك النقطة أُخذ جسده، واختفى مع روحه. هذا هو المبدأ الذي يعمل الله به في الجسد. وعليه، فإن الله المتجسد بلا طبيعة بشرية عادية بالمعنى الدقيق للكلمة. أكرر، هو لا يأتي إلى الأرض ليعيش حياة كيان بشري عادي. لا يؤسس حياة بشرية عادية ثم يبدأ العمل، بل طالما أنه ولد في أسرة بشرية عادية، هو قادر على القيام بالعمل اللاهوتي. هو متحرر من المقاصد البشرية تمامًا، فهو ليس من جسد، وهو بالتأكيد لا يتبنى طرق المجتمع أو ينخرط في الأفكار أو المعتقدات البشرية، فضلاً عن أنه غير مرتبط بفلسفات الحياة الإنسانية. هذا هو العمل الذي ينوي الله المتجسد القيام به، وهي أيضًا الأهمية العملية لتجسده. يأتي الله في الجسد بصورة رئيسية ليقوم بمرحلة من العمل ينبغي أن يقوم بها في الجسد، دون اجتياز عمليات أخرى تافهة، أما بالنسبة لخبرات الإنسان العادي فهو لا يملكها. العمل الذي يحتاج الله المتجسد إلى القيام به لا يتضمن خبرات بشرية عادية. لذلك يأتي الله في الجسد من أجل تحقيق العمل الذي يتوجب عليه تحقيقه في الجسد. ولا يبالي بأي شيء آخر. لا يجتاز في العديد من العمليات التافهة. بمجرد أن يتم عمله، تنتهي أيضًا أهمية تجسده. إنهاء هذه المرحلة يعني أن العمل الذي يتوجب عليه القيام به في الجسد قد انتهى، وخدمة جسده قد اكتملت. لكنه لا يمكن أن يظل يعمل في الجسد إلى أجل غير مسمى. ينبغي عليه أن يتحرك إلى مكان آخر للعمل، مكان خارج جسده. بهذه الطريقة فقط يُمكن أن يصير عمله أكثر اكتمالاً بالتمام، ويتوسع توسعًا أفضل. يعمل الله وفقًا لخطته الأصلية. وهو يعرف العمل الذي يحتاج القيام به والعمل الذي سيقوم به بوضوح كما يعرف كف يده. يقود الله كل فرد ليسير في الطريق الذي قد حدده مسبقًا بالفعل. لا أحد يمكنه الهروب من هذا. فقط أولئك الأشخاص الذين يتبعون إرشاد الروح القدس سيكونون قادرين على الدخول إلى الراحة. ربما في العمل القادم لن يكون الله هو من يتكلم في الجسد ليرشد الإنسان، بل الروح يرشد حياة الإنسان في شكل ملموس. وقتها فقط سيكون الإنسان قادرًا على لمس الله والنظر إليه، والدخول بالتمام إلى الواقعية التي يتطلبها الله لكي يكمله الله العملي. هذا هو العمل الذي ينوي الله تحقيقه، وما خطط له منذ أمد بعيد. ينبغي عليكم من خلال هذا أن تبصروا الطريق الذي ينبغي أن تسلكوه!
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الاختلاف الجوهري بين الله المتجسد وبين الأناس الذين يستخدمهم الله