ائتمن الله البشر على الكثير، وعالج دخولهم بطرقٍ عدةٍ. ولكن بسبب الضعف الشديد في مقدرة الناس، لم يفلح الكثير من كلام الله في أن يتأصَّل. توجد أسباب عديدة وراء ضعف مقدرة الناس، مثل فساد فكر البشر وأخلاقهم، وانعدام التربية الصحيحة، والخرافات الإقطاعية التي تملّكت قلب الإنسان بقوة، وأنماط الحياة المنحلّة والفاسدة التي سبّبت العديد من الأمراض في أعمق أعماق خبايا قلب الإنسان، والفهم السطحي للمعرفة الثقافية، مع وجود ما يقرب من ثمانية وتسعين بالمائة من الناس بلا أي تعليم لمحو الأمية الثقافية؛ أضف إلى ذلك وجود قلة قليلة جدًا ممَّنْ يتلقون مستويات عُليا من التعليم الثقافي. لذلك، ليس لدى الناس أي فكرة أساسًا عن معني الله أو الروح، بل لديهم فقط صورة مبهمة وغير واضحة عن الله تكوّنت عندهم من الأساطير الإقطاعية. لقد تركت التأثيرات الخبيثة الناتجة عن آلاف السنين من "روح القوميّة السامية" وكذلك التفكير الإقطاعي الذي يقيّد الناس ويكبّلهم، بلا أي حريّة، ولا إرادة في الطموح أو المثابرة، ولا رغبة في التطوّر بل المكوث في السلبية والتقهقر، والغرق في عقلية العبودية. وهكذا، كشفت هذه العوامل الموضوعيّة عن تأثير قذر بلا شك على الصعيد الأيديولوجي والمُثُل والأخلاق والشخصية الإنسانية. يعيش البشر، كما يبدو، في عالم إرهابي من الظلمة، ولا يفكر أي منهم في تجاوزه والانتقال إلى عالم مثالي؛ بل إنهم راضون بنصيبهم في الحياة، ويقضون أيامهم في ولادة الأطفال وتربيتهم، ويشقون ويعرقون وينشغلون بأعمالهم المعتادة، حالمين بأسرة مريحة وسعيدة ومودة زوجية وذرية وهناء في سنوات ضعفهم بينما يحيون حياتهم بسلام... على مدى عشرات بل آلاف بل عشرات آلاف السنين حتى الآن، كان الناس يقضون أوقاتهم بهذه الطريقة، بدون أن يخلق أي منهم حياة كاملة، وكل هدفهم هو ذبح بعضهم بعضًا في هذا العالم المظلم في سباق على الشهرة والمال، والتآمر ضد بعضهم بعضًا. مَنْ سبق وسعى للوصول إلى إرادة الله؟ هل سبق واهتم أي أحد بعمل الله؟ كل ركن من أركان البشرية واقع تحت تأثير الظلمة صار جزءًا من الطبيعة البشرية، ومن ثمَّ أصبح من الصعب القيام بعمل الله، وضعف حماس الناس للاهتمام بما أوكلهم الله لهم اليوم. على كل حالٍ، أنا على يقين أن الناس لن تمانع تلك الكلمات التي أقولها بها بما أنني أتحدث عن تاريخ يرجع إلى آلاف السنين. الحديث عن التاريخ يعني حقائق، بل وفضائح واضحة لنا جميعًا، فما الهدف إذًا من قول ما هو عكس الحقيقة؟ ولكني أيضًا أومن أن الأشخاص العاقلين، عندما يرون تلك الكلمات، ستحدث لهم صحوة ويسعون إلى التقدّم. يتمنى الله أن يستطيع البشر الحياة والعمل في سلام ورضاء وفي نفس الوقت يستطيعون حب الله. إنها إرادة الله أن تدخل البشرية جميعها إلى الراحة؛ وما هو أكثر من ذلك، رغبة الله العظمى هي امتلاء الأرض كلها بمجده. من المخزي أن يظل البشر غارقين في جهل وغفلة وفساد الشيطان حتى لم تعد لهم اليوم صورة البشر. لذلك فأفكار الإنسان وأخلاقه وتعليمه تشكّل رابطًا هامًا، بالإضافة إلى التدريب في مجال التعليم الثقافي الذي يشكّل الرابط الثاني، وهما الأفضل لرفع المستوى الثقافي للبشر وتغيير نظرتهم الروحية.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (3)