خلال عمليّة تعلُّم الإنسان المعرفة سوف يستخدم الشيطان أيّ أسلوبٍ، سواء كان شرح القصص أو مُجرّد تقديم قدرٍ ضئيل من المعرفة لهم، أو السماح لهم بإشباع رغباتهم أو إرضاء مُثُلهم. هل يتَّضح لك تمامًا الطريق الذي يريد الشيطان أن يقودك إليه؟ يعتقد الناس أنه لا يوجد خطأٌ في تعلُّم المعرفة، وأنها المسار الطبيعيّ. على أقلّ تقديرٍ، أن تُعزِّز المُثُل العُليا أو أن تكون لديك طموحاتٌ معناه أن تكون لديك تطلُّعاتٌ، ويجب أن يكون هذا هو الطريق الصحيح في الحياة. إذا كان الناس يمكنهم تحقيق مُثُلهم الخاصّة أو النجاح في مهنةٍ في حياتهم – أفليس من الأروع العيش بهذه الطريقة؟ ألاّ يكتفي المرء بإكرام أسلافه بتلك الطريقة بل ربّما أن يترك أيضًا سمتَه المميزة في التاريخ – أليس هذا شيئًا جيّدًا؟ هذا شيءٌ جيّد في نظر الناس الدنيويّين، وبالنسبة لهم يجب أن يكون مناسبًا وإيجابيًّا. ومع ذلك، هل يأخذ الشيطان الناس بدوافعه الشرّيرة إلى هذا النوع من الطريق ثم يُقرِّر أنه انتهى من فعلته؟ لا بالتأكيد. في الواقع، بغضّ النظر عن سموّ المُثُل العُليا للإنسان، وبغضّ النظر عن مدى واقعيّة رغبات الإنسان أو مدى لياقتها، فإن كلّ ما يسعى إليه الإنسان يرتبط ارتباطًا وثيقًا بكلمتين. هاتان الكلمتان مُهمّتان أهميّةً كبيرة لحياة كلّ شخصٍ، وهذه أمورٌ يعتزم الشيطان غرسها في الإنسان. ما هاتان الكلمتان؟ الأولى هي "الشهرة" والأخرى هي "الربح": إنهما الشهرة والربح. يستخدم الشيطان نوعًا دقيقًا جدًّا من الطريق، وهو طريقٌ يتوافق بمقدارٍ كبير مع مفاهيم الناس؛ إنه ليس أيّ نوعٍ من الطريق الجَذريّ. يبدأ الناس في خضمّ عدم الوعي بقبول طريقة عيش الشيطان وقواعده للعيش ويُحدِّدون أهداف الحياة وتوجيههم في الحياة، وعند عمل ذلك تكون لهم أيضًا دون درايتهم مُثُل في الحياة. بغضّ النظر عن مدى سموّ هذه المُثُل في الحياة، فهي مُجرَّد ذريعةٍ ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالشهرة والربح. أيّ شخصٍ عظيم أو مشهور، جميع الناس في الواقع، وأيّ شيءٍ يتبعونه في الحياة يتعلَّق بكلمتين فقط: "الشهرة" و"الربح". أليس كذلك؟ يعتقد الناس أنه بمُجرَّد حصولهم على الشهرة والربح يمكنهم حينها الاستفادة منهما للاستمتاع بالمكانة العالية والثروة الكبيرة والاستمتاع بالحياة، وأنه بمُجرَّد حصولهم على الشهرة والربح يمكنهم حينها الاستفادة منهما في البحث عن متعة الجسد بحثاً عن اللذة ودونما ضمير. يأخذ الناس عن طيب خاطرٍ، وإن كان دون درايةٍ، أجسادهم وعقولهم وكلّ ما لديهم ومستقبلهم ومصائرهم ويُسلِّمونها إلى الشيطان لتحقيق الشهرة والربح اللذين يرغبون فيهما. يفعل الناس هذا فعلاً دون تردُّدٍ للحظةٍ واحدة ويجهلون دائمًا الحاجة إلى استعادة كلّ شيءٍ. هل يمكن للناس أن يتحكَّموا بأنفسهم بمُجرَّد أن يلجأوا إلى الشيطان ويصبحوا مخلصين له بهذه الطريقة؟ لا بالتأكيد. فالشيطان يتحكَّم بهم تمامًا وبمعنى الكلمة. كما أنهم قد غرقوا تمامًا وبمعنى الكلمة في مستنقعٍ وهم عاجزون عن تحرير أنفسهم. بمُجرَّد أن يتورَّط شخصٌ ما في الشهرة والربح، فإنه لا يعود يبحث عمّا هو مُشرِقٌ أو ما هو بارٌّ أو تلك الأشياء الجميلة والصالحة. يعود السبب في هذا إلى أن القوّة المُغرية التي تملكها الشهرة والربح على الناس هائلةٌ للغاية، وتصبح أشياءً يتبعها الناس طيلة حياتهم وحتَّى إلى الأبد بلا نهايةٍ. أليس هذا صحيحًا؟ سوف يقول بعض الناس: "إن تعلُّم المعرفة ليس أكثر من قراءة الكتب أو تعلُّم القليل من الأشياء التي لا نعرفها بالفعل، حتَّى نواكب الزمان ولا يتركنا العالم في الوراء. لا نتعلَّم المعرفة إلّا لكي نتمكَّن من وضع الطعام على المائدة أو من أجل مستقبلنا أو من أجل الضروريّات الأساسيّة". هل يمكنك أن تُخبِرني الآن ما إذا كان هناك أيّ شخصٍ سوف يتحمَّل عَقدًا من الزمان في الدراسة الشاقّة من أجل الاحتياجات الأساسيّة فقط، ومن أجل حلّ مشكلة الغذاء فقط؟ (لا، لا يوجد). لا يوجد أُناسٌ مثل هذا. من أجل ماذا إذًا يعاني من هذه المصاعب ويعاني جميع هذه السنوات؟ إنه من أجل الشهرة والربح: الشهرة والربح في انتظاره بالأمام يدعوانه، وهو يعتقد أنه لا يمكنه أن يتبع هذا الطريق إلّا من خلال اجتهاده الخاصّ ومشاقّه وصراعه، ويُحقِّق بالتالي الشهرة والربح. ينبغي أن يعاني هذه المشاقّ في سبيل مساره الخاصّ في المستقبل ومن أجل التمتُّع في المستقبل والحياة الأفضل. ما هذه المعرفة تحديدًا – هل يمكنكم أن تخبروني؟ أليست هي قواعد العيش التي يغرسها الشيطان في الناس والتي يُعلِّمها الشيطان لهم في سياق تعلُّمهم المعرفة؟ أليست هي المُثُل العُليا للحياة التي يغرسها الشيطان في الإنسان؟ تأمَّل، على سبيل المثال، في أفكار الناس العظماء ونزاهة المشاهير أو الروح الشجاعة للشخصيّات البطوليّة، أو تأمَّل في فروسيّة ولُطف الأبطال والمُبارزين بالسيوف في روايات الفنون القتاليّة. (نعم، إنها كذلك). تُؤثِّر هذه الأفكار على جيلٍ تلو الآخر، ويُدفَع الناس من كلّ جيلٍ لقبول هذه الأفكار وليعيشوا من أجل هذه الأفكار وليسعوا وراءها بلا نهايةٍ. هذه هي الطريقة، أي القناة، التي يستخدم فيها الشيطان المعرفة لإفساد الإنسان. بعد أن قاد الشيطان الناس إلى هذا الطريق إذًا، هل لا يزال بإمكانهم عبادة الله؟ (لا، ليس بإمكانهم). هل تشتمل المعرفة والفكر اللذان يغرسهما الشيطان في الإنسان على أيّ شيءٍ من عبادة الله؟ هل يملكان أيّ شيءٍ يخصّ الحقّ؟ (لا، لا يملكان). هل يحتويان على أيّ شيءٍ من اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ؟ (لا، لا يحتويان). يبدو أنكم تتحدَّثون بقدرٍ من عدم اليقين، ولكن هذا لا يهمّ. طالما أنك تُدرِك أن "الشهرة" و"الربح" هما الكلمتان الرئيسيّتان اللتان يستخدمهما الشيطان لإغواء الناس على طريق الشرّ، فهذا يكفي.
دعونا نُقدِّم موجزًا مختصرًا مرّةً أخرى: ما الذي يستخدمه الشيطان للاستمرار في تقييد الإنسان والتحكُّم به؟ (الشهرة والربح). يستخدم الشيطان إذًا الشهرة والربح للتحكُّم بأفكار الإنسان إلى أن يكون كلّ ما يُفكِّر به هما الشهرة والربح. إنهم يناضلون من أجل الشهرة والربح، ويعانون من مشقّاتٍ في سبيل الشهرة والربح، ويتحمَّلون الإذلال من أجل الشهرة والربح، ويُضحّون بكلّ ما لديهم من أجل الشهرة والربح، وسوف يتّخذون أيّ حُكمٍ أو قرارٍ من أجل الشهرة والربح. وبهذه الطريقة، يربط الشيطان الإنسان بأغلالٍ غير مرئيّةٍ. تُوضع هذه الأغلال على الناس ولا تكون للناس القوّة ولا الشجاعة للتخلُّص منها. ولذلك يتثاقل الناس في خُطاهم باستمرارٍ بصعوبةٍ كبيرة، وهم لا يُدرِكون أنهم يحملون هذه الأغلال. من أجل هذه الشهرة وهذا الربح، يحيد البشر عن الله ويخونونه ويصبحون أشرارًا أكثر فأكثر. ولذلك، يتهدَّم بهذه الطريقة جيلٌ تلو الآخر في الشهرة والربح اللذين للشيطان. بالنظر الآن إلى أعمال الشيطان، هل دوافعه الشرّيرة مقيتة؟ (نعم). ربّما ما زال لا يمكنكم اليوم أن تروا بوضوحٍ دوافع الشيطان الشرّيرة؛ لأنكم تعتقدون أنه لا توجد حياةٌ دون الشهرة والربح. تعتقدون أنه إذا ترك الناس الشهرة والربح وراءهم فلن يكونوا قادرين فيما بعد على رؤية الطريق أمامهم ولن يعودوا قادرين على رؤية أهدافهم ويصبح مستقبلهم مُظلِمًا وقاتمًا ومعتمًا. ولكنكم سوف تعترفون جميعًا وببطءٍ يومًا ما أن الشهرة والربح أغلالٌ شنيعة يستخدمها الشيطان ليربط الإنسان. وإلى أن يحين اليوم الذي تُدرِك فيه هذا، سوف تقاوم تمامًا تحكُّم الشيطان وتقاوم تمامًا الأغلال التي يجلبها الشيطان ليربطك بها. عندما يحين الوقت الذي ترغب فيه التخلُّص من جميع الأشياء التي غرسها الشيطان فيك، سوف تنزع نفسك من الشيطان انتزاعًا تامًّا وسوف تكره حقًّا جميع ما جلبه عليك الشيطان. وعندها فقط سوف تكون لك مَحبَّةٌ حقيقيّة وحنينٌ إلى الله.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (و)