الآن مع عمل الله في الأيَّام الأخيرة، لم يعد يمنح الإنسان النعمة والبركات مثلما فعل في البداية ولا يُقنِع الناس بالتقدُّم للأمام. خلال هذه المرحلة من العمل، ما الذي رآه الإنسان من جميع جوانب عمل الله التي قد اختبرها؟ لقد رأى مَحبَّة الله ودينونة الله وتوبيخه. في هذا الوقت، وبالإضافة إلى ذلك، يُزوِّد الله الإنسان ويدعمه وينيره ويرشده، بحيث يتعرَّف تدريجيًّا على مقاصده ويعرف الكلام الذي يتكلَّم به والحقّ الذي يمنحه للإنسان. عندما يكون الإنسان ضعيفًا، وعندما يكون كئيبًا، وعندما لا يكون لديه مكانٌ يلجأ إليه، سوف يستخدم الله كلامه للتعزية ويُقدِّم النصيحة ويُشجِّعه، حتَّى يتمكَّن الإنسان ذو المكانة الصغيرة من إيجاد قوّته تدريجيًّا ويتقدَّم في الإيجابيّة ويصبح راغبًا في التعاون مع الله. ولكن عندما يعصي الإنسان الله أو يقاومه، أو يكشف الإنسان عن فساده، لن يُظهِر له الله رحمةً في تزكيته وتأديبه. ومع ذلك، بسبب غباء الإنسان وجهله وضعفه وعدم نُضجه، سوف يُظهِر الله التسامح والصبر. وبهذه الطريقة، من خلال كلّ العمل الذي يعمله الله للإنسان، ينضج الإنسان تدريجيًّا وينمو ويتعرَّف على مقاصد الله، ويعرف قدرًا من الحقّ، ويعرف الأشياء الإيجابيَّة والأشياء السلبيَّة، ويعرف الشرّ والظلام. لا يُزكِّي الله الإنسان ويُؤدِّبه دائمًا، كما أنه لا يُظهِر له التسامح والصبر دائمًا. ولكنه يرعى كلّ شخصٍ بطُرقٍ مختلفة، في مراحله المختلفة وطبقًا لاختلاف قامته ومستواه. إنه يفعل أشياءَ كثيرة للإنسان وبتكلفةٍ باهظة؛ لا يُدرِك الإنسان أيّ شيءٍ من هذه التكلفة أو هذه الأشياء التي يفعلها الله، ولكن كلّ ما يفعله إنّما يجري في الواقع على كلّ شخصٍ. مَحبَّة الله حقيقيّةٌ: يتجنَّب الإنسان من خلال نعمة الله كارثةً تلو الأخرى، بينما بالنسبة لضعف الإنسان يُظهِر الله تسامحه مرَّة تلو الأخرى. أمَّا دينونة الله وتوبيخه فيسمحان للناس بالتعرُّف تدريجيًّا على فساد البشر وجوهرهم الشيطانيّ. يسمح جميع ما يُوفِّره الله وتنويره وإرشاده للبشر أن يعرفوا أكثر فأكثر جوهر الحقّ، وأن يعرفوا على نحوٍ متزايد ما يحتاج إليه الناس، والطريق الذي يجب أن يسلكوه، وما يعيشون من أجله، وقيمة حياتهم ومعناها، وكيفيّة السلوك في الطريق إلى الأمام. لا تنفصل جميع هذه الأشياء التي يفعلها الله عن هدفه الأصليّ الوحيد. ما هذا الهدف إذًا؟ هل تعرفونه؟ لماذا يستخدم الله هذه الطُرق لتنفيذ عمله على الإنسان؟ ما النتيجة التي يريد تحقيقها؟ أي ماذا يريد أن يرى في الإنسان ويحصل عليه منه؟ ما يريد الله أن يراه هو أن قلب الإنسان يمكن إحياؤه. تَهدُف هذه الطُرق التي يستخدمها في العمل على الإنسان لإيقاظ قلب الإنسان باستمرارٍ، ولإيقاظ روح الإنسان، وللسماح للإنسان بمعرفة من أين جاء ومن يُرشِده ومن يدعمه ومن يرعاه، ومن قد سمح للإنسان بالعيش إلى الآن؛ كما تَهدُف للسماح للإنسان بأن يعرف الخالق، ومن يجب على الإنسان عبادته، وأيّ نوعٍ من الطريق يجب أن يسلكه، وبأيَّة طريقةٍ يجب على الإنسان أن يتقدَّم أمام الله؛ إنها تُستخدَم لإحياء قلب الإنسان تدريجيًّا حتَّى يعرف الإنسان قلب الله ويفهم قلب الله، ويستوعب العناية الفائقة والمراعاة وراء عمل الله لخلاص الإنسان. عند إحياء قلب الإنسان، لا يعود يرغب في أن يعيش حياةً شخصيّةٍ مُنحطّة فاسدة، ولكنه يرغب بدلاً من ذلك في البحث عن الحقّ في إرضاء الله. عندما يكون قلب الإنسان قد استيقظ، يكون الإنسان عندئذٍ قادرًا على نزع نفسه انتزاعًا تامًّا من الشيطان، ولا يعود يتضرَّر من الشيطان، ولا يعود موضع سيطرةٍ أو خداعٍ منه. بدلاً من ذلك، يمكن للإنسان أن يتعاون في عمل الله وفي كلامه بطريقةٍ إيجابيّة لإرضاء قلب الله، وبالتالي يصل إلى اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ. هذا هو الهدف الأصليّ لعمل الله.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (و)