أودّ التحدُّث معكم عن شيءٍ فعلتموه وأدهشني في بداية اجتماعنا اليوم. ربّما كان بعضكم يشعر بالامتنان الآن أو يشعر بالشكر، ولذلك أردتم التعبير عمّا كان يدور في عقولكم تعبيرًا ماديَّا. هذا أبعد من اللوم، وهو ليس صحيحًا وليس خاطئًا. ولكني أودّ منكم أن تفهموا شيئًا. ما هو؟ أوّلاً، أودّ أن أسألكم عمّا فعلتموه الآن. هل كان السجود أو الركوع للعبادة؟ هل يمكن لأيّ أحدٍ أن يُخبرني؟ (نعتقد أنه كان السجود). تعتقدون أنه كان السجود، فما معنى السجود إذًا؟ (العبادة). ما هو الركوع للعبادة إذًا؟ لم أتشارك هذا معكم من قبل، ولكنني أشعر اليوم أنه من الضروريّ أن أتشارك معكم هذا الموضوع. هل تسجدون في تجمُّعاتكم المعتادة؟ (لا). هل تسجدون عندما تتلون صلواتكم؟ (نعم). هل تسجدون في كلّ مرَّةٍ تُصلّون فيها، عندما تسمح الظروف؟ (نعم). هذا رائعٌ. ولكن ما الذي أودّ أن تفهموه اليوم؟ إنه نوعا الناس الذين يقبل الله ركوعهم. لسنا بحاجةٍ للرجوع إلى الكتاب المُقدَّس أو سلوكيّات أيّة شخصيَّاتٍ روحيّة، وسوف أخبركم شيئًا صحيحًا هنا والآن. أوّلاً، السجود والركوع للعبادة ليسا الشيء نفسه. لماذا يقبل الله ركوع أولئك الذين يسجدون؟ ذلك لأن الله يدعو شخصًا ما إليه ويستدعي هذا الشخص ليقبل مأموريّة الله، ولذلك يسجد الشخص أمام لله. هذا هو النوع الأوّل من الأشخاص. النوع الثاني هو الركوع للعبادة من شخصٍ ما يتّقي الله ويحيد عن الشرّ. يوجد فقط هذان النوعان من الناس. فما النوع الذي يخصّكم؟ هل أنتم قادرون على القول؟ هذه حقيقةٌ واقعيَّة، رغم أنها قد تؤذي مشاعركم قليلاً. لا يوجد ما يُقال عن ركوع الناس أثناء الصلاة – هذا ملائمٌ ويجب أن يكون كذلك؛ لأنه عندما يُصلِّي الناس فإنهم في الغالب يُصلّون من أجل شيءٍ ما؛ إذ يفتحون قلوبهم لله ويتقابلون معه وجهًا لوجهٍ. إنه التواصل والتبادل، من القلب إلى القلب مع الله. إذا كنتم تفعلون ذلك كإجراءٍ شكليّ وحسب، فلا يجب أن يكون الأمر كذلك. لا أقصد توبيخكم على ما فعلتموه اليوم. تعرفون أنني أريد فقط أن أُوضِّح هذا لكم حتَّى تفهموا هذا المبدأ، أليس كذلك؟ (نحن نعلم). وذلك حتَّى لا تستمرّوا في عمل ذلك. هل لدى الناس إذًا أيَّة فرصةٍ للسجود والركوع أمام وجه الله؟ سوف توجد دائمًا فرصةٌ. عاجلاً أم آجلاً سوف يأتي يومٌ، ولكن الوقت ليس الآن. هل ترون؟ (نعم). هل يجعلكم هذا تشعرون بالحزن؟ (لا). هذا جيّدٌ. ربّما سوف تُحفِّزكم هذه الكلمات أو تُلهِمكم بحيث يمكنكم أن تعرفوا في قلوبكم المحنة الحالية بين الله والإنسان ونوع العلاقة القائمة بينهما الآن. على الرغم من أننا قد تحدَّثنا مُؤخّرًا وتبادلنا الكثير، فإن فهم الإنسان لله لا يزال بعيدًا عن أن يكون كافيًا. ما زال أمام الإنسان طريقٌ طويل في مُهمّة البحث عن فهم الله. لا أقصد أن أجعلكم تفعلون ذلك بشكلٍ عاجل أو تتسرّعون في التعبير عن هذه الأنواع من الطموحات أو المشاعر. فما فعلتموه اليوم قد يكشف عن مشاعركم الحقيقيّة ويُعبِّر عنها، وقد أدركتُ ذلك. ولذلك بينما كنتم تفعلون هذا، أردتُ أن أقف وأُقدِّم لكم تمنياتي الطيّبة؛ لأنني أتمنى لكم جميعًا أن تكونوا على ما يرام. وبالتالي فإنني في كلّ كلمةٍ وكلّ عملٍ أبذل أقصى ما بوسعي لمساعدتكم وإرشادكم؛ بحيث يمكن أن يكون لديكم الفهم الصحيح والرؤية الصحيحة لجميع الأشياء. يمكنكم فهم هذا، أليس كذلك؟ (بلى). هذا عظيمٌ. على الرغم من أن الناس لديهم قدرٌ من الفهم لشخصيَّات الله المُتنوِّعة، وجوانب ما لدى الله ومن هو الله، فإن أغلبيّة هذا الفهم لا تتجاوز قراءة كلماتٍ على إحدى الصفحات أو فهمها من حيث المبدأ أو مُجرَّد التفكير فيها. أمَّا أكثر ما يفتقر إليه الناس فهو الفهم والرؤية الحقيقيان اللذان يأتيان من الاختبار الفعليّ. على الرغم من أن الله يستخدم طُرقًا مُتنوِّعة لإيقاظ قلوب الناس، لا يزال يوجد طريقٌ طويل يجب السير فيه قبل أن تستيقظ أخيرًا قلوب الناس. لا أريد أن أرى أيّ شخصٍ يشعر كما لو أن الله قد تركه في البرد، أو أن الله قد تركه أو أدار ظهره له. أودّ فقط أن أرى كلّ واحدٍ على طريق طلب الحقّ وطلب فهم الله، وأن يسير بجرأةٍ إلى الأمام بإرادةٍ لا تتزعزع دون أيّ شكوكٍ ودون تحمُّل أيّ أعباءٍ. بغضّ النظر عن الأخطاء التي قد ارتكبتها، وبغضّ النظر عن مدى ضلالتك أو مدى تَعدّيك، لا تدع هذه الأمور تصبح أعباءً أو أمتعةً زائدة تحملها معك في سعيك لفهم الله: واصل السير إلى الأمام. بغضّ النظر عن الوقت الذي يحدث فيه هذا، فإن قلب الله الذي هو خلاص الإنسان لا يتغيَّر: هذا هو الجزء الأكثر قيمة في جوهر الله.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (و)