في مفاهيم الإنسان التقليدية، محبة الله هي نعمته ورحمته وتعاطفه مع ضعف الإنسان. ومع أن هذه الأمور هي أيضًا محبة الله، إلا أنها أحادية الجانب للغاية وليست هي الوسيلة الأساسية التي يستخدمها الله لجعل الإنسان كاملًا. عندما بدأ بعض الناس يؤمنون بالله للتو، كان ذلك بسبب المرض. هذا المرض هو نعمة الله لأجلك؛ فبدونه لن تؤمن بالله، وإذا لم تكن تؤمن بالله لما وصلت إلى هذا الحد – ومن ثمَّ، فحتى هذه النعمة هي محبة الله. في زمن الإيمان بيسوع، فعل الناس الكثير من الأمور التي لم يحبها الله لأنهم لم يفهموا الحق، ومع ذلك فإن الله لديه المحبة والرحمة، وقد جلب الإنسان إلى هذا الحد، ومع أن الإنسان لا يفهم أي شيء، ما زال الله يسمح للإنسان أن يتبعه، والأكثر من ذلك أن الله ظل يقود الإنسان إلى يومنا هذا. أليست هذه هي محبة الله؟ ومحبة الله هي التي تتجلى في شخصيته – هذا صحيح تمامًا! عندما بلغ بناء الكنيسة ذروته، قام الله بخطوة العمل الخاصة بعاملي الخدمة وألقى بالإنسان في الهاوية. كانت كلمات زمن عاملي الخدمة كلها لعنات: لعنات لجسدك ولعنات لشخصيتك الشيطانية الفاسدة ولعنات للأشياء التي فيك ولا تتمِّم إرادة الله. العمل الذي قام به الله في هذه المرحلة ظهر في صورة هيبة، وبعده بفترة قصيرة قام الله بالخطوة الخاصة بعمل التوبيخ، وهناك جاءت تجربة الموت. في هذا العمل، رأى الإنسان نقمة الله وهيبته ودينونته وتوبيخه، ولكنه أيضًا رأى نعمة الله ومحبته ورحمته؛ كل ما فعله الله وكل ما تجلى في شخصيته كان محبًة للإنسان، وكل ما فعله الله استطاع أن يلبي احتياجات الإنسان. لقد فعل ذلك لكي يجعل الإنسان كاملًا، وأعطى الإنسان بحسب قامته. لو لم يفعل الله ذلك، فإن الإنسان لن يكون قادرًا على الوقوف أمام الله، ولن يكون لديه أي سبيل لمعرفة الوجه الحقيقي لله. فمنذ بدأ الإنسان يؤمن أولًا بالله وحتى اليوم، ظل الله يمد الإنسان بما يحتاجه بحسب قامته، بحيث أصبح الإنسان تدريجيًا يقترب من معرفة الله. فقط في يومنا هذا أصبح الإنسان يدرك كم أن دينونة الله رائعة. إن الخطوة الخاصة بعاملي الخدمة كانت المرة الأولى لعمل اللعنة منذ زمن الخليقة وحتى يومنا هذا. لقد لُعِن الإنسان وألقي به في الهاوية. لو لم يفعل الله هذا، لما كان للإنسان معرفة حقيقية بالله اليوم؛ فقط من خلال لعنة الله تقابل الإنسان رسميًا مع شخصية الله. كُشف الإنسان من خلال تجربة عمال الخدمة. لقد رأى أن ولاءه غير مقبول، وأن قامته ضئيلة للغاية، وأنه غير قادر على إرضاء مشيئة الله، وأن مزاعمه بأنه يرضي الله في كل الأوقات لم تكن سوى مجرد كلمات فقط. مع أنه في خطوة العمل الخاصة بعاملي الخدمة قد لعن الله الإنسان، فبالنظر إليها اليوم نرى أن خطوة العمل هذه كانت رائعة: لقد جلبت نقطة تحول كبيرة للإنسان، وتسبَّبت في تغيير كبير في شخصيته الحياتية. فقبل زمن عاملي الخدمة، لم يفهم الإنسان أي شيء عن مسعى الحياة، وما معنى أن تؤمن بالله، أو حكمة عمل الله، ولم يفهم كذلك أن عمل الله يمكن أن يمتحن الإنسان. ومنذ زمن عاملي الخدمة وحتى اليوم، يرى الإنسان مدى روعة عمل الله، إذ لا يقدر الإنسان أن يسبر أغواره، ولا يمكنه باستخدام عقله أن يتخيل كيف يعمل الله، كما أنه يرى أيضًا مدى ضآلة قامته وأنه يغلب عليه طابع العصيان. عندما لعن الله الإنسان كان ذلك لأجل تحقيق تأثير ما، ولم يُمت الإنسان. فمع أنه لعن الإنسان، لكنه فعل ذلك بواسطة الكلمات، ولم تقع لعناته فعليًا على الإنسان، لأن ما لعنه الله كان عصيان الإنسان، ومن ثم كانت كلمات لعناته أيضًا بهدف جعل الإنسان كاملًا. سواء كان الله يدين الإنسان أو يلعنه، فكلا الأمران يجعلان الإنسان كاملًا: فكلامهما من أجل جعل ما هو نجس في داخل الإنسان يصبح كاملًا. من خلال هذه الوسيلة كان الإنسان يتنقَّى، وما كان ناقصًا في داخل الإنسان قد صار كاملًا من خلال كلمات الله وعمله. كل خطوة في عمل الله – سواء كانت كلمات صارمة أو دينونة أو توبيخًا – تجعل الإنسان كاملًا، وهي مناسبة تمامًا. عبر العصور لم يسبق لله أن قام بمثل هذا العمل؛ اليوم هو يعمل في داخلكم حتى يكون لديكم تقدير لحكمته. فمع أنكم عانيتم بعض الألم في داخلكم، فإن قلوبكم تشعر بالثبات، ويغمرها السلام؛ إنها بركة لكم أن تتمكنوا من التمتع بهذه المرحلة من عمل الله. بغض النظر عمَّا سيمكنكم تحقيقه في المستقبل، كل ما ترونه من عمل الله فيكم اليوم هو المحبة. فإذا لم يكن الإنسان يختبر دينونة الله وتنقيته، فإن أفعاله وحماسته ستكون دائمًا مجرد مظهر خارجي، وستظل شخصيته ثابتة دائمًا لا تتغير. فهل هذا يُعد في رأيك مُكتَسبًا من الله؟ اليوم مع أن هناك الكثير في داخل الإنسان مما يتصف بالغطرسة والغرور، فإن شخصية الإنسان أكثر استقرارًا من ذي قبل. إن تعامل الله معك هو من أجل خلاصك، ومع أنك قد تشعر ببعض الألم في ذلك الوقت، سوف يأتي اليوم الذي فيه يحدث تغيير في شخصيتك. في ذلك الوقت، سوف ترجع بنظرك للخلف وترى كم كان عمل الله حكيمًا، وذلك سيكون عندما تكون قادرًا على الفهم الحقيقي لإرادة الله. اليوم، ثمة بعض الناس يقولون إنهم يفهمون إرادة الله – ولكن هذه ليست الحقيقة، فهم يتكلمون بحديث لا قيمة له، لأنهم في الوقت الحاضر يجب عليهم أن يفهموا إذا ما كانت إرادة الله أن يُخلِّص الإنسان أم يلعنه. ربما لا يمكنك رؤية الأمر بوضوح الآن، لكن سيأتي اليوم حين ترى أن يوم تمجيد الله قد حان، وسترى مدى قيمة ومغزى أن تحب الله، لكي ما تُقبِل إلى معرفة الحياة البشرية، وسيعيش جسدك في عالم الله المُحب، وستنطلق روحك حرة، وتمتلئ حياتك بالبهجة وستكون دائمًا قريبًا من الله، وتنظر على الدوام نحو الله. في ذلك الوقت، ستعرف حقًا مدى أهمية عمل الله اليوم.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبار التجارب المؤلمة هو السبيل الوحيد لكي تعرف روعة الله