إن عملي على وشك الاكتمال. لقد أصبحت السنوات العديدة التي قضيناها معًا ذكرى لا تُحتمل، وقد واصلت تكرار كلماتي وأظهرت عملي الجديد باستمرار. نصيحتي بالطبع هي مُكوّن ضروري في كل عمل أقوم به، وستضلون جميعًا دون مشورتي، بل وستجدون أنفسكم في حيرة تامّة. عملي الآن على وشك الانتهاء وهو في مرحلته الأخيرة، وما زلت أرغب في القيام بعمل تقديم المشورة، أي تقديم كلمات النصح لكم لتسمعوها. وكلّي أملٌ بأن يكون في وسعكم ألّا تدَعوا الآلام التي تحمَّلتها تضيع سُدى، وأن تتمكنوا كذلك من فهم العناية والاهتمام اللذين بذلتهما، وأن تتخذوا من كلامي أساسًا لكيفية تصرفكم كبشر. وسواء كان من نوع الكلام الذي ترغبون في سماعه أم لا، وسواء استمتعتم بقبوله أو قبلتموه على مضض، فيجب أن تأخذوه على محمل الجد، وإلا أزعجتني بشدَّة شخصياتكم وتصرفاتكم التي تخلو من المبالاة والاهتمام، لا بل وأثارت اشمئزازي. آمل كثيرًا أن تتمكنوا جميعًا من قراءة كلامي مرارًا وتكرارًا – آلاف المرات – بل وأن تحفظوه عن ظهر قلب. وبهذه الطريقة وحدها سيكون بإمكانكم ألا تخيبوا أملي فيكم، غير أنه لا أحد منكم يعيش بهذه الطريقة الآن، بل على العكس، جميعكم منغمسون في حياة فاسدة من الأكل والشرب لإسعاد قلوبكم، ولا يستخدم أحد منكم كلامي لإثراء قلوبكم وأرواحكم. لهذا خلصتُ إلى نتيجة حول الوجه الحقيقي للبشر: يستطيع الإنسان أن يخونني في أي وقت من الأوقات، ولا يمكن لأحد أن يكون مُخلصًا تمامًا لكلامي.
"لقد أفسد الشيطان الإنسان لدرجة أنه لم يعد يمتلك مظهر إنسان". أصبح غالبية الناس يُقِرّون بهذه العبارة إلى حدّ ما. أقول هذا لأن هذا "الإقرار" هو مجرد نوعٍ من الاعتراف السطحي في مقابل المعرفة الحقيقية. وبما أن أيًا منكم لا يستطيع أن يقيّم نفسه بدقّة أو يحللها بعناية، فسوف يبقى كلامي ملتبسًا عليكم. لكنني أستخدم في هذه المرة حقائق لكي أشرح مشكلة أكثر خطورة موجودة فيكم؛ تلك المشكلة هي الخيانة. جميعكم على دراية بكلمة "خيانة"؛ لأن معظم الناس قد فعلوا شيئًا ينطوي على خيانة للآخرين، مثل زوج يخون زوجته، وزوجة تخون زوجها، وابن يخون والده، وبنت تخون أمها، وعبدٌ يخون سيده، وأصدقاء يخون بعضُهم بعضًا، وأقارب يخون بعضُهم بعضًا، وباعة يخونون مشترين، وهكذا دواليك. تشتمل كل هذه الأمثلة على جوهر الخيانة. باختصار، الخيانة هي شكل من أشكال السلوك الذي يخلف فيه المرء وعدًا، أو ينتهك المبادئ الأخلاقية، أو يتصرف خلافًا للأخلاقيات الإنسانية، مما يدل على ضياع الإنسانية. بصورة عامة، بوصفك إنسانًا وُلِدَ في هذا العالم، لا بد أنك قد فعلتَ شيئًا ينطوي على خيانة للحق، بغض النظر عمّا إذا كنت تتذكر أنك قمت بشيء ما خُنت فيه شخصًا آخر أو إذا كنت قد خُنت الآخرين مِرارًا من قبل. بما أنك قادرٌ على خيانة والديك أو أصدقائك، فإنك قادر بالتالي على خيانة الآخرين، بل وقادر على خيانتي والقيام بأشياء أحتقرها. وبعبارة أخرى، فإن الخيانة ليست مجرد شكل من أشكال السلوك السطحي غير الأخلاقي، بل هي أمر يتعارض مع الحق. هذا الأمر هو بالضبط مصدر مقاومة الجنس البشري وعصيانه لي، وهذا هو السبب في أنني قد لخّصته في العبارة التالية: الخيانة هي طبيعة الإنسان، وهذه الطبيعة هي العدو الكبير لتوافق كل شخص معي.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. مُشكلة خطيرة جدًا: الخيانة (1)