أرسل تجسد الله صدمات لكل الأديان والقطاعات، لقد "أثار الفوضى" بين الترتيب الأصلي للدوائر الدينية، وزعزع قلوب كل من اشتاقوا إلى ظهور الله. من لا يعشق؟ من لا يشتاق إلى رؤية الله؟ كان الله شخصيًّا بين الناس للعديد من السنوات، ومع ذلك لم يدركه الإنسان قط. اليوم، قد ظهر الله نفسه، وأظهر هويته للجموع، كيف يمكن ألا يجلب هذا سعادة لقلب الإنسان؟ شارك الله ذات مرة الإنسان في أفراحه وأحزانه، واليوم تم لم شمله مع البشرية، ويتشارك في قصص الأزمان التي ذهبت معه. بعد أن خرج من اليهودية لم يجد له الناس أثرًا. يشتاقون إلى أن يتلاقوا مرةً أخرى مع الله، والقليل منهم يعرف أنه اليوم قد تلاقى معه من جديد، وأُعيد لم شمله معه. كيف لا يمكن لهذا أن يثير أفكار الأمس؟ مر ألفا عام الآن على رؤية سمعان بن يونا، حفيد اليهود، ليسوع المخلص، وأكل معه على نفس المائدة، وبعد اتباعه للعديد من السنوات شعر بحنين أعمق له: أحبه من أعماق قلبه، أحب الرب يسوع بعمق. لم يعرف الشعب اليهودي شيئًا عن كيف أن هذا الطفل الأشقر، المولود في مذود بارد، كان هو أول صورة لتجسُّد الله. جميعهم اعتقدوا أنه كان مثلهم، ولا أحد ظنه مختلفًا، كيف يمكن للناس التعرف على يسوع الطبيعي والعادي؟ ظن الشعب اليهودي أن يسوع هو ابن الأزمنة اليهودي. لا أحد نظر إليه كالله الجميل، ولم يفعل الناس شيئًا إلا طلب طلبات منه عن عمى، طالبين منه أن يعطيهم نعمًا زاخرة وغنية وسلامًا وبهجةً. عرفوا فقط أنه، مثل المليونير، لديه كل شيء قد يرغب فيه المرء. ومع ذلك لم يعامله الناس قط كمحبوب؛ أناس ذلك الزمن لم يحبوه، واعترضوا عليه فحسب، وقدموا متطلبات غير عقلانية منه، وهو لم يقاوم قط، وأعطى النِعَم للإنسان بصورة مستمرة، حتى على الرغم من أن الإنسان لم يعرفه. هو لم يفعل شيئًا سوى أن يُقدّم في صمت الدفء والمحبة والرحمة للإنسان وأيضًا أعطى الإنسان طرق ممارسة جديدة وقاده خارج قيود الناموس. لم يحبه الإنسان، هو فقط حسده وأقر بمواهبه الاستثنائية. كيف يمكن للبشر العميان أن يعرفوا مدى المهانة التي قاساها يسوع المخلص المحبوب عندما جاء بين البشر؟ لم يفكر أحد في ضيقته، ولم يعرف أحد محبته لله الآب، ولم يعرف أحد بشأن وحدته؛ حتى مريم كانت أمه بالولادة، كيف كان بإمكانها أن تعرف الأفكار الموجودة في قلب الرب يسوع الرحيم؟ من عرف المعاناة التي لا توصف التي تحملها ابن الإنسان؟ بعد تقديم طلبات منه، رماه أناس في ذلك الزمن ببرود وراء ظهورهم، وطردوه خارجًا. لذلك تجول في الشوارع، يومًا تلو الآخر، وعامًا تلو الآخر، متنقلًا عبر العديد من السنوات حتى عاش ثلاثة وثلاثين عامًا صعبة، أعوام كانت طويلة وأيضًا قصيرة. عندما احتاجه الناس، دعوه إلى منازلهم بابتسامات على وجههم، محاولين تقديم طلبات منهم، وبعد أن قدم مساهمته لهم، طردوه إلى الخارج على الفور. أكل الناس ما قدمه من فمه، وشربوا دمه، واستمتعوا بالنعم التي منحهم إياها، ومع ذلك عارضوه أيضًا، لأنهم لم يعرفوا قط من أعطاهم حياتهم. في النهاية صلبوه على الصليب، ومع ذلك لم ينطق بكلمة. وحتى اليوم، هو يبقى صامتًا. يأكل الناس جسده، ويأكلون الطعام الذي يقدمه لهم، يسيرون في الطريق الذي افتتحه من أجلهم، ويشربون دمه، ومع ذلك لا يزالون ينوون رفضه، إنهم في الواقع يعاملون الله الذي أعطاهم حياتهم كعدو، بل ويعاملون العبيد مثل الآب السماوي. ألم يعارضوا الله عمدًا في هذا؟ كيف جاء يسوع ليموت على الصليب؟ هل تعرفون؟ ألم يخنه يهوذا، الذي كان الأقرب له وقد أكل وشرب وتمتع معه؟ ألم يكن سبب خيانة يهوذا هو أن يسوع لم يكن أكثر من مجرد معلم صغير عادي؟ لو كان الناس يرون حقًّا أن يسوع غير عادي، وهو من السماء، كيف أمكنهم أن يصلبوه حيًّا على الصليب لأربعة وعشرين ساعة، حتى لم يتبقَ نَفَس في جسده؟ من يمكنه أن يعرف الله؟ لا يفعل الناس شيئًا إلا التمتع بالله بجشع نهِم، لكنهم لم يعرفوه قط. أُعطيت لهم بوصة فأخذوا ميلًا، وجعلوا يسوع طائعًا تمامًا لأوامرهم ومتطلباتهم. من أظهر أي نوع من أنواع الرحمة تجاه ابن الإنسان هذا، الذي ليس له مكان يسند فيه رأسه؟ من فكر في الانضمام له ليكمل إرسالية الله الآب؟ من فكر فيه؟ من تأمل في مصاعبه؟ بدون أدنى حب، أدار الإنسان ظهره ومضى؛ لا يعرف الإنسان من أين أتى نوره وحياته، ولا يفعل شيئًا إلا التخطيط سرًّا حول كيفية صلب يسوع الذي مضى عليه ألفا عام مجددًا، الذي اختبر الألم بين البشر. هل يستوجب يسوع حقًّا مثل هذه الكراهية؟ هل كل ما فعله قد نُسي؟ الكراهية التي تجمعت لآلاف السنين ستُطلق أخيرًا إلى الخارج. أنتم، أشباه اليهود! متى كان يسوع عدائيًّا نحوكم، لكي تكرهوه لهذه الدرجة؟ لقد فعل الكثير وقال الكثير، ألم يكن كل هذا من أجل فائدتكم؟ لقد قدم حياته لكم بدون أن يطلب منكم أي شيء في المقابل، لقد أعطى كل ما لديه، هل ما زلتم حقًّا تريدون أن تأكلوه حيًّا؟ لقد أعطى كل ما لديه لكم دون أن يحجب أي شيء، ودون أن يتمتع بأي مجد عالمي، أو دفء بين البشر أو محبة بين البشر أو البركات بينهم. الناس وضيعون جدًّا نحوه، لم يتمتع بأي غنى على الأرض، وكرَّس كل قلبه العطوف المخلص للإنسان، لقد كرس كل ما لديه للبشرية، ومَن أعطاه الدفء؟ مَن أعطاه تعزيةً؟ كوَّم الإنسان كل الضغط عليه، وأعطاه كل البلايا، وفرض خبراته البشرية الأكثر سوءًا بين البشر عليه، ولامه بالظلم، ويسوع وافق على ذلك ضمنيًّا. هل سبق واعترض على أي شخص؟ هل طلب تعويضًا ضئيلًا من أي شخص؟ مَن أظهر نحوه أي عطف؟ كأناس عاديين، مَن مِنكم لم تكن لديه طفولة لطيفة؟ مَن لم يكن لديه شباب نابض بالحياة؟ من لم يحصل على دفء الأحباء؟ من كان بلا محبة الأقرباء والأصدقاء؟ من لم ينل احترامًا من آخرين؟ من كان بلا أسرة دافئة؟ من كان بلا تعزية من المقربين إليه؟ ولكن هل تمتع هو بأي من هذا؟ مَنْ سبق أن أعطاه ولو القليل من الدفء؟ مَن سبق أن منحه ولو ذرة تعزية؟ مَن أظهر له القليل من الأخلاقيات الإنسانية؟ مَن كان متسامحًا معه؟ مَن كان معه أثناء الأوقات الصعبة؟ مَن اجتاز في الحياة الصعبة معه؟ لم يخفف الإنسان أبدًا متطلباته منه؛ إنه يطلب منه فقط بلا تردد، كما لو كان، بعد أن جاء إلى عالم البشر، في صورة ثور أو حصان أو كسجين للإنسان وعليه أن يعطي كل ما لديه له؛ ولو لم يعطه، لن يسامحه الإنسان أبدًا، ولن يتساهل معه أبدًا، ولن يدعوه الله أبدًا، ولن يبجله أبدًا. الإنسان حاد للغاية في موقفه من الله، كما لو كان عازمًا على تعذيب الله حتى الموت، وبعدها فقط سيخفف متطلباته من الله؛ ولو لم يفعل، لن يقلل الإنسان أبدًا معايير متطلباته من الله. كيف يمكن لله ألا يحتقر إنسانًا مثل هذا؟ أليست هذه هي مأساة اليوم؟ لا يُرى ضمير الإنسان في أي مكان. يظل يقول إنه سيرد محبة الله، لكنه ي يُشرِّحه ويعذبه حتى الموت. أليست هذه "الوصفة السرية" لإيمانه بالله، التي ورثها من أجداده؟ لا يوجد مكان لا يوجد فيه "اليهود" وما زالوا اليوم يقومون بنفس العمل، وسينفذون نفس عمل معارضة الله، ومع ذلك يؤمنون أنهم يبجلونه. كيف يمكن لعين الإنسان أن تعرف الله؟ كيف يمكن للإنسان، الذي يعيش في الجسد، أن يعامل الله المتجسِّد الذي قد جاء من الروح كالله؟ من بين البشر يمكن أن يعرفه؟ أين الحق بين البشر؟ أين البر الحقيقي؟ من قادر على معرفة شخصية الله؟ من قادر على منافسة الله في السماء؟ لا عجب أن لا أحد من الناس عرف الله بعدما جاء بين البشر وأنه رُفض. كيف يمكن للإنسان أن يتسامح مع وجود الله؟ كيف يمكن أن يسمح للنور بأن يطرد الظلمة من العالم؟ أليس هذا كله هو التكريس المكرم للإنسان؟ أليس هذا هو الدخول المستقيم للإنسان؟ أوليس عمل الله متمركزًا حول دخول الإنسان؟ آمل أن تجمعوا بين عمل الله ودخول الإنسان وتؤسسوا علاقة جيدة بين الله والإنسان وتؤدوا الواجب الذي ينبغي على الإنسان أدائه على أكمل صورة. بهذه الطريقة، سينتهي عمل الله تباعًا، ويُختتم مع تمجيده!
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (10)