لكن قبل أن يمضي وقت طويل، رأيت أن أسرتي تحتاج المال للكثير من الأمور، وفكرت أنني بحاجة لكسب المزيد من المال حتى نضطر للعيش تحت وطأة الفقر فيما بعد. بدأت في إجراء حسابات في عقلي سرًا: كنت أعمل ثلاثة أو أربعة أيام في الأسبوع، لذلك خارج اجتماعاتي، كان لدي بعض الوقت، وأردت الاستفادة من هذا الوقت لكسب المزيد من المال. بدأت أبحث في كل مكان عن عمل بدوام جزئي، وهذا الأمر في اعتباري، وكلما كان لديّ وقت فراغ، كسبت أموالًا إضافية. أصبحت الاجتماعات تدريجيًا مجرد إجراء شكلي بالنسبة لي. بينما كنت في الاجتماعات، كنت أفكر بالفعل في طرق لكسب المزيد من المال. في الأمسيات عندما أصل إلى المنزل بعد العمل، لم تلمسني كلمات الله عندما قرأتها، وفي بعض الأحيان كنت مرهقة لدرجة أنني أذهب مباشرة إلى الفراش وأنام... كنت أكثر وأكثر بُعدًا عن الله، وقد رجعت إلى حياتي السابقة في العيش من أجل المال.
فقط بينما كنت محاصرة في دوامة الثروة، قرأت هذه الفقرة من كلام الله: "نظرًا لأن الناس لا يعترفون بتنظيمات الله وسيادته، فإنهم دائمًا يواجهون المصير بطريقة التحدّي وبموقف التمرّد، ويريدون دائمًا التخلّص من سلطان الله وسيادته والأشياء التي يُخبئها المصير آملين عبثًا في تغيير ظروفهم الحاليّة وتبديل مصيرهم. ولكنهم لا يمكن أن ينجحوا أبدًا؛ إنهم يُحبطون في كل منعطفٍ. هذا الصراع، الذي يحدث في أعماق نفس المرء، مؤلمٌ. والألم لا يُنسى، فكثيرًا ما يُبدّد المرء حياته. ما سبب هذا الألم؟ هل هو بسبب سيادة الله أم لأن المرء وُلِدَ سيئ الحظ؟ من الواضح أن كلا السبيين غير صحيحين. في الأصل، يكون السبب في ذلك المسارات التي يسلكها الناس والطرق التي يختارون أن يعيشوا بها حياتهم. بعض الناس ربما لم يُدرِكوا هذه الأشياء. ولكن عندما تعرف حقًّا، وعندما تُدرِك حقًّا أن لله سيادة على مصير الإنسان، وعندما تفهم حقًّا أن كل ما خطّطه الله وقرّره لك يمثل فائدةٌ عظيمة وحماية كبيرة، فسوف تشعر أن ألمك يخفّ بالتدريج وأن كيانك بأكمله يصبح مستريحًا مُحرّرًا معتوقًا".
لمست كلمات الله قلبي، وشعرت أنه على الرغم من أني اتبعت الله، لكن لم يكن لديّ أي فهم حقيقي لسيادة الله ولم أتمتع بأي طاعة حقيقية. خلال هذا الوقت فكرت فقط في كيف أجني المزيد من المال، ولم أهتم حتى بقراءة كلام الله أو الصلاة بانتظام، وبدت الاجتماعات وكأنها تقف في طريق كسبي للمال. لكن الآن رأيت أنني مازلت أعيش بمفهوم شيطاني ووجهة نظر "المال أولًا"، ورأيت المال كغاية سامية. قال الرّب يسوع: "لِأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ ٱلْإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ ٱلْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي ٱلْإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ"؟ (متى 16: 26). نعم، ما الهدف من كسب المال إذا كلفني ذلك حياتي؟ فكرت في كيف أنني لم أفهم معنى الحياة طوال هذه السنوات،. لم أكن أعلم إلا أنه كان عليّ الكفاح بكل قوتي لكسب المال، وكانت النتيجة أنني كنت ممزقة بالمرض، وعشت في عذاب لا يوصف، والآن، حتى عندما جئت أمام الله، وعرفت أنه يعبّر عن كلمات الخلاص للبشرية، ما زلت لم آخذها على محمل الجد، وما زلت عازمة على أن أجني المال بناءً على مفاهيم وأفكار شيطانية. ومع ذلك، من خلال هذا السعي، كنت أضر بحياتي فحسب. والحقيقة هي أنني ربحت ما يكفي لاحتياجات أسرتي في وظيفتي المعتادة، لكن كان لديّ رغبات مسرفة، وأردت ما يكفي من المال للعيش في نمط حياة ثري، وهذا هو السبب في أنني عدت إلى سعيي بعزم لكسب المال. لم أرِد ارتكاب نفس الأخطاء مرة أخرى. كنت أرغب في خيانة هذه المفاهيم والآراء الشيطانية، والسعي وفقًا لكلام الله، ووضع نفسي بين يدي الله، وطاعة تنظيمات الله وترتيباته. قدمت هذه الصلاة إلى الله: "يا الله، شكرًا لك على مساندتي وإحضاري إلى بيتك. ومع ذلك، فقد كنت عمياء وجاهلة، وقد تشبثت بمفهوم كسب المال، ولم أكن أرغب في التخلي عنه، ولقد عرفت الحق ولم أسع له بعد. يا الله، لا أريد أن أستمر هكذا. أتمنى أن أطيع سيادتك وترتيباتك، وألا أعيش بآراء شيطانية".
في الأيام التالية، قضيتُ وقتًا أكبر في السعي وراء الحق خارج العمل. مارست خلوات روحية وصليت لله يوميًا، وأضحت علاقتي بالله طبيعية أكثر مِن أي وقت مضى، وبدون أن أدرك ذلك تحسنَت حالتي الصحيّة بشكل كبير، وصار نومي طبيعيًا.
في يوم، عندما وصلت للتو إلى مكان عملي، حياني مديري بابتسامة وسألني إن كنت أريد أن أصبح مشرفة دوام، كترقية تأتي مع زيادة في الراتب. عندما سمعت المدير يقول هذا، تحركت مشاعري قليلًا، وقالت زميلتي المجاورة لي: "لو كنت أنا، لما فكرت في الأمر، لكنت أقول نعم على الفور". عندما رأيت الشوق في عينيها فكرت في كيف أنني كنت مستعدة لدفع الثمن لكسب المال، وكيف عملت باستماتة لكسب المال، ودفعت نفسي للإرهاق والمرض، وعشت في عذاب. الآن وقد جئت أمام الله عرفت أن كل هذا الأذى مصدره اتباع اتجاهات الشيطان الشريرة، وعزمتُ على خيانتها. لو قبلت وظيفة مشرفة الدوام فإنها ستشغل كل طاقتي الذهنية، ولك يكون لدي حتى لوقت للذهاب للاجتماعات. بالإضافة إلى أنني مازلت أعاني من ألم في ساقيّ، ولو أرهقت نفسي بهذه الطريقة فسأفاقم من حالتي فحسب، وسأضطر للعودة إلى الألم الذي اختبرته من قبل. مقدار المال الذي يمكنني كسبه محدد مسبقًا من قِبَل الله، وليس شيئًا يمكنني تغييره عبْر جهدي الشخصي. المسار الذي مشيته كان صعبًا للغاية، وعندما فكرت في ذلك قطعت عهدًا في قلبي، ألا أمشي ذلك المسار ثانية أبدًا، لذا قلتُ للمدير: "أنا لم أعد مشرفة دوام لفترة طويلة الآن، ومازلت أعاني من عِرق النسا. شكرًا لك على تفكيرك، ولكن أعتقد أن عليك البحث عن شخص آخر". عندما قلت هذا، شعرت بسلام وثبات لم أشعر بهما من قبل أبدًا. عبْر هذه البيئة، أصبحت أكثر ثقة بأن المال لا يمكن أن يجلب لي سلامًا وسرورًا حقيقيين، وأن السعي وراء الحق والسير في طريق طاعة الله ذو قيمة في الحياة، وهذا هو ما ينبغي أن أسعى له.
في الأيام التالية، ذهبت لنشر الإنجيل مع أخواتي، وفي كل يوم شعرت بسلام خاص. كلما رأيت أن هناك أناسًا كثيرون يعيشون تحت تأثير الشيطان، الذين يمزقون أنفسهم من أجل المال، والحياة التي تفوق حياة الآخرين، والذين لا يعرفون ما هي المساعي ذات المعنى، كلما شعرت بحرص الله على إنقاذ البشر بشكل عاجل أكثر، وأصبح أكثر عزمًا على السعي وراء الحق، وأداء واجباتي كمخلوق، وإحضار مزيدٍ من الناس أمام الله، لأرد له محبته.
النهاية.
الجزء الأول: الله حفظ لي من أغلال المال (1)