القائمة

الله حفظ لي من أغلال المال (1)

"المال ليس كل شيء، ولكن بدونه لا تستطيع أن تفعل شيئًا". يعتمد كثير من الناس وجهة النظر هذه، يظنون أنك– في مجتمع اليوم– تحتاج إلى المال لتجعل الآخرين يحترمونك، وأنك بدون المال مواطن درجة ثانية. اعتدتُ في فترة على تصديق ذلك أيضًا، وجاهدتُ لكسب المال، ولكن ذلك جلب لي مرارة لا نهائية وعذابًا...

تصميمي على أن أصبح غنية وأهرب من حياة الفقر

عندما كنتُ صغيرة، كانت عائلتي فقيرة. ولم يكن باستطاعتنا تدبر 500 يوان مصروفات الدراسة لإخوتي وأخواتي. حتى مع اقتراض المال مِن الجميع، بالكاد تمكنا من تدبير قوت يومنا، ونظر إلى جراننا بدونية. أتذكر كيف كان الأطفال في الجوار كثيرًا ما يتباهون بالأجهزة الجديدة في منازلهم، وعندما رأيت كيف كانوا فخورون، أعجبت بهم. فكرّت أن المجتمع كان ماديًا بشدة، وأن "المال ليس كل شيء، ولكن بدونه لا تستطيع أن تفعل شيئًا"، وأنه لو كان لدينا مالًا لحُلت كل مشكلات أسرتنا، ولتحسنت حياتنا المادية، ولما نظر إلينا الآخرون بدونية. جعلتني هذه الأفكار غير صبورة جدًا أن أكبر، ليكون لديّ القدرة على العمل وكسب المال.

دخول المجتمع وكيف بدأتُ الحياة من أجل المال

أخيرًا، عندما بلغت السابعة عشر كنت قادرة على مغادرة المنزل، وبداية حياتي العملية في وظيفة وكسب المال. في مصنعي كان يُدفَع لي بالقطعة ولكسب المزيد من المال، تخليت عن فرص الخروج مع أصدقائي، وعملت بدلًا من وقتًا إضافيًا. وأخيرًا، عندما كنت أشعر بالتعب لدرجة أنني لا أستطيع إبقاء عينيّ مفتوحة لفترة أطول، كنت أسحب جسدي المنهك إلى مهجعي. في بعض الأحيان، كان لدى المصنع طلبيات عاجلة، وكان رؤساء العمل يرفعون سعر القطعة، ولأكسب المزيد من المال، كنت أعمل طوال الليل، وأحيانًا أمضي ثلاثة أيام وليالٍ بدون نوم. على الرغم من أن العمل كان مرهقًا للغاية، لكن عندما رأيت المال ينمو في حسابي المصرفي مع كل يوم لدفع الأجور، شعرت أن تضحياتي كانت تستحق العناء وعملت بجد أكبر. وهكذا، خلال عدة سنوات من الجهد، اتخذت حياة أسرتي منعطفًا نحو الأفضل. لكن عندما رأيت الناس من حولي يشترون منازل على الطراز الغربي وسيارات، لم أكن راضية عن ظروفي الحالية، ولا لم أرِد شيئًا أكثر من كسب المزيد من المال.

لاحقًا، أتيت إلى هونغ كونغ، وهناك، كان بإمكاني أن أكسب في يوم واحد ما كان يستغرق مني شهرًا لأكسبه في مسقط رأسي. كنت أتطلع إلى امتلاك منزلي وسيارتي قبل فترة طويلة، وبسرعة كبيرة، وجدت وظيفة كنادلة في مطعم. للترويج لمنتجات المطعم الموسمية وكسب المزيد من العمولات، قضيت كل يوم في الترحيب بالزبائن بحماس، وفي بعض الأيام كنت مشغولة حتى عن تناول الطعام. مع مرور الوقت، تسبب نظامي الغذائي غير الطبيعي في إصابتي بمرض في المعدة. على الرغم من آلام المعدة الحادة التي شعرت بها، عندما كنت أرى زبائن قادمون، أضطر إلى تحمل الألم وتحيتهم بابتسامة. قبل مضي وقت طويل، رقاني رئيسي إلى مشرف دوام، وعلى الرغم من زيادة راتبي، زادت أعباء عملي كذلك. وبصرف النظر عن ضمان العناية المناسبة بالزبائن، كان عليّ أيضًا شحذ عقلي لإيجاد طرق لبناء علاقات معهم وإبقائهم سعداء، حتى يكونوا على استعداد للحضور إلى مطعمي وشراء منتجاته الموسمية. في كل ليلة، كنت أجر جسدي المنهك إلى المنزل. كان نمط الحياة مستنزفًا جسديًا وعقليًا، لكن في نهاية كل شهر، عندما كنت أتلقى رزمة كبيرة من الأوراق النقدية، كنت أشعر بأن كل المصاعب التي تحملتها تستحق العناء.

بعد عدة سنوات، قمت بتوفير بعض المال، وعلى الرغم من علمي أن أسعار المساكن في هونغ كونغ مرتفعة، إلا أنني اشتريت واحدًا على أي حال. بعد ذلك، صرت مثقلة بمدفوعات الرهن العقاري، وعملت بجد أكبر لكسب المال. كنت مرهَقة للغاية لدرجة أنه لم يكن لدي وقتًا لرعاية أولادي أو أسرتي، وكثيراً ما تعارك معي زوجي معي بسبب هذا الأمر، لكنني لم أهتم، لأنني لم أكن أعتقد أن ثمة شيء أكثر أهمية من جني المال. كل ما تعلمته هو كيفية العمل مثل الإنسان الآلي، أن أعمل بكل قوتي لأجني المال. تسببت سنوات العمل الشاق في معاناتي من عِرق النسا، وقد نصحني الطبيب بأخذ قسط من الراحة، لكن لأجني المزيد من المال، تحملت الألم واستمررت في العمل لمدة 12 ساعة في اليوم.

دَين غير متوقع يعيد كل شيء إلى المربع صفر

بينما كنت أستنزف نفسي يائسة من أجل المال، تلقيت فجأة وبشكل غير متوقع خطاب دَيْنٍ. لم يكن لدي أي فكرة أن زوجي كان يقامر مِن وراء ظهري طوال الوقت، وأنه راهن بالفعل على المنزل وخسر. كان الأمر أشبه بصاعقة البرق التي فاجأتني ودفعتني إلى الانهيار تمامًا. لم أتخيل أبدًا أنني تحملت الكثير من الألم، وحتى أمرضت نفسي، فقط لرؤية المنزل الذي عملت بجد يؤخذ مني. لقد أحبطت للغاية وأردت الموت. بعد أن فقدت منزلي، شعرت أنه لا يوجد أمل في الحياة. كان الأمر كما لو كنت قد تمزقت أوصالي تمامًا... على الرغم من أنني كنت لا أزال مشغولة يوميًا، إلا أنني شعرت وكأنني جثة بلا روح، وتزداد صحتي سوءًا فسوءًا، وتكررت آلام عرق النسا، وبدأت أعاني من الأرق. أصبحت حزينة للغاية، ولم يكن لدي أي رغبة في فعل أي شيء. خلال تلك الفترة، كثيرا ما سألت نفسي: لقد عملت بجد من أجل جني المال، وماذا جنيتُ باستثناء المرض؟ ولكن أليس المال هو ما يجب أن يعيش الناس من أجله؟ ما الذي يجب عليّ السعي وراءه إذا لم أسع للمال؟

‫مسيحي في مكان العمل

الإعلانات في كلمة الله سمحت لي برؤية الشرّ بوضوح في الاتجاهات الشيطانية

لم أعرف مَن يمكن أن أخبره عن متاعبي، أو كيف أواصل الحياة، وتلك كانت اللحظة التي وعظتني فيها إحدى زميلاتي بإنجيل الملكوت. خلال ذلك الوقت كان إخوتي وأخواتي كثيرًا ما يقرأون كلام الله معي، ويقدمون معي شركة عن مشيئة الله فيما يتعلق بصعوباتي. في أحد الاجتماعات، قرأت فقرة من كلام الله: "القول بأن "المال يجعل العالم يدور" هو فلسفة الشيطان، وهي فلسفة سائدة بين جميع البشر، وسط كلّ مجتمعٍ بشريّ. يمكنك القول بأنها اتّجاهٌ لأنها صارت مغروسةً في قلب كل واحد من الناس. لم يقبل الناس منذ البداية هذا القول، لكنهم قبلوه قبولًا ضمنيًا عندما تواصلوا مع الحياة الواقعيّة، وبدأوا في الشعور بأن هذه الكلمات صادقة في الحقيقة. ... إذًا، بعد أن يستخدم الشيطان هذا الاتّجاه لإفساد الناس، كيف يظهر فيهم؟ ألا تشعرون أنه لا يمكنكم البقاء في هذا العالم دون أيّ مالٍ، لدرجة أنه حتَّى لو كان يومًا واحدًا سيكون الأمر مستحيلاً؟ تستند مكانة الناس إلى مقدار المال الذي يملكونه مقابل احترام الآخرين لهم. تنحني ظهور الفقراء خجلاً في حين ينعم الأغنياء بمكانتهم الرفيعة. يقفون شامخين وفخورين ويتحدَّثون بصوتٍ عال ويعيشون بكبرياءَ. ما الذي ينقله هذا القول والاتّجاه للناس؟ ألا يرى الكثير من الناس أن الحصول على المال يستحقّ أيّة تكلفةٍ؟ ألا يُضحّي الكثير من الناس بكرامتهم ونزاهتهم في سبيل السعي وراء المزيد من المال؟ ... أليست هذه خسارةً للناس؟ (بلى). أليس الشيطان شرّيرًا لاستخدام هذه الطريقة وهذا القول لإفساد الإنسان إلى هذه الدرجة؟ أليست هذه خدعةً خبيثة؟

شاركتْ أختي: "من كلمات الله، يمكننا أن نرى أن العذاب الذي نعانيه في الحياة ناجم عن الاتجاهات الشيطانية الشريرة. لقد غمرتنا السموم الشيطانية مثل "المال يجعل العالم يدور" و"المال أولًا" و"المال ليس كل شيء، ولكن بدونه لا تستطيع أن تفعل شيئًا". نعتقد أن الناس سيحترموننا فقط إذا كان لدينا أموالًا، وعندما نحصل عليها، سنُحترم أينما حللنا، وبدون ذلك، فنحن أقل من الآخرين بطريقة أو بأخرى. لكي نعيش حياة تتفوق على حياة الآخرين، نجعل السعي وراء المال هدفنا مدى الحياة، ونعمل لأوقاتٍ إضافية وفي مهام إضافية، ونتجاهل حتى صحتنا. إن الطرق التي نكافح بها باستمرار لجني المال والعمل ليل نهار، وإساءة معاملة أجسادنا وإرهاقها، والعيش في شراكٍ لا تنحل من العذاب، دون أمل في التحرر، هي الأضرار التي تسببها اتجاهات الشيطان الشريرة. إنها في النهاية تهلكنا، ونحن لا ندرك ذلك... ".

بعد سماع كلمة الله وشركة أختي، تأثرت بعمق. تذكرتُ فقر عائلتي عندما كنت صغيرة، وكيف كان يرفض الأطفال الآخرون اللعب معي، وكيف نظر الجميع إلينا في القرية بدونية. في ذلك الوقت، اعتقدت أن كل هذه المشكلات نجمت من نقص المال. من أجل كسب المزيد من المال، تنازلت عن كل وقتي للراحة، وعملت لساعات إضافية وقمت بوظائف إضافية، ورفضت الراحة حتى عندما كنت مريضة، وحتى عندما ربحت أموالًا، كنت قد أصبتُ أيضًا بمجموعة من الأمراض، لكني ظللت أكسب المال كآلة. كنت أعيش في خدر، ولست سعيدة على الإطلاق. والأسوأ من ذلك أن كل ما عملت بجد لأجنيه كان زوجي قد فقده، الأمر الذي تركني في ألم وعذاب عميقين، وأشعر وكأن الموت أفضل من الحياة. هذا عندما أدركت فجأة أن السموم الشيطانية مثل "المال أولًا"، و"المال يجعل العالم يدور"، قد تم زرعها بالفعل بعمق في داخلي. لقد بدّلت أفكاري ووجهات نظري، وجعلتني أتابع اتجاهًا خاطئًا وأعذّب نفسي إلى درجة لا يمكن تصوّرها، وبدون الإعلانات في كلمة الله، لكنت مازلت لا أعرف أن أتوقف. عندما فكرت في هذه الأشياء، صليت إلى الله وتبت وعبّرت عن رغبتي في التوقف عن اتباع الاتجاهات الشريرة.

بعد ذلك، غالبًا ما حظيت باجتماعات وقرأت كلام الله مع إخوتي وأخواتي، مما سمح لي بالشعور بدرجة من التحرر في حياتي، وخطوة بخطوة، بدأت أخرج من عذابي. كان هذا كله بسبب محبة الله. تذكرتُ أنه في أكثر أوقاتي ألمًا، استخدم الله زميلتي ليحضرني أمامه، وسمح لي بأن أسمع صوته، وأظهر لي أصل عذابي في الحياة حتى أتمكن من الاستيقاظ. ألم يكن كل هذا محبة من الله؟ عندما فكرت في هذه الأشياء، قطعت عهدًا في قلبي: مهما كان انشغالي، لن أبتعد أبدًا عن الله، وسأسعى وراء الحق بدأب.

يتبع...

الجزء الثاني: الله حفظ لي من أغلال المال (2)

اترك رد