ولم يقتصر الأمر على عدم محاولة هؤلاء الناس الجهلة والمتعجرفين بذل قصارى جهدهم أو القيام بواجبهم، ولكن بدلاً من ذلك مدّوا أيديهم طالبين النعمة، كما لو أنهم يستحقون ما يطلبونه. وإذا فشلوا في الحصول على ما يطلبونه، يصبحون أكثر إلحادًا. كيف يمكن اعتبار هؤلاء الناس عقلاء؟ أنتم ذوو مقدرة ضعيفة ولا عقل لكم، ولا تستطيعون القيام بالواجب الذي عليكم القيام به أثناء عمل التدبير. لقد تدنّت فعلاً قيمتكم تدنيًّا كبيرًا. إن إخفاقكم في الرد بالمثل على استحساني الذي أظهرته لكم هو بالفعل عمل عصيان شديد، يكفي لإدانتكم وإظهار جبنكم، وعدم كفاءتكم، ودناءتكم وعدم أهليتكم. كيف يمكن أن تكونوا مؤهلين لإبقاء أيديكم ممدودة بعد؟ أنتم غير قادرين على تقديم أي مساعدة لعملي، وعاجزون عن الالتزام بإيمانكم، وغير قادرين على الشهادة لي. هذه بالفعل أخطاؤكم وإخفاقاتكم، ولكنكم بدلاً من ذلك، تهاجمونني، وتفترون علي، وتتذمّرون مني قائلين بأنني ظالم. أهكذا يكون إخلاصكم؟ أهكذا تكون محبتكم؟ ما الذي يمكنكم فعله بعد ولم تفعلوه؟ كيف تراكم ساهمتم في إتمام العمل كله؟ وكم تراكم أنفقتم؟ أنْ لا ألقي باللوم عليكم هو بالفعل أحد أعمال الرحمة العظيمة، ومع ذلك لا زلتم تقدمون لي الأعذار بلا خجل وتتذمّرون مني في الخفاء. هل لديكم أدنى مسحة من الإنسانية؟ مع أن واجب الإنسان قد أتلفه عقلُ الإنسان ومفاهيمه، إلا أن عليك القيام بواجبك والالتزام بإيمانك. إن الشوائب في عمل الإنسان هي مسألة تتعلق بمقدرته، في حين أنه إذا لم يقم الإنسان بواجبه، فهذا يُظهر عصيانه. لا توجد علاقة بين واجب الإنسان وما إذا كان مباركًا أو ملعونًا. على الإنسان أن يؤدي واجبه. إنه واجبه الملزم ويجب ألا يعتمد على التعويض أو الظروف أو الأسباب. عندها فقط يكون عاملاً بواجبه. يتمتع الإنسان المبارَك بالخير عندما يُكمَّل بعد الدينونة. يتلقى الإنسان الملعون العقاب عندما تبقى شخصيته من دون تغيير بعد التوبيخ والدينونة، بمعنى أنه لن يُكَمَّل. يجب على الإنسان ككائن مخلوق أن يقوم بواجبه، وأن يفعل ما يجب عليه فعله، وأن يفعل ما يستطيع فعله، بغض النظر عما إذا كان سيُلعَن أو سيُبَارَك. هذا هو الشرط الأساسي للإنسان الذي يبحث عن الله. يجب ألا تقوم بواجبك لتتبارك فحسب، وعليك ألا ترفض إتمامه خوفًا من أن تُلعَن. اسمحوا لي أن أقول لكم هذا الأمر: إذا كان الإنسان قادرًا على إتمام واجبه، فهذا يعني أنه يقوم بما عليه القيامُ به. وإذا كان الإنسان غير قادر على القيام بواجبه، فهذا يُظهِرُ عصيانه. ودائمًا من خلال عملية إتمام واجبه يتغيّر الإنسان تدريجيًا، ومن خلال هذه العملية يُظهِرُ إخلاصه. وهكذا، كلما تمكنتَ من القيام بواجبك، حصلتَ على مزيد من الحقائق، ويصبح تعبيرك كذلك أكثر واقعية. أما أولئك الذين يتقاعسون عن القيام بواجبهم ولا يبحثون عن الحق فسيُبادون في النهاية، لأن هؤلاء الناس لا يقومون بواجبهم في ممارسة الحق، ولا يمارسونه في إتمام واجبهم. هؤلاء الناس هم الذين يبقون على حالهم وسوف يُلعَنون. فما يظهرونه ليس نجسًا فحسب، إنما الشرّ هو ما يعبّرون عنه.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. وجه الاختلاف بين خدمة الله المتجسِّد وواجب الإنسان