ما الذي تسعَوْن إليه الآن؟ إلى أن يكمّلكم الله، وأن تعرفوا الله، وأن تنالوا الله، أو لعلكم تسعون للتصرف بطريقة بطرس التسعيني، أو أن يكون لديكم إيمان أكبر من إيمان أيوب، أو لعلكم تسعون لأن تُدعوا صالحين من قبل الله وتَصِلوا إلى أمام عرش الله، أو أن تتمكنوا من إظهار الله على الأرض وتقدّموا شهادة قوية ومدوية لله. وبغض النظر عما تسعون إليه، فأنتم تسعون عمومًا لكي يخلّصكم الله. سواء كنت تسعى إلى أن تكون شخصًا صالحًا، أو تسعى إلى أن تكون على مثال بطرس، أو إيمان أيوب، أو نيل الكمال من الله، فهو كله عمل الله على الإنسان. وبعبارة أخرى، بغض النظر عما تسعى إليه، فهو كله من أجل أن يمنحك الله الكمال، وهو كله من أجل أن تختبر كلمة الله، ولإرضاء قلب الله؛ ومهما سعيت إليه فهو كله من أجل اكتشاف بهاء الله، وللبحث عن مسار للممارسة في تجربة حقيقية بهدف أن تتمكن من التخلي عن شخصيتك المتمردة، وإرساء حالة طبيعية في داخلك، وأن تكون قادرًا على الامتثال لمشيئة الله تمامًا، وأن تصبح شخصًا مستقيمًا، وأن يكون لديك دافع سليم في كل ما تفعله. إن السبب الذي من أجله تختبر كل هذه الأمور هو التوصل إلى معرفة الله وإنجاز نمو الحياة. وعلى الرغم من أن ما تختبره هو كلمة الله، وما واجهته هو أحداث واقعية، والناس، ومسائل وأمور موجودة في محيطك، فأنت في النهاية قادر على أن تعرف الله وأن تحظى بالكمال من الله. ولكي تسعى لسلوك مسار شخص بارّ أو لتطبيق كلمة الله، هذا هو المسار، أمّا معرفة الله والكمال من الله فهما الغاية. وسواء كنت تسعى الآن إلى الكمال من الله، أو أن تكون شاهدًا لله، فهذا كله في نهاية المطاف يرمي لمعرفة الله، حتى لا يكون العمل الذي يقوم به فيك عبثًا، وحتى تتوصل أخيرًا إلى معرفة حقيقة الله، ومعرفة عظمته، وأكثر حتى تعرف تواضع الله واحتجابه، وأن تعرف مقدار العمل الكثير الذي يقوم به الله فيك. لقد تواضع الله إلى حد أنه يقوم بعمله في هؤلاء الأشخاص القذرين والفاسدين، ومنح الكمال لهذه المجموعة من الأشخاص. لم يتجسّد الله ليعيش ويأكل بين الناس ويرعاهم ويوفر لهم ما يحتاجون إليه بل الأهم من ذلك هو أنه يقوم بعمله العظيم المتمثل في الخلاص وإخضاع هؤلاء الفاسدين الذين لا يُطاقون. جاء إلى قلب التنين العظيم الأحمر ليخلّص هؤلاء الأشخاص الأكثر فسادًا، حتى يتغير ويتجدد جميع الناس. فالمشقة الهائلة التي يتحملها الله ليست هي المشقة التي يتحملها الله المتجسّد فحسب، إنما هي على الأغلب معاناة روح الله من الإذلال الشديد – فهو يتواضع ويخفي نفسه كثيرًا حتى يصبح شخصًا عاديًا. تجسّد الله واتخذ شكل الجسد ليرى الناسُ أن لديه حياة إنسان عادي، وأن لديه احتياجات الإنسان العادي. هذا يكفي لإثبات أن الله قد أذل نفسه بدرجة كبيرة. ويتحقق "روح الله" في الجسد؛ فروحه عالٍ وعظيم للغاية، إلا أنه يأخذ شكل إنسان عادي، إنسان متواضع ليقوم بعمل روحه. تبين مكانة كل واحد منكم وبصيرته وإحساسه وإنسانيته وحياته أنكم غير جديرين حقًا بأن تقبلوا هذا النوع من عمل الله. أنتم في الواقع غير جديرين بأن تَدَعوا الله يتحمل مشقة كهذه من أجلكم؛ فالله عظيم جدًا، وهو سامٍ للغاية، والناس أشرار ووضيعون، لكنه مع ذلك لا يزال يعمل عليهم. لم يتجسّد ليقوم بأوَد الناس، ويتحدث مع الناس فحسب، بل إنه يعيش جنبًا إلى جنب مع الناس. الله متواضع للغاية، ومحبوب للغاية. إن ذرفت الدموع وتلفظت بتسبيح عظيم حالما تُذكر محبة الله، وحالما تُذكر نعمة الله، إن تمكنت من الوصول إلى هذه الحالة، عندها ستكون لديك معرفة حقيقية بالله.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. يمكن فقط لأولئك الذين يركزون على الممارسة أن يكونوا كاملين