عندما يأتي الله إلى الأرض، يقوم فقط بعمله في اللاهوت. هذا هو ما ائتمن الروح السماوي الله المتجسد عليه. عندما يأتي، يذهب فقط ليتحدث في كل مكان، ويقول أقواله بطرق مختلفة ومن وجهات نظر مختلفة. هو يأخذ معونة الإنسان وتعليمه كأهداف رئيسية له ومبدأ عمل، ولا يشغل نفسه بأمور مثل العلاقات الشخصية أو تفاصيل حياة الناس. خدمته الرئيسية هي التكلم من أجل الروح. عندما يظهر روح الله في جسد ملموس، فإنه يعين حياة الإنسان ويعلن الحق. هو لا يتورط في عمل الإنسان، أي، أنه لا يشارك في عمل البشرية. لا يمكن للبشر القيام بالعمل الإلهي، ولا يشترك الله في العمل البشري. في كل السنوات منذ أن جاء الله إلى هذه الأرض ليقوم بعمله، كان يقوم به دائمًا من خلال الناس. لكن هؤلاء الناس لا يمكن اعتبارهم الله المتجسد، بل هم فقط أناس استخدمهم الله. لكن إله اليوم يمكنه أن يتحدث مباشرةً من منظوره الإلهي، ويرسل صوت روحه ويعمل نيابةً عن الروح. كل أولئك الناس الذين استخدمهم الله عبر العصور هم بالمثل حالات لعمل روح الله داخل جسد متجسد، فلماذا لا يمكن تسميتهم الله؟ لكن إله اليوم هو أيضًا روح الله العامل مباشرةً في الجسد، ويسوع أيضًا كان روح الله العامل في الجسد؛ كلاهما يُدعى الله. فما الفرق إذًا؟ على مر العصور، الناس الذين استخدمهم الله قادرون على التفكير والمنطق الطبيعي. جميعهم يعرفون مبادئ السلوك البشري. لديهم أفكار بشرية عادية، وهم مؤهلون بكل الأمور التي ينبغي على الناس العادية أن تكون مؤهلة بها. معظمهم لديهم موهبة استثنائية وذكاء فطري. في العمل على هؤلاء الناس، يستخدم روح الله مواهبهم التي هي عطايا من الله. يوظف روح الله مواهبهم ويستخدم نقاط قوتهم في خدمة الله. مع ذلك جوهر الله يخلو من الأفكار والمعتقدات وغير ملوث بنوايا بشرية، بل ويفتقر إلى مؤهلات البشر العاديين. أي أنه حتى غير ملم بمبادئ السلوك البشري. هكذا يكون الأمر عندما يأتي إله اليوم للأرض. عمله وكلماته لا تشوبها النوايا والفكر البشري، بل هي إظهار مباشر لمقاصد الروح، وهو يعمل مباشرةً نيابةً عن الله. هذا يعني أن الروح يأتي للعمل، دون أن يختلط ولو بنية واحدة من نوايا الإنسان. أي أن الله المتجسد يجسد اللاهوت مباشرةً، وهو بلا معتقدات أو أفكار بشرية، ولا يفهم مبادئ السلوك البشري. لو كان اللاهوت فقط هو الذي يعمل (أي لو كان الله فقط يعمل بنفسه)، لما كانت هناك طريقة لتنفيذ عمل الله على الأرض. لذلك عندما يأتي الله على الأرض، ينبغي أن يكون له عدد صغير من الناس الذين يستخدمهم للعمل داخل البشرية ارتباطًا بالعمل الذي يقوم به الله في اللاهوت. بمعنى آخر، إنه يستخدم العمل البشري ليدعم عمله اللاهوتي. وإلا لما كانت هناك طريقة للإنسان ليتواصل مباشرةً مع عمل اللاهوت. هكذا كان الأمر مع يسوع وتلاميذه. أثناء زمانه في العالم، ألغى يسوع الشرائع القديمة وأسس وصايا جديدة. قال أيضًا العديد من الكلمات. هذا كله كان يتم في اللاهوت. الآخرون، مثل بطرس وبولس ويوحنا، أرسوا جميعًا عملهم التالي على أساس كلمات يسوع. أي أن الله كان ينشر عمله في ذلك العصر ويستهل بداية عصر النعمة؛ أي أنه جاء بحُقبَة جديدة وألغى القديمة وأيضًا تمم الكلمات القائلة بأن "الله هو البداية والنهاية". بمعنى آخر، يجب على الإنسان أن يقوم بالعمل الإنساني على أساس العمل اللاهوتي. بعدما قال يسوع كل ما يحتاج أن يقوله وأنهى عمله على الأرض، غادر البشر. بعد ذلك، قام كل البشر، في العمل، بنفس الشيء وفقًا للمبادئ المُعبَّر عنها في كلماته، ومارسوا وفقًا للحقائق التي قالها. كان هؤلاء هم كل البشر العاملين مع يسوع. لو كان يسوع وحده هو من يقوم بالعمل، بغض النظر عن كم الكلمات التي قالها، لما استطاع الناس إلى الآن التواصل مع كلماته، لأنه كان يعمل في اللاهوت وقال فقط كلمات اللاهوت، ولم يستطع أن يشرح الأمور إلى الدرجة التي يمكن للناس العاديين فهم كلماته من خلالها. وعليه كان ينبغي أن يكون له رسل وأنبياء يأتون بعد إكماله لعمله. هذا هو المبدأ الذي يعمل به الله المتجسد – مُستخدمًا الجسد المتجسد ليتكلم ويعمل لإكمال عمل اللاهوت، وبعد ذلك يستخدم القليل، أو ربما المزيد، من الناس الذين هم بحسب قلب الله لإكمال عمله. أي أن الله يستخدم أناسًا على حسب قلبه ليقوموا بعمل الرعاية في البشرية حتى يستطيع كل الناس بلوغ الحق.
لو، في صيرورته جسدًا، قام الله فقط بعمل اللاهوت دون أن يحصل إضافةً على القليل من الناس الذين هم بحسب قلب الله ليعملوا معه، لما كانت هناك طريقة للإنسان كي يفهم مشيئة الله أو يتواصل معه. يجب أن يستخدم الله أُناسًا عاديين بحسب قلبه لإكمال هذا العمل، وحراسة ورعاية الكنائس، للوصول إلى مستوى يمكن لعمليات الإنسان المعرفية وعقله مجاراته. بمعنى آخر يستخدم الله عددًا من الناس الذين على حسب قلبه "لترجمة" العمل الذي يقوم به داخل لاهوته، لكي يكون مُعلنًا، أي يتحول من اللغة الإلهية إلى لغة بشرية، لكي تستطيع الناس أن تفهمه كله وتستوعبه. لو لم يفعل الله هذا، لما استطاع أحد أن يفهم لغة الله اللاهوتية، لأن الناس الذين على حسب قلبه، هم، في المقام الأول، أقلية صغيرة، وقدرة الإنسان على الاستيعاب ضعيفة. لهذا يختار الله هذه الطريقة فقط حين يعمل في الجسد المتجسد. لو كان هناك فقط العمل اللاهوتي، لما كانت هناك وسيلة تجعل الإنسان يفهم الله أو يتواصل معه، لأن الإنسان لا يفهم لغة الله. الإنسان قادر على فهم هذه اللغة فقط من خلال وساطة الناس الذين هم على حسب قلب الله والذين يوضحون كلماته. مع ذلك، لو كان هناك فقط أولئك الناس الذين يعملون داخل الطبيعة البشرية، لكان العمل حافظ فقط على حياة الإنسان الطبيعية؛ ولما استطاع تغيير شخصيته. ولما أمكن أن تكون هناك نقطة بداية لعمل الله؛ كانت ستبقى نفس الأغاني القديمة، ونفس التفاهات القديمة. فقط من خلال وساطة الله المتجسد، الذي يقول كل ما ينبغي أن يُقال ويفعل كل ما ينبغي أن يُفعل أثناء فترة تجسده، التي بعدها يعمل الناس ويختبرون وفقًا لكلماته، أمكن لشخصية حياتهم أن تصير قادرة على التغير وصاروا قادرين على التماشي مع الأزمنة. إن من يعمل داخل اللاهوت يمثل الله، بينما أولئك الذين يعملون داخل الطبيعة البشرية هم أناس يستخدمهم الله. هذا يعني أن الله المتجسد مختلف جوهريًّا عن الناس الذين يستخدمهم الله. الله المتجسد قادر على القيام بعمل اللاهوت، بينما الناس الذين يستخدمهم الله ليسوا كذلك. في بداية كل عصر، يتحدث روح الله شخصيًّا ليفتتح العصر الجديد ويأتي بالإنسان إلى بداية جديدة. عندما ينتهي من التحدث، فهذا يشير إلى أن عمل الله في إطار اللاهوت قد انتهى. لذلك، يتبع كل الناس قيادة أولئك الذين يستخدمهم الله للدخول في خبرتهم الحياتية. وبنفس الرمزية، هذه أيضًا المرحلة التي يأتي الله فيها بالإنسان إلى عصر جديد ويعطي كل شخص نقطة بداية جديدة. بهذا يُختتم عمل الله في الجسد.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الاختلاف الجوهري بين الله المتجسد وبين الأناس الذين يستخدمهم الله